أنقرة تقابل دعم واشنطن للأكراد بنشر معلومات حساسة عن قواتها في سوريا

الجمعة 2017/07/21
استفزاز تركي

واشنطن – بدا أن تركيا قبلت ظاهرا بالدعم العسكري الأميركي لأكراد سوريا كأمر واقع، لكن واشنطن فوجئت بإقدام وكالة تركية على نشر معطيات تفصيلية عن وجود القوات الخاصة الأميركية في سوريا، ما اعتبره خبراء انتقاما عسكريا من نوع خاص، أي وضع معطيات أمنية حساسة في أيدي داعش الذي يخوض حربا ضد الأكراد وكلاء واشنطن في الرقة، ما يعرض القوات الأميركية للخطر.

وأعربت الولايات المتحدة عن غضبها الأربعاء بعد كشف وكالة أنباء الأناضول الحكومية التركية مواقع تتمركز فيها القوات الخاصة الأميركية والفرنسية في شمال سوريا، محذرة من أن هذه الخطوة تعرض سلامة الجنود للخطر.

والاثنين نشرت الأناضول تقريرا يتضمن تفاصيل عن مكان وجود عشر منشآت عسكرية أميركية ويكشف أيضا عدد عناصر القوات الخاصة الموجودين في البعض منها.

ووفقا للوكالة التركية، هناك 200 جندي أميركي و75 جنديا فرنسيا من القوات الخاصة منتشرين في موقع متقدم يقع شمال الرقة على بعد 30 كيلومترا من المدينة التي أعلنها تنظيم داعش عاصمة لدولة الخلافة.

واعتبر المتحدث باسم البنتاغون أدريان رانكين-غالواي أن الكشف عن هذه المعلومات السرية يعرّض قوات التحالف لـ”مخاطر لا لزوم لها”.

وقال “سنشعر بقلق شديد إذا أقدم مسؤولون في بلد حليف عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي على وضع جنودنا في خطر بشكل متعمد من خلال نشر معلومات سرية”.

وأضاف “أبلغنا قلقنا إلى الحكومة التركية”، رافضا التعليق على مدى دقة المعلومات التي كشفتها الأناضول.

أرون ستين: من المحتمل وقوف أنقرة وراء تسريب المواقع الأميركية كوسيلة للانتقام

وتُستخدم تلك المنشآت العسكرية العشر (مطاران وثمانية مواقع متقدمة) لتوفير الدعم لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وجناحه المسلّح وحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها أنقرة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

ونفت سلطات أنقرة الخميس أي علاقة بمعلومات ذكرتها وكالة أنباء “الأناضول” الموالية للحكومة كشفت مواقع تمركز القوات الخاصة الأميركية في سوريا، الأمر الذي أثار غضب البنتاغون.

وأكد إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحافي أن “الأمر لا يتعلق بمعلومات صادرة عن حكومتنا ولا بأي شكل من أشكال التسريب”.

وأضاف أن “وكالة الأناضول حصلت على معلوماتها من شبكة مصادرها الخاصة ولم نعلم بالمقال إلا بعد نشره”.

ولم يستغرب محللون النفي التركي كإجراء روتيني في مثل هذه المواقف، لكنهم اعتبروا أن دوائر تركيا غاضبة على موقف الولايات المتحدة من الأكراد هي على الأقرب من تقف وراء التسريب، وأن هذه الدوائر قد تكون مرتبطة بشكل مباشر بالرئيس التركي الذي لم يقبل بعد أن تختار واشنطن خصومه القوميين حليفا لها.

واعتبر أرون ستين الباحث في الشأن التركي، أن تركيا والولايات المتحدة تمران اليوم بأسوأ مراحل العلاقات الثنائية رغم التحالف العسكري الوثيق بينهما منذ فترة الحرب الباردة.

وعزا ستين العضو في المجلس الأطلسي بواشنطن، ذلك إلى الموقف الأميركي الداعم عسكريا للفصائل الكردية في سوريا التي ترتبط بحزب العمال الكردستاني الانفصالي في تركيا.

وقال “من المحتمل جدا أن الحكومة التركية سربت المواقع العسكرية الأميركية في سوريا إلى الوكالة الرسمية كوسيلة للانتقام”.

وأضاف أن “تركيا تعلم جيدا أن القوات الأميركية تعتمد على سرية مواقعها في سوريا من باب الحيطة والحذر، ومع ذلك قامت بتسريب هذه المواقع، ولذلك لا يمكن تفسير هذا التصرف إلا بكونه رسالة تركية للقوات الأميركية في سوريا مضمونها: اذهبوا إلى الجحيم”.

وتُصنّف تركيا حزب العمال الكردستاني “إرهابيا”، في وقت أودى النزاع الكردي في تركيا بحياة أكثر من أربعين ألف شخص منذ اندلاعه عام 1984.

وشهدت العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا فتورا منذ بدء التدخّل العسكري للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في سوريا لهزيمة تنظيم داعش.

وتعتمد الولايات المتحدة على وحدات حماية الشعب الكردي وفصائل كردية أخرى لمحاربة تنظيم داعش على الأرض، وقد أرسلت إليها أسلحة لهذه الغاية، غير أنّ أنقرة تخشى وصول تلك الأسلحة إلى أيدي حزب العمال الكردستاني.

1