أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يرفضون الاستسلام رغم مرور أربع سنوات دون نتائج

بيروت - يرفض أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت رمي المنديل أو الاستسلام، رغم مرور أربع سنوات على الحادثة التي هزت لبنان، والتي لم يكشف بعد عن ملابساتها، والأطراف المتسببة فيها.
ووقع الانفجار في الرابع من أغسطس 2020، وأودى بحياة أكثر من 215 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف و500 آخرين. كما ألحق أضرارا بقرابة 50 ألف وحدة سكنية، وقُدرت خسائره المادية بنحو 15 مليار دولار.
وعزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه، في المرفأ الذي جرى فيه تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم دون إجراءات وقائية.
ووسط عرقلة التحقيقات، يواصل أهالي ضحايا الانفجار الذين نفذوا سابقا عدة مسيرات في الشارع، تمسّكهم بـ”مسيرة العدالة والمحاسبة رافضين الاستسلام”.
وكشفت المحامية سيسيل روكز، شقيقة الضحية جوزيف روكز، أن “التحقيقات متوقفة منذ ديسمبر 2021، أي منذ أكثر من ثلاث سنوات”.
وأوضحت روكز أن انفجار مرفأ بيروت “جريمة كبيرة طالت أبناء بلدنا، ونحن مصّرون على متابعة المطالبة بحقنا وحق الضحايا”، مشيرة إلى أن تحركاتهم لمنع تغيير مسار الملف مستمرة.
وقالت روكز إن “سيادة القانون تعني أهمية حصول تحقيق وطني محلي، لكن قوبلنا بإفلات من العقاب وتهديد بحرب أهلية”.
وأكدت أن “الأمور السياسية في لبنان تعطل التحقيقات ولا يمكن أن يبقى الملف غامضا إلى الأبد”.
وتوقف التحقيق بالقضية منذ ديسمبر 2021، عقب رفع أكثر من 45 دعوى ضد قاضي التحقيق طارق بيطار، قدمها سياسيون ومسؤولون مدعى عليهم بالقضية، مستغلين مادة قانونية في أصول المحاكمات تجّمد عمل قاضي التحقيق بحال التشكيك بأدائه من جهة المدعى عليه.
وفي يناير 2023، حاول بيطار استئناف التحقيق، حيث أخلى سبيل خمس موقوفين بالقضية، وادعى على ثمانية أشخاص جدد “بجرائم القتل (…) معطوفة على القصد الاحتمالي”، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات، حينها قرر عويدات ملاحقة بيطار قضائيا بتهمة “التمرد على القضاء واغتصاب السلطة”.
ولم يتحرك الملف منذ تعيين النائب العام التمييزي الجديد جمال الحجار، في فبراير 2024، خلفا لعويدات الذي أحيل إلى التقاعد.
وتحدث العضو في مجلس النواب ملحم خلف عن معوقات داخلية وخارجية تقف بوجه تحقيقات مرفأ بيروت.
وقال إن الملف أصبح محل “وجهة نظر للأطراف السياسية دون احترام لعمل القضاء”، مشددا على “ضرورة الضغط على الدولة لتمكين القضاء من متابعة التحقيق، وإلا سنكون أمام نهج التعالي على القضاء”.
وأضاف خلف “عدم قيام النيابة العامة التمييزية بدورها هو أحد أسباب تعطيل التحقيق، لذا يجب تفعيل دورها بتوجيه التحقيق”.
ولفت إلى وجود “استغلال للطرق القانونية بشكل يسمح للمشتبه بهم بتعطيل المسار القضائي من خلال التعسف باستعمال الطرق الإجرائية التي تعطل وتعرقل التحقيق”.
وإلى جانب العراقيل الداخلية، أوضح خلف أن هناك “عدم تعاون من القوى الخارجية التي يمكنها الوصول إلى الأقمار الاصطناعية مع لبنان، مع عدم تلبية طلب المحقق العدلي بالحصول على صور من الأقمار يوم الرابع من أغسطس عند تمام الساعة 06:07 بالتوقيت المحلي (03:07 ت.غ)”.
ودعا النائب اللبناني إلى تكرار طلب الحصول على صور من الأقمار الاصطناعية، منوها بأنه “لم تقم أي دولة بمساعدة لبنان والقضاء للحصول على ذلك”، رغم تقديم طلب إلى 13 دولة تمتلك أقمارا اصطناعية فوق بيروت.
وأكد أن “القضاء هو المختص بالنظر في هذا الملف، لكن طلبنا إلى جانبه مساعدة خبرات دولية بالتحقيق، فأتت بعض الوفود ووضعت تقريرا تبيّن أنه مستند إلى معلومات حصل عليها من الضابطة العدلية اللبنانية، دون القيام بأي عمل مستقل”.
في يناير 2023 حاول بيطار استئناف التحقيق حيث أخلى سبيل خمس موقوفين بالقضية وادعى على ثمانية أشخاص جدد بجرائم القتل
وشدد على وجوب رفع معوقات التحقيق، مشيرا أن “الملف قضائي، لذا يجب رفع يد السياسيين كافة عنه”.
وتتزامن ذكرى انفجار مرفأ بيروت هذا العام مع توتر ومخاوف من تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل.
ومنذ الثامن من أكتوبر 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان مع إسرائيل قصفا يوميا عبر “الخط الأزرق” الفاصل، خلّف مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني، فضلا عن عشرات الآلاف من النازحين.
وقالت المحامية روكز “نحتاج إلى مجهود أكبر من المجتمع الدولي تجاه التحقيقات، لكن بسبب حرب غزة لم تعد الأمور تُتابع كما كانت”.
ودعت روكز الشعب إلى المشاركة في فعاليات خاصة بالذكرى الرابعة لانفجار المرفأ والتي دعا إليها أهالي الضحايا للمطالبة بالعدالة.
وأضافت “بلدنا بحاجة إلى مواطنيه الذين يجب أن يعبروا عن كرامتهم، ولن نتوقف عن المطالبة بالحقيقة”.
وقال البرلماني خلف “لا يمكن ربط العدالة أو تبرير الإفلات منها بالحرب القائمة على الحدود الجنوبية والانتهاكات التي تطال المدنيين، ولا يجب خلط الأمور والمفاهيم ببعضها البعض”.