"أنت كاذبة وأنا ماكر": دراما هندية عن المصالح في العلاقات الزوجية

كوميديا رومانسية تتناول الحب وتفاصيل الحياة اليومية.
الجمعة 2023/10/20
صراع بين القيم والقوانين

يضيف المخرج الهندي لوف رانجان فيلما كوميديا آخر إلى مسيرته السينمائية، لكنه هذه المرة يقدم لجمهور الفن السابع فيلما بموضوع جدي حيث يتطرق إلى العلاقات الزوجية التي تنتهي من أجل المصلحة، وعن رؤية الجنسين المختلفة لمسألة الارتباط.

نيودلهي - يأتي فيلم "تو جوتي مين مكار"، أو "أنت كاذبة وأنا ماكر"، للمخرج الهندي لوف رانجان ليسلط الضوء على العلاقات الزوجية من زاوية كوميدية، تطرح العديد من الأفكار والقيم المتناقضة.

وتنطلق رحلة روهان ميكي آروا الذي أدى دوره النجم رانبير كابور، وصديقه المقرب داباس، الذي جسد دوره الفنان أنوبهاف سينغ باسي، وكينشي التي أدت دورها الممثلة مونيكا تشودهاري، إلى عالم الرفاهية والثراء. بجانب إدارتهم لشؤون أسرهم المزدهرة، يجدون أنفسهم مشغولين بنشاط غريب ومبتكر يندرج تحت هدف انفصال الأزواج وتفكيك العلاقات الأسرية من أجل التسلية وتحقيق الأرباح. إذ يعتقد هؤلاء الثلاثة أنه ينبغي للأزواج الانفصال بشكل ودي وسلس بدلاً من الوقوع في صراعات زوجية مؤذية.

وينطلق المشهد الافتتاحي للفيلم بإيقاع زمني مُعتدل، ويتمحور بشكل خاص حول الصراع بين القيم الأخلاقية والقوانين الصارمة التي يتبناها كل من ميكي وداباس تجاه عملهما. إذ يركز الثنائي على مساعدة الأفراد غير المتزوجين، بينما يحاولان أن يقنعا الأزواج باللجوء إلى القضاء والإرشاد كوسيلة لحل نزاعاتهم.

وينطلق المشهد الافتتاحي للفيلم بإيقاع زمني مُعتدل، ويتمحور بشكل خاص حول الصراع بين القيم الأخلاقية والقوانين
◙ المشهد الافتتاحي للفيلم ينطلق بإيقاع زمني مُعتدل ويتمحور حول الصراع بين القيم الأخلاقية والقوانين

وتبرز هذه التوترات أيضًا في المشهد الذي يتعامل فيه ميكي مع خطوبة كينشي، التي أدت دورها الممثلة مونيكا تشودهاري. ويتردد في لقطة غامضة ميكي في قضية الفصل، مما يضيف شحنة إضافية من التوتر. بعد تفكير دقيق يقرر الأصدقاء الثلاثة القيام برحلة إلى إسبانيا قبل موعد حفل الزفاف. هناك تنضم إلى الرحلة صديقة كينشي وهي تيني مالهوترا، ومن هنا تتصاعد أحداث الفيلم ببطء وتشويق، مما يجعل المشاهدين في حالة من التأهب الدرامية.

تبرز اللقطة التي تؤصّل للفيلم على أنه هندي عندما يشتعل الحب بين ميكي وتيني عند اللقاء الأول في البحر. ومع ذلك تعبر تيني في حوار شيق عن رغبتها في علاقة عابرة وتجنب الارتباط العاطفي العميق. إذ أنها تؤمن بفلسفة تنص على أن الأشخاص يمكن أن يختلفوا خلال فترة العطل، وبالتالي يجب تجنب التورط العاطفي في تلك اللحظات.

تنعكس هذه الدراما على تكوين الإيقاع المتوسط للأحداث التي بدأ به الفيلم. إذ تتباطأ الأحداث بعد حوار تيني ويتأجج في المشهد الذي يبتكر فيه ميكي اإستراتيجية لإقناع تيني بأن حبه حقيقي، حيث ينجح نسبيا في ذلك. وتتطور هذه العلاقة عندما يعودان إلى الهند، حيث تتعمق المشاعر بينهما ويبدآن في استكشاف عواطفهما بشكل أعمق.

وصل الفيلم إلى ذروته في اللقطة التي شهدت انقلابًا ملحوظا في تطور القصة. حيث اكتشفت تيني التي تعيش بمفردها بعيدًا عن والديها أن العلاقة المكثفة مع ميكي تضع عليها ضغوطًا لا تحتمل. وخاصة عندما اتخذت هيئة وكالة فصل الأزواج الخطوة غير المتوقعة من دون علمها، مما أدى إلى سلسلة من المواقف الكوميدية والتوترات المشوقة وبعدها تحوّلت هذه التوترات تدريجيا إلى لحظات درامية تكشف عن تعقيدات العلاقات الإنسانية وعن فهم تيني الشخصي للعالم.

