أنقرة تكشف عن دورها في عدم تدخل موسكو وطهران لإنقاذ الأسد

أنقرة - أكد وزير الخارجية التركي الجمعة أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكريا في سوريا خلال هجوم الفصائل المعارضة الذي أدى إلى إسقاط الرئيس السابق بشار الأسد الأحد الماضي، معلن أن القضاء على الجماعات الكردية السورية المدعومة من الولايات المتحدة هو "الهدف الاستراتيجي" لبلاده، ودعا أعضاءها إلى مغادرة سوريا أو إلقاء السلاح.
وخلال سنوات الصراع التي استمرت منذ عام 2011 وحتى سقوطه، دعمت روسيا وإيران نظام بشار الأسد، وتدخلتا للحيلولة دون الإطاحة به مع تداعي نظامه عام 2012.
وقال هاكان فيدان في مقابلة مباشرة عرضتها قناة "إن تي في" التركية الخاصة إن "الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكريا في المعادلة. تحدثنا إلى الروس والإيرانيين وقد تفهموا".
وأضاف "بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر في الأرواح، جهدنا لتحقيق الهدف من دون سفك دماء عبر مواصلة مفاوضات محددة الهدف مع لاعبَين اثنين مهمين قادرين على استخدام القوة".
واعتبر الوزير التركي أنه لو تلقّى الأسد دعم روسيا وايران، لكان "انتصار المعارضة استغرق وقتا طويلا، وكان هذا الأمر سيكون دمويا".
وقال أيضا "لكنّ الروس والإيرانيين رأوا أنّ هذا الأمر لم يعد له أيّ معنى. الرجل الذي استثمروا فيه لم يعد رجلا (يستحق) الاستثمار. فضلا عن ذلك، فإن الظروف في المنطقة وكذلك الظروف في العالم لم تعد هي نفسها".
ولم تؤكد أو تنفي كل من موسكو وطهران ما أشار إليه الوزير التركي بشأن تدخل أنقرة للحيلولة دون مساعدة نظام الأسد قبل سقوطه.
وإثر هجوم استمر أحد عشر يوما، تمكنت الفصائل السورية المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الأحد من إسقاط الأسد الذي فر إلى روسيا مع عائلته، بحسب وكالات الأنباء الروسية.
وقد أبدت دول عدة، ولا سيما في المنطقة، قلقا حيال هيئة تحرير الشام، وهي منظمة إسلامية ما زالت تصنفها دول غربية إرهابية رغم فك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
واعتبر فيدان أن من "الطبيعي تماما" أن تكون هناك "مخاوف" كهذه حيال هيئة تحرير الشام، لكنه قال إنه "يجب إيجاد حل" لها. وأضاف "لا أحد يعرفهم أفضل منا، نحن نريد سوريا بلا إرهاب (...) لا تشكل تهديدا لدول المنطقة".
وأوضح الوزير أنه بوجود خطوط اتصال مفتوحة مع هيئة تحرير الشام، فإن تركيا تنقل هذه المخاوف مباشرة إلى الهيئة. وقال "نحن ننقلها إلى إدارة دمشق. ونقول لهم: إن تركيا التي تدعمكم منذ سنوات، وكذلك العالم، يتوقعان منكم ذلك (...) إن واجبنا والاختبار (الموجود أمامهم) هو الاستجابة لهذه المخاوف".
من جهة أخرى، قال فيدان إن السفارة التركية في دمشق ستستأنف عملها السبت، بعد إغلاق طويل منذ عام 2012، مضيفا أن الوفد الدبلوماسي توجه إلى سوريا.
وأعلنت وكالة "الأناضول" الحكومية، أنه تم تعيين برهان كور أوغلو قائماً جديداً بالأعمال في السفارة التركية.
وأضاف فيدان خلال المقابلة التلفزيونية "نريد رؤية سوريا خالية من الإرهاب ولا تلقى الأقليات فيها معاملة سيئة. نريد حكومة شاملة في سوريا".
وذكر الوزير أن عدد السوريين العائدين إلى بلادهم من تركيا سيزيد تدريجيا مع استقرار سوريا.
وقال فيدان أيضا إن القضاء على وحدات حماية الشعب هدف استراتيجي لتركيا.
وقال "يجب على أعضاء وحدات حماية الشعب غير السوريين مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن. يجب على مستوى القيادة بوحدات حماية الشعب بأكمله مغادرة البلاد أيضا. بعد ذلك، يجب على من يبقوا أن يلقوا أسلحتهم ويواصلوا حياتهم".
زدعا فيدان أيضا حكام سوريا الجدد، المعارضة المسلحة التي اجتاحت دمشق والمدعومة من أنقرة، إلى عدم الاعتراف بالميليشيا، المعروفة باسم "وحدات حماية الشعب".
ووحدات حماية الشعب عنصر رئيسي في القوات المتحالفة مع الولايات المتحدة ضمن تحالف لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. وتقول تركيا إن وحدات حماية الشعب جماعة إرهابية تربطها صلات وثيقة بحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل الدولة التركية منذ 40 عاما.
وأشار الوزير التركي إلى أنهم أبلغوا إسرائيل بضرورة الابتعاد عن استفزازاتها باحتلال أراضٍ في الجولان السوري، وخطورة هذه الاستراتيجية.
ولفت إلى أن إسرائيل طورت استراتيجية تهدف إلى تدمير القدرات والإمكانات التي تمتلكها الإدارة السورية الجديدة.
وحذّر فيدان، إسرائيل قائلاً "أعتقد أن هذه الاستراتيجية خطيرة للغاية، وقد تؤدي إلى استفزازات كبيرة. يبدو أنهم (الإسرائيليون) يتجاهلون هذا الخطر، فالأمور قد لا تسير بسلاسة كما يظنون".
وأضاف "من أجل هذا أبلغناهم بوضوح توقفوا عن الاستفزازات، وتوقفوا عن قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة السورية".
وأشار إلى أن إسرائيل تريد فتح مجال في سوريا لشن عمليات جوية وبرية في "أي وقت ترغب به"، مبينا أنها "خطة عسكرية إسرائيلية".