أنور قرقاش: الإمارات لن تنحاز إلى أي طرف في صراع القوى العظمى

المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات يؤكد أن من المبادئ الأساسية للشيخ محمد بن زايد عدم المساس تحت أي ظرف من الظروف بسيادة الدولة وأن تكون الأولوية لمصالحها.
الاثنين 2022/11/14
الإمارات منفتحة على الشرق والغرب على حد السواء

أبوظبي – أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة الخليجية أنور قرقاش أن الإمارات العربية المتحدة ملتزمة بمبادئ أساسية في سياستها الخارجية، وليست لها مصلحة في "اختيار جانب" بين القوى العظمى.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تجد واشنطن وأبوظبي نفسيهما على طرفي نقيض بشأن قرار منظمة "أوبك+" خفض إنتاج النفط والموقف من العلاقات مع موسكو.

وقال قرقاش لخبراء ومحللين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي لمناظرات أبوظبي الإستراتيجية، الذي ينظّمه مركز الإمارات للسياسات، "لا مصلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة في الاختيار بين القوى العظمى".

وأضاف "من المبادئ الأساسية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عدم المساس تحت أي ظرف من الظروف بسيادة الإمارات، وأن تكون الأولوية لمصالح دولة الإمارات".

وأثارت منظمة أوبك المكونة من 13 دولة، والتي تعتبر الإمارات عضوا رئيسيا فيها، وحلفاؤها العشرة برئاسة روسيا، غضب واشنطن بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا مؤخرا، بعدما كانت إدارة جو بايدن تأمل في انخفاض الأسعار.

واتهمت واشنطن الدول المنتجة للنفط بمنح موسكو شريان حياة اقتصاديا، لكن الإمارات التي شهدت علاقاتها السياسية والاقتصادية نموا مع موسكو في وقت تسعى واشنطن إلى خنق الاقتصاد الروسي، أصرّت على أن خفض الإنتاج لم يكن لدوافع سياسية ضد الولايات المتحدة.

وقال قرقاش الذي شغل في السابق منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية "نرحّب بالمشاركة البناءة للقوى العالمية الأخرى في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".

وتابع أن بلاده "لا تعتمد على دولة أو دولتين فقط من أجل ازدهارنا الاقتصادي وأمننا. تتجه العلاقات التجارية بشكل متزايد إلى الشرق، بينما تتجه علاقاتنا الأمنية والاستثمارية الأساسية إلى الغرب"، مضيفا "هذا الوضع قد يتطور بمرور الوقت".

ولطالما كان يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها مصدر الحماية الأهم لدول الخليج الغنية في منطقة الشرق الأوسط، التي تمزقّها الصراعات. وتستضيف الإمارات حاليا قرابة 5000 جندي أميركي في قاعدة الظفرة الجوية في أبوظبي، وسفنا حربية أميركية في ميناء جبل علي في دبي.

وعلى مر السنين، وافقت الولايات المتحدة على بيع الإمارات العربية المتحدة البعض من معداتها العسكرية "الأكثر تطورا وفتكا"، بما في ذلك الطائرات دون طيار أم.كا - 9 والطائرات المقاتلة المتقدمة من طراز أف - 35، وهو امتياز لا يُمنح لأي دولة عربية أخرى.

وأصرّ قرقاش على أن "العلاقة الأمنية الإستراتيجية الأساسية لأبوظبي تظلّ بشكل لا لبس فيه مع الولايات المتحدة"، لكنه دعا إلى التزامات أوضح من الجانب الأميركي.

وقال "هذه الشراكة بين دولتين ذواتي سيادة (..) يمكننا الاستمرار في تقديرها بشكل كبير، ومع ذلك فمن الضروري أن نجد طريقة لضمان أنه يمكننا الاعتماد على هذه العلاقة لعقود قادمة (..) من خلال التزامات واضحة".

ويرى مراقبون أن التصعيد الأميركي ضد كارتل أوبك+، وخصوصا السعودية، لا يخلو من اعتبارات انتخابية في علاقة بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وستخف وطأته بمجرد انتهاء الاستحقاق، حيث تدرك واشنطن أن مصالحها تفرض عليها عدم الذهاب بعيدا في أي تصعيد، خصوصا وأن الإمارات تملك العديد من الخيارات كتوثيق الروابط مع الشرق (الصين).

وعززت الصين في السنوات الأخيرة من علاقاتها مع دول مجلس التعاون، ولاسيما مع الإمارات والسعودية وعُمان، في خطوة أثارت انزعاج الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة لاحتواء النفوذ الصيني المتصاعد على الصعيد الدولي.

وتقول أوساط سياسية إن السياسات الأميركية نفسها ساهمت بشكل كبير في فتح المجال أمام تطور العلاقات الخليجية – الصينية، وأنه سيكون من الصعب على إدارة بايدن حاليا "إعادة عقارب الساعة إلى الوراء"، لاسيما مع التحول المسجل في السياسة الخارجية لدول الخليج، وخصوصا الإمارات والسعودية، والتي تقوم على قاعدة تنويع الشركاء.