أنصار الرئيس التونسي في مظاهرات حاشدة تنديدا بالتدخل الأجنبي

المئات من المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة يعبرون عن رفضهم تحريك الغرب للجمعيات المناهضة لقيس سعيد.
الأحد 2024/05/19
تظاهرة مساندة لخيارات قيس سعيد

تونس - تظاهر المئات من أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الأحد في العاصمة تونس لإظهار دعمهم له ورفضا "للتدخلات خارجية"، عقب انتقادات أوروبية وأميركية لتوقيفات طالت محامين وإعلاميين، ما يكشف عن توجس تونسي من ضغوط غربية بشكل مباشر من خلال البيانات والتصريحات أو من خلال تحريك الجمعيات.

وتأتي هذه التظاهرة الاحتجاجية استجابة لدعوات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، تحث على الخروج إلى الشارع للتعبير عن تأييدهم لخيارات قيس سعيد في رفضه للتدخلات الخارجية في شؤون بلاده والتي يعتبرها مسا من السيادة الدولية.

وفي شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، رفع المئات صور سعيد وأعلام تونس، ولافتات كتب عليها (الغرب ارفعوا أيديكم على تونس) و(نعم للسيادة لا للتدخل الخارجي).

وهتف أنصار سعيد، الذين جاء بعضهم في حافلات من بعض المدن والبلدات الداخلية "الشعب يريد قيس سعيد" و"لا رجوع للوراء".

وقال عمار حسن (37 عاما) وهو موظف قدم من شربان الواقعة على بعد 235 كليومترا من العاصمة تونس "نحن هنا لدعم سعيد الرجل النظيف.. نحن ضد التدخل الأجنبي وضد الخونة".

وأضاف أن "الغرب يحرك لوبياته (جماعات الضغط) والخونة هنا لزعزعة استقرار تونس".

وكان قيس سعيد قد وجه الأسبوع الماضي، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منير بنرجيبة إلى استدعاء سفراء بعض الدول للاحتجاج على تدخلاتها في شؤون تونس.

وجاءت دعوته، عقب صدور بيانات من الاتحاد الأوروبي وفرنسا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عبروا فيها عن قلقهم إزاء الاعتقالات التي جرت مؤخرا واقتحام الشرطة لمقر دار المحامي هذا الشهر لاعتقال محاميين اثنين من منتقدي سعيد.

وفي واشنطن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إن المداهمات "تتعارض مع ما نعتقد أنها حقوق عالمية مكفولة صراحة في الدستور التونسي وكنا واضحين بشأنها على جميع المستويات".

واعتقلت الشرطة هذا الشهر عشرة أشخاص على الأقل من بينهم صحافيون ومحامون ومسؤولون في منظمات من المجتمع المدني، فيما وصفتها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش بأنها "حملة قمع شديدة". ودعت المنظمتان تونس من قبل إلى احترام حق التونسيين في حرية التعبير والحريات المدنية.

والأسبوع الماضي، نظم المحامون إضرابا وطنيا بعد أن داهمت الشرطة مقرهم واعتقلت المحامية سنية الدهماني وزميلها مهدي زقروبة، وقالت الهيئة بعد ذلك إن زقروبة تعرض للتعذيب، وهو ما نفته وزارة الداخلية.

وقلل مراقبون من رد فعل الأوروبيين والأميركيين على كلام تونس، معتبرين أن موقفهم من توقيف محامين وإعلاميين هو تسجيل موقف روتيني ليس أكثر، وأن من الصعب أن يتجاوز البيانات أو التصريحات التي يدلي بها مسؤولو الصف الثاني، وأن قيس سعيد يتصرف وفق هذه القناعة.

والولايات المتحدة مشغولة بمسائل أهم منها الترتيبات الأمنية في شمال أفريقيا وتمركزات روسيا في ليبيا ودول جنوب الصحراء، وتحتاج إلى تونس في مقاربتها الأمنية وفي أنشطة القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم).

أما أوروبا فإن ما يهمها هو أن تونس طرف رئيسي في مقاربتها لمواجهة الهجرة غير النظامية، وهي تعمل على إقناع قيس سعيد بتعاون أكبر من خلال وعود الدعم والتمويلات الخاصة بتحسين كفاءة قوات الأمن التونسية في مواجهة تدفقات المهاجرين، وليس من مصلحتها إرباك هذا التوجه من أجل موضوع ثانوي.

ويمكن أن يلجأ الغرب إلى الضغط عبر الجمعيات من خلال تنويع التقارير والانتقادات وتحويل الأحداث والمواقف المعزولة إلى توجه، مثل الحملة التي شُنت على تونس بسبب المهاجرين الأفارقة واتهامها بالعنصرية كما حصل قبل عام. لكن ذلك لن يوقف قيس سعيد الذي ينظر إلى هذه الجمعيات على أنها جزء من مؤامرة خارجية لاستهداف تونس، وسيكون الهدف الأول هو مراقبة التمويلات، وهو ما طلبه الرئيس التونسي من وزيرة المالية الأربعاء.

ويلاقي موقف قيس سعيد المتشدد تجاه الضغوط الخارجية، وخاصة موضوع التمويلات، دعما شعبيا واسعا، ما يسهّل عليه فتح ملف الجمعيات.

وبلغت القيمة الجملية للتمويلات الأجنبية التي تحصلت عليها جمعيات تونسية حوالي 316.2 مليار دينار (الدولار يساوي 3.1 دينار) بين سنتي 2011 و2023، وفق ما تم الكشف عنه خلال لقاء الرئيس سعيد بوزيرة المالية سهام البوغديري نمصية الأربعاء بقصر قرطاج، استنادا إلى لجنة التحاليل المالية في البنك المركزي.

وشهدت تونس طفرة في تأسيس الجمعيات منذ 2011 من 9 آلاف جمعية إلى أكثر من 23 ألف جمعية في السنتين الأخيرتين حسب إحصائيات نشرها مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات، أغلبها ذات توجهات يمينية، كما توجد قرابة 15 ألف جمعية يصعب التثبت في مصادر تمويلها.

وبلغ عدد الجمعيات الأجنبية الناشطة في تونس 200 جمعية، منها 155 جمعية مقرها في ولاية (محافظة) تونس و14 جمعية في ولاية أريانة، فيما تتوزع بقية الجمعيات الأجنبية على ولايات أخرى.

وأكد قيس سعيد في تصريحات سابقة أن إحدى المنظمات تحصلت على تمويلات من الخارج بقيمة 7.615 مليون دينار (2.5 مليون دولار) من 2016 إلى 2023 باسم المجتمع المدني، مُقِرّا بحدوث العديد من التجاوزات في ملف الجمعيات ما يهدد السيادة الوطنية.