أنقرة ترسل رئيس مخابراتها إلى ليبيا لحماية مصالحها

طرابلس – تعكس زيارة رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان إلى طرابلس الثلاثاء بعد أيام على زيارة رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية "سي.آي.أي" وليام بيرنز مخاوف أنقرة من وجود تفاهمات على إنهاء وجودها على الأراضي الليبية، كما أنها تسعى إلى استكشاف التفاهمات بشأن خارطة الطريق وإجراء الانتخابات التي أعلن عنها رئيسا مجلسي النواب والأعلى للدولة.
ويرى مراقبون أن زيارة فيدان إلى طرابلس لن تكون بمعزل عن التطورات الأخيرة، وخصوصا بعد الزيارة المماثلة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الذي خص رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بلقاءين منفصلين، أكد خلالهما ضرورة أن تؤدي الانتخابات في ليبيا إلى إحداث الاستقرار، كما طلب منهما ضبط الوضع الأمني وتأمين الحماية لمنابع النفط وعدم إيقاف تصديره.
كما أن الزيارة ترتبط بالتطورات السياسية الأخيرة والاجتماعات التي احتضنتها القاهرة خلال الأسبوع الماضي، والتي بدأت باجتماع رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري، ثم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي وقبله لقاء بين المنفي وحفتر.
وكل هذه التطورات التي غابت أنقرة عن المشاركة فيها يبدو أنها أثارت انزعاجها وهي التي لطالما لعبت دورا محوريا على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، فتركيا التي تملك قوات عسكرية ومرتزقة على الأراضي الليبية وتسيطر على قاعدة عقبة بن نافع الجوية بمنطقة "الوطية"، تخشى أن تؤدي التفاهمات الجديدة لكسر الجمود السياسي في ليبيا إلى تهديد مصالحها، خصوصا بعد توقعيها مذكرات تفاهم بشأن استغلال الطاقة والموارد النفطية، وأخرى بشأن التعاون في المجال العسكري.
وتريد تركيا في خضم هذه التحركات السياسية والاستخباراتية ألا تخسر أي هدف كانت حققته، سواء مع حكومة الوفاق السابقة برئاسة فايز السراج أو مع حكومة الدبيبة التي تدعمها في مواجهة حكومة فتحي باشاغا، المعينة من مجلس النواب في مارس الماضي.
ومن غير المستبعد أن تعرقل أنقرة أي خطط لكسر الجمود السياسي في ليبيا في حال كانت مصالحها مهددة، لذلك فقد سارعت بإرسال رئيس مخابراتها للاطلاع على ما تم التوافق عليه بشأن الوثيقة الدستورية الممهدة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
والتقى رئيس جهاز المخابرات التركي برئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في العاصمة الليبية طرابلس.
وذكر بيان نشر عبر الصفحة الرسمية على فيسبوك لرئاسة الوزراء الليبية الثلاثاء أن "الدبيبة بحث آخر التطورات الإقليمية مع فيدان، وتم خلال الاجتماع بحث ملفات إقليمية ودولية مشتركة". وذلك بحضور وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، ووزير الدولة عادل جمعة، ووزير الاتصالات والشؤون السياسية وليد اللافي.
وضمن زيارته، التقى فيدان مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في طرابلس، وذلك بحضور رئيس جهاز المخابرات الليبي حسين العائب، وسفير تركيا في طرابلس كنعان يلماز، دون أن يذكر البيان الصادر عن المكتب الصحافي لمجلس الرئاسة المزيد من التفاصيل عن فحوى الاجتماع.
كما استقبل المشري فيدان والوفد المرافق له في مقر المجلس بالعاصمة طرابلس.
ووفق بيان صادر عن خالد المشري عبر صفحته على فيسبوك، فقد أكد على "عمق العلاقات التاريخية بين ليبيا وتركيا، وأهمية تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة"، داعيا إلى "ضرورة التعاون والتنسيق بشأن القضايا والملفات الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وإثر ذلك تم عقد اجتماع موسع شمل الدبيبة ونائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، تم خلاله بحث مستجدات العملية السياسية في ليبيا، والسبل الكفيلة بتذليل العقبات التي تواجهها، وتكثيف الجهود للسير نحو إنجاز الانتخابات وفق أسس دستورية وقانونية سليمة.
وقال رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح إن تعديل الإعلان الدستوري، ووضع قاعدة للانتخابات، هو الحل لإخراج البلاد من أزمتها.
وانتقد صالح خلال افتتاحه جلسة البرلمان الثلاثاء موقف ودور المجلس الأعلى للدولة، وقال إنه "لا يحق له إصدار أي وثيقة أو إعلان دستوري لأن دوره استشاري فقط"، مشددا على أن البرلمان هو الجسم التشريعي الوحيد في البلاد، في خطوة من شأنها أن تثير الخلاف بين الطرفين حول مستقبل العملية السياسية، حيث يرفض مجلس الدولة إقرار البرلمان التعديل الدستوري بشكل أحادي.
وشهدت العلاقات بين البرلمان ومجلس الدولة تقاربا في الفترة الأخيرة، بعد الاتفاق على وضع خارطة طريق واضحة للانتخابات البرلمانية والرئاسية، لكن صالح قال إنّه "تقارب لفظي دون أفعال".
وأشار صالح إلى نقطة الخلاف الرئيسية مع المجلس الأعلى للدولة بشأن قانون الانتخابات، وقال إنها تتمثل في النقطة الخاصة بترشح مزدوجي الجنسية لمنصب رئيس الدولة، داعيا إلى إفساح المجال للترشح أمام مزدوجي الجنسية، مشيرا إلى إمكانية إضافة مادة تنص على أنه في حال نجاح مزدوج الجنسية في الانتخابات يأتي بما يفيد تخليه عن الجنسية الأخرى.
وطالب عقيلة في هذا السياق، بترك الاختيار للشعب، وتقبل الخصوم من أجل إنهاء المراحل الانتقالية.