أنقرة تستضيف الجولة الرابعة للمحادثات الأمنية التركية-العراقية

مسؤولون كبار من البلدين سيناقشون خلال الاجتماع تنفيذ 27 اتفاقية تم توقيعها خلال زيارة أردوغان.
الأربعاء 2024/08/14
أنقرة تسعى لانخراط بغداد بشكل عملي في حربها على حزب العمال الكردستاني

أنقرة – قال مصدر دبلوماسي تركي اليوم الأربعاء إن مسؤولين كبارا من تركيا والعراق سيعقدون محادثات رفيعة المستوى في أنقرة غدا الخميس لتعزيز التعاون في القضايا الأمنية، ما يشير إلى استعجال أنقرة انضمام بغداد بشكل عملي للحرب التركية ضد حزب العمال الكردستاني والتي لم تؤت نتائجها المرجوّة إلى حدّ الآن.

ونشب خلاف بين البلدين في السنوات القليلة الماضية بسبب العمليات العسكرية التي تنفذها أنقرة عبر الحدود ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور المتمركزين في منطقة جبلية بشمال العراق.

ويقول العراق إن العمليات تشكل انتهاكا لسيادته، لكن تركيا تقول إنها ضرورية لحماية نفسها.

وتحسنت العلاقات منذ العام الماضي عندما اتفق الجانبان على إجراء محادثات رفيعة المستوى حول القضايا الأمنية، وبعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أبريل إلى بغداد حيث قال إن العلاقات دخلت مرحلة جديدة.

وعقدت البلدان حتى الآن ثلاث جولات من الاجتماعات في إطار آلية الحوار، وقررت بغداد تصنيف حزب العمال الكردستاني "منظمة محظورة في العراق" خلال المحادثات الأخيرة التي أجريت في مارس الماضي، في خطوة رحبت بها أنقرة، ودعّم مجلس الوزراء في يوليو الماضي هذا القرار بإصداره تعليمات إلى مختلف الهيئات الرسمية للدولة باعتماد صفة “التنظيم المحظور” في خطابها الرسمي بشأن الحزب من مراسلات وغيرها.

وقال المصدر التركي إن لقاء غدا الخميس سيمثل أول اجتماعات "مجموعة التخطيط المشتركة"، التي تقرر تشكيلها خلال زيارة أردوغان ويرأسها وزيرا الخارجية.

وأضاف المصدر أن المحادثات تهدف أيضا لوضع تعاون البلدين في إطار مؤسسي ومستدام، مشيرا إلى أن الوفدين سيناقشان تنفيذ 27 اتفاقية تم توقيعها خلال زيارة أردوغان، وسيقيّمان المزيد من المبادرات المشتركة.

وذكر موقع "سي إن إن تورك" أن الاجتماع الأول لمجموعة التخطيط المشترك سيعقد برئاسة مشتركة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وبمشاركة وزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز المخابرات التركي محمد جعفر، لافتا إلى أنه من المتوقع أن يكون إبراهيم كالين ونائب وزير الداخلية منير كارال أوغلو ونظرائهم العراقيين من بين المجتمعين.

وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر لرويترز الاثنين إن الخطوات التي اتخذتها تركيا والعراق في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب تمثل "نقطة تحول"، مضيفا أن العمل الفني الخاص بإنشاء مركز عمليات مشترك للمنطقة مستمر.

وقال غولر أيضا إن العمليات التركية عبر الحدود في شمال العراق ستستمر حتى "يتم محو اسم الإرهاب من هذه المنطقة"، مضيفا أن أنقرة تتوقع من بغداد تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية في أقرب وقت ممكن.

وتمتلك تركيا قواعد عسكرية في شمالي العراق، تقدرها وكالة رويترز بـ"العشرات"، وتبدأ من الحدود العراقية التركية وتنتشر عبر الجبال وحتى مناطق متقدمة من محافظة نينوى، على بعد 200 كيلومتر تقريبا من الحدود بين البلدين.

وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، منظمة إرهابية. ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم خلال الصراع.

وتكثّف تركيا جهودها لإبرام اتّفاقية أمنية مع العراق على غرار تلك تمّ إبرامها، في وقت سابق، بين طهران وبغداد ونصّت على تعاون الأخيرة في إنهاء وجود المسلّحين الأكراد المعارضين للنظام الإيراني في المناطق الحدودية بين إيران والعراق.

ونجحت إيران في عقد اتفاقية أمنية مع العراق لإبعاد المعارضة الكردية الإيرانية المسلحة من الحدود وإنهاء المظاهر المسلحة في الشريط الحدودي بعد أن تعرضت تلك المناطق لهجمات صاروخية شنها الحرس الثوري الإيراني.

وكان القضاء العراقي قد أمر الأسبوع الماضي بحل أحزاب سياسية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني شمل كلّا من حزب الحرية والديمقراطية الإزيدية وحزب جبهة النضال الإيزيدي وحزب حرية مجتمع كردستان “تفكري أزادي”، في تأكيد جديد من بغداد لمضيها في التعاون مع أنقرة في مواجهتها المفتوحة مع الحزب تحقيقا لمصالح أمنية واقتصادية مشتركة.

وإلى جانب الإنجازات السياسية والقانونية التي تمكنت تركيا من تحقيقها في صراعها مع حزب العمال الكردستاني، تحاول أنقرة استثمار المزاج الحكومي العراقي الذي بات ملائما لها أكثر من أي وقت مضى وتدفع بعمليتها العسكرية في الشمال العراقي إلى أقصى جهدها أملا في تحقيق إنجاز ميداني يقرّبها من حسم الصراع المزمن والمتواصل منذ حوالي أربعة عقود.

ومع تقدم تلك العملية بدأت تبرز ملامح شريط عازل في عمق الأراضي العراقية من خلال النقاط الكثيرة التي أقامها الجيش التركي في محافظة دهوك وشبكة الطرق والممرات التي قام بمدها بين تلك النقاط لعزل مناطق كثيرة عن بعضها البعض ومنع مقاتلي الحزب من التمركز فيها والتنقل داخلها.

وتمّ خلال الفترة الأخيرة رصد أكبر تدفق للقوات والآليات التركية الثقيلة على مناطق بمحافظة دهوك في ظل أنباء عن مخطّط تركي لاحتلال الغالبية العظمى من أنحاء المحافظة جرى التحضير له على مدى الأشهر الماضية.

ويثير المدى الذي أخذته العملية العسكرية التركية في شمال العراق الأسئلة عن الموقف الرسمي العراقي إزاء ذلك حيث أصبح الصمت الحكومي مثار تكهنات بوجود ضوء أخضر غير معلن من حكومة السوداني للأتراك للتحرك بحرية داخل الأراضي العراقية أملا في طي ملف حزب العمال الذي قد تكون بغداد باتت تنظر إليه باعتباره عائقا أمام تطوير الشراكة والتعاون الاقتصادي مع الجانب التركي.

وتشارك سلطات إقليم كردستان العراق، وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني القائد الرئيسي لتلك السلطات، الحكومةَ الاتحادية العراقية تعاونها مع تركيا ضد حزب العمال.