أنظار واشنطن تتجه صوب العداء الشديد بين طالبان وداعش

كابول – وجه الهجوم الذي استهدف مطار كابول الخميس أنظار الولايات المتحدة نحو العداء بين حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية، حيث توعد القادة العسكريون الأميركيون بملاحقة قادة داعش وتعهدوا بالثأر للعشرات من الأفغان وللجنود الأميركيين الذين راحوا ضحية الهجوم.
وتوعّد الرئيس الأميركي جو بايدن في تصريحات بالبيت الأبيض بأن بلاده لن تسامح ولن تنسى. وستلاحق أعضاء التنظيم المتشدد و"نجعلكم تدفعون الثمن"، متعهدا بألا توقف تصرفات التنظيم عملية ضخمة للإجلاء الجوي.
والخميس أعلن تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان، وهي جماعة تضم مقاتلين حاربوا القوات الأميركية من قبل في سوريا والعراق، مسؤوليته عن الهجوم الذي أودى بحياة العشرات ومن بينهم أفغان كانوا يحاولون مغادرة البلاد، وما لا يقل عن 12 جنديا أميركيا.
وقال التنظيم في بيان إن "مقاتلا من الدولة الإسلامية تمكن من اختراق كافة التحصينات الأمنية… واستطاع الوصول إلى تجمع كبير للمترجمين والمتعاونين مع الجيش الأميركي عند مخيم باران قرب مطار كابول، وفجّر حزامه الناسف وسطهم، مما أسفر عن سقوط نحو 60 قتيلا وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح بينهم عناصر من طالبان".
وكانت حركة طالبان قد اعتقلت مقاتلا في تنظيم الدولة الإسلامية عند المطار قبل أيام قليلة وأبلغها أثناء التحقيق بوجود خطط لشن هجمات. وردا على ذلك، قالت طالبان إنها أرجأت التجمعات في الأماكن العامة ونصحت كبار قادتها بتفادي التجمع، وفق تصريحات لمسؤول بطالبان.
والتفجير الذي أسفر عن مقتل 13 جنديا أميركيا على الأقل بالقرب من مطار العاصمة كابول، هو أعنف هجوم ضد قوات الولايات المتحدة منذ عام 2011 في أفغانستان.
وعلى إثره قال الرئيس بايدن "لقد أمرت قادتي بوضع خطط عملياتية لضرب أصول تنظيم الدولة الإسلامية وقيادته ومنشآته. سنرد بقوة ودقة في الوقت الذي يناسبنا والمكان الذي نختاره وفي اللحظة التي نختارها".
وذكر أن الولايات المتحدة لديها فكرة عمن أمر بشن الهجمات، لكنها ليست متأكدة من ذلك.
وسلط هجوم الخميس الضوء على المخاوف حيال قدرة واشنطن على محاربة الإرهاب في أفغانستان في غياب أي قوات أميركية هناك أو شركاء يمكن الاعتماد عليهم، وخروج المتشددين من السجون وسيطرة طالبان.
وكان خبراء مستقلون بالأمم المتحدة قد أبلغوا مجلس الأمن الدولي في تقرير نُشر الشهر الماضي بأن تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان وسّع نطاق وجوده ليشمل عدة أقاليم من بينها كابول، وبأن مقاتليه شكلوا خلايا نائمة.
وجاء في التقرير أن التنظيم عزز مواقعه في كابول وحولها، حيث ينفذ معظم هجماته مستهدفا الأقليات والنشطاء وموظفي الحكومة وأفراد قوات الدفاع الوطني الأفغانية وقوات الأمن.
وسبق أن كشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في يونيو أن الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها أو نُسبت إليه، زادت إلى 88 هجوما بين مارس ويونيو بالمقارنة مع 16 هجوما خلال نفس الفترة من عام 2020.
وداعش – خراسان هو فرع للتنظيم الإرهابي الذي ظهر لأول مرة في سوريا والعراق، في حين أن المنتسبين يشتركون في أيديولوجية وتكتيكات، إلا أن عمق علاقتهم في ما يتعلق بالتنظيم والقيادة والسيطرة لم يتم تحديده بالكامل.
وتفيد أحدث التقديرات بأن أعداد مقاتليه تعد ببضعة آلاف، حسب تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر في يوليو الماضي.
وتنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان عدو لطالبان. ويرى مسؤولون بالمخابرات الأميركية أن التنظيم استغل انعدام الاستقرار الذي أفضى إلى انهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب هذا الشهر، لتعزيز موقفه وزيادة وتيرة تجنيد أعضاء بطالبان.
ورغم أنهما مجموعتان سنيتان متطرفتان، تختلف طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية من حيث العقيدة والاستراتيجية، ويتنافسان حول تجسيد الجهاد.
وكدليل على العداء الشديد بينهما، وصفت بيانات لتنظيم داعش طالبان بالكفار.
وواجه تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان قمعا من طالبان استهدف المنشقين عنها ولم يتمكن من توسيع أراضيه، بخلاف النجاح الذي حققه التنظيم في العراق وسوريا.
وفي العام 2019 أعلن الجيش الحكومي في أفغانستان تمكنه من هزم التنظيم في ولاية ننغرهار (شرق)، بعد عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة.
ووفقا لتقديرات الولايات المتحدة والأمم المتحدة، يعمل تنظيم داعش - خراسان منذ ذلك الحين على شن هجمات كبيرة من خلال خلاياه النائمة في المدن.
وفي السنوات الأخيرة تبنى داعش - خراسان بعض أكثر الهجمات دموية في أفغانستان وباكستان، وذبح مدنيين في مساجد ومستشفيات وأماكن عامة.
وكان التنظيم انتقد بشدة الاتفاق الذي أبرم في فبراير العام الماضي في الدوحة بين واشنطن وطالبان، والذي ينصّ على انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان، متهما الحركة بالتراجع عن القضية الجهادية.
وتلقّت طالبان بعد دخول كابول والاستيلاء على السلطة في الخامس عشر من أغسطس الجاري، تهنئة من العديد من الجماعات جهادية، لكن ليس من تنظيم الدولة الإسلامية.
وجاء هجوم الخميس على مطار كابول في وقت تتسارع فيه جهود عمليات الإجلاء، ويحاول الكثير من الأفغان وخاصة من المثقفين والنساء مغادرة البلاد خوفا من أن تقيم طالبان النظام الأصولي نفسه، الذي اعتمدته حين تولت السلطة بين 1996 و2001.
وينتشر الآلاف من الجنود الأميركيين في مطار كابول لتنفيذ عملية نقل الرعايا الأميركيين والأفغان الذين ساعدوا القوات الأميركية وآخرين.
وقال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية الأميركية للصحافيين في مقر وزارة الدفاع، البنتاغون، "عرّضنا أكثر من خمسة آلاف جندي أميركي للخطر لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المدنيين. إنها مهمة نبيلة. واليوم شهدنا بأعيننا مدى خطورة هذه المهمة".
وأضاف "لن يردعنا داعش عن استكمال المهمة.. أؤكد لكم ذلك"، محذرا من إمكانية وقوع المزيد من الهجمات، لكنه قال إن الجيش يبذل كل ما يمكن للتأهب.