يتألق أداء الممثلين خاصةً في المشاهد التي تجمع العائلة معًا. إذ تبدو ديمبل كاباديا رائعة كأم حنونة وزوجة مفعمة بالحب، وهي تجسد شخصيتها بشكل ممتاز. كما يلعب بوني كابور دوره كوالد مهتم ويتمتع بتأثير درامي في اللحظات الحساسة، فيما تتألق وانيات فيرما في دور العضو الصغير في العائلة. كما يظهر الانسجام بين أنوبهاف سينغ باسي ورانبير كابور اللذين يقدمان حوارات ذكية تعكس الصداقة القوية بينهما.

◙ نظام علاقات متنوعة بين الأجيال
◙ نظام علاقات متنوعة بين الأجيال

تشكل شرادها كابور ورانبير كابور ثنائيًا جيدًا، ويؤديان أدوارهما ببراعة. كما تظهر شرادها بشكل رائع في مختلف المشاهد وتتعامل ببراعة مع مجموعة متنوعة من المشاعر والمواقف. يجسد رانبير شخصيته بإتقان، ويضيف النزاهة إلى دوره. حيث يظهر التكامل بينه وبين ديمبل كاباديا بشكل رائع، مشابهة للأدوار التي كان يقوم بها ريشي كبور في الأفلام الكلاسيكية.

كما أبدع المغني والملحن الهندي أرجيت سينغ على نحو خاص في أغنية "تيري بيار مي"، حيث يؤكد كالعادة على نجاحه في مجال الأغاني الرومانسية لأنه فنان موهوب ومتألق في العديد من الأغاني، ولاسيما في فيلم "عاشقي 2" الذي أهله ليحصل على جائزة أفضل مغن وأفضل أغنية في حفل جوائز السينما الهندية الرئيسي لعام 2013، والمعروف باسم جوائز "فيلم فير".

◙ المخرج لوف رانجان قدم عملا رائعا فيما يخص مشاهد الكوميديا، حيث استطاع إبراز العلاقات الإنسانية بشكل هزلي

يُعتبر الفيلم تجربة مسلية وممتعة كونه فيلما هنديا على الرغم من أنه يبدو مبتذلًا نسبيًا. ورغم مدته الزمنية الطويلة التي تستمر لساعتين، إلا أنه نجح في تقديم جرعات كبيرة من الفكاهة والتسلية في أجزائه الأخيرة. ولكن من الصعب مقارنته بأعمال رانبير كابور السابقة مثل "إنه لقلب مُشتبك"، حيث قدم في هذا الفيلم أداءً رائعًا إلى جانب إشواريا راي وأنوشكا شارما، أو مع "نجم الروك المتمرد"، الذي كان أيضًا عملًا رائعًا. ولكن هناك نقاط مشتركة ومتشابهة بين فيلم بـ"شباب مجنون" الذي شاركت فيه ديبيكا باديكون، وبين هذا الفيلم سواء في مشاهد الصداقة أو في مشاهد الغناء.

وقدم المخرج لوف رانجان عملًا رائعًا فيما يخص مشاهد الكوميديا، حيث استطاع إبراز العلاقات الإنسانية بشكل هزلي، وربما أخفق في توظيف قوة التأثير الدرامية وخاصة في المشاهد الرومانسية بين أبطال الفيلم، لكن هذا قد يكون بسبب أنه معروف بأسلوب الإخراج الكوميدي في أعماله. فأفلامه غالبًا ما تتناول مواضيع العلاقات والحب بطريقة فكاهية ومسلية، وقد اعتاد استخدام الكوميديا لتسليط الضوء على تفاصيل الحياة اليومية والصراعات بين الشخصيات بطريقة مضحكة.

هذا النهج الكوميدي يجذب الجماهير ويجعل أفلامه شعبية بين محبي الكوميديا والأفلام الرومانسية، ونأخذ على سبيل المثال فيلم "بيار كا بونشناما" الذي يروي في جزأين قصة ثلاثة أصدقاء يشتركون في العيش معًا وكيف تنشأ بينهم مواقف كوميدية وصراعات طريفة مع شركائهم العاطفيين، أما فيلم "سونو كي تيتو كي سويتي" فهو يمزج بين الكوميديا وعناصر الرومانسية. وسيكون من الجيد لو زوَّد المخرج أسلوب أفلامه بلمسة درامية أكثر تفردًا لتكون له مكانة بارزة في أعماله القادمة.

◙ قصة تنتهي بالانفصال
◙ قصة تنتهي بالانفصال

15