أنشطة روسيا السيبرانية في مرمى العقوبات الأوروبية

موسكو – أعرب دبلوماسي روسي رفيع المستوى الجمعة عن أسفه لمبادرة ألمانية تدرس فرض عقوبات على بلاده، بسبب هجوم قرصنة إلكترونية استهدف البرلمان الألماني (بوندستاغ) قبل خمس سنوات، ما يعيد إلى الواجهة قضية التدخل السيبراني الروسي في تقويض الديمقراطيات الأوروبية.
ودعت الحكومة الألمانية الأحد دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات مشتركة على روسيا ردا على هجوم سيبراني واسع النطاق نفذ، وفقا لبرلين، من قبل قراصنة روس، لكن موسكو تنفي بشدة تورطها.
وقال فلاديمير تيتوف النائب الأول لوزير الخارجية الروسي في تصريحات أوردتها وكالة أنباء إنترفاكس الروسية إن موسكو “تأسف لأن برلين تعمل كمحرض لجولة أخرى من قيود الاتحاد الأوروبي ضد بلادنا”.
وأضاف تيتوف أن “ألمانيا لم تقدم لموسكو دليلا على ضلوع روسيا في هجوم القرصنة الإلكترونية الذي استهدف البرلمان الألماني”.
واعتبر النائب الأول وزير الخارجية الروسي المبادرة الألمانية بفرض عقوبات على بلاده بـ”أنباء سيئة بالنسبة للعلاقات الروسية الألمانية والتعاون الدولي في مجال الأمن المعلوماتي”.
وأعلنت ألمانيا قبل شهرين أنها أصدرت مذكرة اعتقال بحق مواطن روسي يدعى دميتري بادين، يعتقد أنه مسؤول عن الهجوم الإلكتروني الذي استهدف البرلمان الألماني خلال شهري أبريل ومايو 2015.
وذكرت الخارجية الألمانية في بيان أن هناك “أدلة موثوقة” على أن بادين كان عضوا في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي وقت حدوث الهجوم.
وتؤسس هذه العقوبات حال اتخاذها ودخولها حيز التنفيذ لمرحلة مناكفات جديدة بين الغرب وروسيا خاصة في علاقتها مع ألمانيا التي تعتبر أفضل شركائها في القارة العجوز، لكن مراقبين لا يفصلون الخطوة الألمانية عن الضغوط التي تمارسها واشنطن ولندن على برلين التي ظلت لسنوات تحتفظ بعلاقات جيدة مع موسكو.
وقال الباحث السياسي الألماني ألكسندر راهر “حدث ذلك (أي العقوبات)، أساسا، بضغوط من أميركا وبريطانيا. إنهم يخشون بشدة من عودة ألمانيا، خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي، إلى التقارب مع روسيا، ومناقشة خطط مشتركة مع موسكو. في بعض القضايا تبتعد ألمانيا بالفعل عن أميركا، ولكن في قضايا أخرى لا يمكنها فعل ذلك حتى الآن”.
ويرى راهر أن “المبادرة إلى حزمة العقوبات الجديدة تأتي كمحاولة للحفاظ على الجبهة المشتركة، بإظهار أن الاتحاد الأوروبي لا يزال متضامنا مع أميركا”.
والخميس، اتهمت الحكومة البريطانية “جهات روسية” بمحاولة بلبلة انتخابات ديسمبر 2019 عبر تسريب وثائق بشأن المفاوضات التجارية بين لندن وواشنطن.
وأطلقت الحكومة تحقيقا بشأن مصدر التسريبات بعدما انتشرت تفاصيل عن المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق تجاري محتمل لفترة ما بعد بريكست على موقع “ريديت” للتواصل الاجتماعي.
وذكر حزب العمال المعارض الرئيسي آنذاك أن الملفات تثبت أن الحكومة البريطانية “ستبيع” هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى شركات أميركية.
وكان تمويل الهيئة من أبرز الملفات في الحملة الانتخابية قبل اقتراع 12 ديسمبر.
ووصف زعيم حزب العمال آنذاك جيريمي كوربن الاتهامات التي أشارت إلى أن روسيا نشرت التسريبات التي استخدمتها حملته على الإنترنت بأنها “نظرية مؤامرة” لكنه لم يوضح كيف حصل حزبه عليها.
لكن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أفاد الخميس بأن الحكومة توصلت بعد “تحليل شامل” إلى أن هناك اشتباها قويا بأن المسألة كانت مرتبطة بروسيا.
وأكد راب في تصريح خطي في البرلمان “استخلصت الحكومة استنادا إلى تحليل شامل، أنه من شبه المؤكد أن أطرافا روسية حاولت التدخل في الانتخابات التشريعية عام 2019 من خلال نشر وثائق حكومية مسرّبة حصلت عليها بشكل غير مشروع، عبر الإنترنت”.
ورغم أن الاتهام لم يستهدف الكرملين مباشرة إلا أنه سيتسبب على الأرجح في تدهور العلاقات المتوترة أساسا بين لندن وموسكو.
وارتفع منسوب التوتر بين الطرفين بعدما اتّهمت بريطانيا روسيا بمحاولة اغتيال العميل المزدوج السابق سيرجي سكريبال في مدينة سالزبري الإنجليزية عام 2018.
ويتوقع أن يزداد التوتر الدبلوماسي بعد نشر تقرير طال انتظاره بشأن التدخل الروسي المحتمل في استفتاء بريكست الذي جرى عام 2016 من قبل لجنة الاستخبارات والأمن التابعة للبرلمان البريطاني في غضون أيام.