أنجلينا جولي أيقونة سينمائية بمسيرة فنية وإنسانية مميزة

نيويورك - تحضر أنجلينا جولي كواحدة من أشهر الممثلات في العالم وأكثرهن تأثيرا، فقد اكتسبت منذ سنوات شهرة واسعة بسبب أفلامها لكن شهرة أكبر منها جراء نشاطها الحقوقي ودعمها للعديد من القضايا الإنسانية الحارقة.
ويمكن لأي شخص أن يقول ما يشاء عن نجمة هوليوود الشهيرة، لكن ما لا يمكن إنكاره أنه بينما تروج نظيراتها من المشاهير لمنتجات التجميل وينشرن صور حفلاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، تستخدم جولي صوتها للدفاع عن فقراء العالم ومحروميه.
تكمل جولي عامها الخمسين الأربعاء، مخلفة وراءها سيرة مهنية وإنسانية زاخرة جعلتها في مقدمة مصاف المشاهير الناشطين في المجال الحقوقي في العالم.
ولدت جولي في هوليوود في الرابع من يونيو عام 1975 وتمتعت منذ نعومة أظافرها بالموهبة وحسن المظهر والامتيازات، فوالدتها التي ورثت منها بوضوح ملامح وجهها هي الممثلة مارشلين برتراند، ووالدها هو جون فويت الحائز على جائزة الأوسكار، ووالداها الروحيان هما الممثلة البريطانية جاكلين بيسيت والممثل السويسري – النمساوي ماكسيميليان شيل، فكيف لا يمكنها أن تصبح هي أيضا ممثلة؟ لكن الشابة التي حملت اسم أنجلينا جولي فويت لم ترغب أبدا في أن تعرف بوالدها، لذلك تخلت ببساطة عن اسم عائلتها.
ومع ذلك، لم تبدأ جولي مسيرتها الفنية بصورة سلسلة، فقد عانت ابنة الوالدين المطلقين من مشكلات نفسية تمثلت في إيذاء النفس واضطرابات في الأكل وأفكار انتحارية.
جولي تكمل عامها الخمسين مخلفة سيرة مهنية وإنسانية زاخرة جعلتها في مقدمة المشاهير الناشطين في المجال الحقوقي
ورغم ذلك تمكنت جولي من تحقيق انطلاقتها الفنية من خلال تجسيدها لامرأتين مضطربتين نفسيا: في فيلم “جيا” عام 1998 جسدت جولي دور عارضة الأزياء جيا كارانجي مدمنة الهيروين، والتي توفيت بسبب إصابتها بالإيدز عن عمر ناهز 26 عاما. وبعد عام جسدت جولي دور ليزا صاحبة الشخصية السيكوباتية في فيلم “فتاة قوطعت”، والذي فازت عنه بجائزة أوسكار. ومنذ ذلك الحين، أصبحت جولي قادرة على انتقاء أدوارها. وكانت ترتكب أخطاء أحيانا، لكن ذلك لم يؤثر على شهرتها.
بالطبع كان لعلاقتها بنجم هوليوود براد بيت – المعروفة إعلاميا باسم “برانجلينا” – تأثير في هذه الشهرة. يكره البعض جولي لأنها – كما يزعم – تسببت في انفصال ثنائي الأحلام في هوليوود، بيت وجينيفر أنيستون، وذلك أثناء مشاركتها بيت بطولة فيلم “السيد والسيدة سميث”. وربما وجد بيت مع جولي السعادة العائلية التي كان يتمناها: لديهما ستة أطفال، ثلاثة منهم بالتبني. ويبدو أن الابن الأكبر قد منح والدته الاستقرار الذي تحتاجه، حيث قالت ذات مرة “كنت أعلم أن مسؤولية مادوكس لن تسمح لي أبدا بتدمير نفسي مرة أخرى.”
استمرت علاقة جولي مع بيت لأكثر من عشر سنوات، ولكن في عام 2016 تقدمت جولي بطلب الطلاق. وتم الانتهاء من التسوية بين ثنائي الأحلام الهوليوودي السابق قبل بضعة أشهر فقط. علاوة على ذلك، بدا أن ابنتها شيلوه جولي – بيت العام الماضي معرضة عن والدها: ففي عيد ميلادها الثامن عشر تقدمت بطلب بعدم حمل اسمه مستقبلا.
ويبدو أن جولي لا تكتفي بكونها نجمة سينمائية ورمزا للإثارة وزوجة وأم، حيث قررت أيضا اقتحام مجال الإخراج، ونال فيلمها “غير مكسور” 2014 إشادة النقاد، وأعقبته بفيلم “بجوار البحر” 2015 الذي أدت فيه أيضا مع بيت دور عاشقين، لكنه فشل فشلا ذريعا. وفي فيلم “أولا قتلوا أبي” 2017 سلطت جولي الضوء على مجازر الخمير الحمر في كمبوديا، وقد رشح هذا الفيلم لجائزة غولدن غلوب وجائزة الفيلم البريطاني “بافتا”.
أما كممثلة فقد حظيت جولي مؤخرا بحفاوة لتجسيدها دور أسطورة الأوبرا العالمية ماريا كالاس، حيث وصفه النقاد بأنه أحد أقوى أدوارها في مسيرتها الفنية.

وبعيدا عن هوليوود، تعمل جولي أيضا سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة لشؤون اللاجئين. ودأبت جولي على مدار أكثر من عقدين على لفت الانتباه لقضايا اللاجئين وجمع التبرعات لأغراض إنسانية، وخاصة للتعليم وحقوق المرأة وحماية اللاجئين. وتحدثت جولي عدة مرات في مجلس الأمن الدولي وفي القاعة الكبرى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ونجحت جولي مرارا عبر نشاطها الحقوقي والإنساني في جمع تبرعات كبيرة إلى خزائن المنظمات الدولية. وكثيرا ما استغلت جولي شهرتها لتسليط الضوء على قضايا دولية. ويمكن لأي شخص يزور صفحتها على إنستغرام العثور على معلومات حول حقوق المرأة في إيران، أو مشاهدتها مع لاجئين سودانيين في تشاد، أو الإطلاع على مناقشتها للتداعيات طويلة المدى لحقب الاستعمار. ويبدو أنها تكرس طاقتها الآن أكثر من أي وقت مضى للمشاريع التي تركز على المغزى الإنساني وليس على الشهرة.
وأثبتت جولي قدرتها على رفع مستوى الوعي بقضايا صحية في عام 2013، عندما خضعت لعملية استئصال ثدييها ومبيضيها كإجراء احترازي، حيث كانت تخشى من وجود استعداد وراثي لديها للإصابة بالسرطان بعد أن توفيت جدتها وعمتها ووالدتها بسبب السرطان. وجعلت جولي من نفسها قدوة للعديد من النساء عبر مصارحتها الرأي العام بشأن الجراحة الوقائية التي خضعت لها.
وبعد العملية، تحدّثت عن تجربتها في مقالات رأي نُشرت في صحيفة نيويورك تايمز، بهدف مساعدة النساء الأخريات على اتخاذ قرارات صحية مدروسة. وقد سردت في تلك المقالات تفاصيل تشخيصها وعملياتها وتجاربها الشخصية، ووصفت قرارها بالخضوع لجراحات وقائية بأنه خطوة استباقية اتخذتها من أجل أطفالها الستة. وكتبت أيضا “على الصعيد الشخصي، لا أشعر بأنني أقل أنوثة. بل أشعر بالقوة لأنني اتخذت قرارا حاسما لا ينتقص من أنوثتي بأي شكل.”