"أم بي سي" تنافس نتفليكس في المنطقة بإثراء محتوى "شاهد"

قررت مجموعة “أم بي سي” دخول المنافسة المتزايدة على سوق البث الرقمي بإنتاج محتوى أصيل يلبي اهتمام المشاهد العربي، رغم صعوبة المواجهة مع نتفليكس التي تهيمن على هذه السوق في المنطقة، ولا تبتعد هذه الخطوة عن إطار الاستراتيجية الإعلامية السعودية الجديدة الهادفة إلى مواجهة الدعاية المعادية للمملكة.
لندن - تتبنى مجموعة “أم بي سي” السعودية استرتيجية جديدة، تعتمد على تطوير المحتوى وإثرائه ليلبي اهتمام شريحة أوسع من المستخدمين عبر خدمات البث على الإنترنت، لتدخل في منافسة مباشرة مع شركات البث العالمية وفي مقدمتها نتفليكس، الأمر الذي يجعلها أمام تحد كبير وامتحان صعب ستظهر نتائجه مباشرة سلبا أو إيجابا.
وذكرت صحيفة فاينينشال تايمز البريطانية أن أكبر شركة إعلامية في الشرق الأوسط، تعمل على توسيع خدمة بثها في محاولة منها لمنافسة نتفليكس في العالم العربي، مع توجه الحكومة السعودية للاهتمام بملف الإعلام، مع تصاعد الحرب الدعائية التي تشنها منابر إيرانية وقطرية.
وأﺻﺑﺣت وسائل اﻹﻋﻼم اﻟﺗﻲ تغطّي الأخبار أﺳﻟﺣﺔ ﻧﺎﻋﻣﺔ للحكومات في الشرق الأوسط، ﻣﻧذ اندلاع الثورات اﻟﻌرﺑﯾﺔ.
ورجحت الصحيفة أن تعين “أم بي سي” يوهانس لارشر، المدير التنفيذي السابق لشركة “هولو”، لتوسيع خدماتها الرقمية “شاهد” عند الطلب، وتطوير المحتوى العربي فيها.
ويعمل برنامج استوديوهات “أم بي سي”، الذي تم إطلاقه حديثا، على إنتاج أفلام وعروض جديدة لإثراء خدماتها الرقمية. وتشمل بعض البرامج الجديدة السير التاريخية للقادة العرب والحكايات التراثية الشعبية مثل “ألف ليلة وليلة”. كما تخطط المجموعة لشراء مسلسلات متنوعة من بقية أنحاء العالم. وتأتي هذه الخطوة من قبل مجموعة “أم بي سي” ، التي يقع مقرها في دبي، في إطار جهود الرياض لرسم استراتيجية إعلامية جديدة لمنصاتها التقليدية بعد فشل الأخيرة في التعامل مع الأزمات التي استثمرها الإيرانيون والقطريون في حربهم الدعائية ضد المملكة.
وتتزامن كذلك مع تغييرات واسعة في المشهد الإعلامي السعودي والقائمين عليه، الذين يواجهون تحديات كبيرة، من ضمنها هيمنة نتفليكس الإقليمية.
وتقدر نسبة المتابعين لقنوات “أم بي سي” بـ140 مليون مشاهد، وأصبحت تحت ملكية حكومية إثر إجراءات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمقاومة الفساد في نوفمبر 2017، مع احتفاظ رئيس مجلس إدارة شركة “أم بي سي” وليد إبراهيم، بحصته البالغة 40 في المئة من الشركة، لكن تم نقل ملكية الأسهم المتبقية إلى شركة تابعة لوزارة المالية.
وكانت “أم بي سي”، التي تأسست في عام 1991، تعمل بعيدا عن سيطرة الحكومة، مما سمح ببث برامج أكثر ليبرالية من التلفزيون السعودي الذي احتفظ بالنمط التقليدي الرسمي الموجه للداخل المحافظ، لكن مع ذلك التزمت “أم بي سي” ضمن حدود المحتوى “المناسب للعائلات”.
وسيتم تطبيق المعايير الداخلية السارية التي تعتمد على شاشة التلفزيون على “شاهد”.
وسعت المملكة العربية السعودية لاستخدام قوتها المالية في وسائل الإعلام العربية، حيث تشكل الرياض وأبوظبي حليفا ضد المشروع الإيراني المعروف في المنطقة، الذي ساهم بإشاعة الفوضى إلى جانب القنوات القطرية الداعمة لمشاريع الإسلام السياسي التخريبية من خلال شبكة الجزيرة.
وتأمل “أم بي سي” في أن يساعد تفوقها في مجال الترفيه التلفزيوني العربي على اللحاق بخدمات نتفليكس، والتفوق على الخدمات الأخرى مثل “ستارز بلاي” و”وافو” و”أمازون”، وفي العام الماضي بلغ عدد المشتركين في خدمة “شاهد” 72 مليون مستخدم.
وبالتأكيد لن تكون المهمة سهلة على “شاهد” أمام هيمنة نتفليكس التي نمت بسرعة في منطقة الشرق الأوسط، مع أكبر قاعدة للمشتركين تصل إلى 1.7 مليون مشاهد في جميع أنحاء العالم العربي، وفقا لما ذكره سايمون موراي، المحلل الرئيسي في شركة ديجيتال تيفي ريسيرش، وهي شركة استشارية في المملكة المتحدة.
وقال موراي “هناك بالفعل الكثير من المنافسة في العالم العربي، لكن نتفليكس تتصدّرها لجاذبيتها الدولية ومحتواها الأصلي”.
وإلى جانب مشروع “أم بي سي” للتوسع في نطاق البث الرقمي، انطلقت في الآونة الخيرة مشاريع إعلامية سعودية عديدة بالتعاون مع شركات عالمية كبرى، فقد وافقت المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق على إطلاق قناة إخبارية مع بلومبيرغ أل.بي، والمعروفة باسم بلومبيرغ الشرق. وكان نبيل الخطيب، مدير مشروع بلومبيرغ الشرق، قد عُين الأسبوع الماضي مديرا عاما في قناة تابعة لشبكة “أم بي سي” ، وهي قناة العربية المملوكة للحكومة.
وتهدف خدمة التلفزيون والراديو والخدمات الرقمية “بلومبيرغ الشرق”، إلى التنافس ضد الوكالات بما في ذلك وكالة رويترز ووكالة فرانس برس وقنوات مثل “سي أن بي سي أرابيا” في المنطقة العربية.
وتدفع المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، المدرجة بشكل علني في البورصة السعودية في الرياض، لخدمة “بلومبيرغ” الإخبارية 9 ملايين دولار سنويا مقابل حقوق استخدام العلامة التجارية ومحتوى “بلومبيرغ” عبر التلفزيون والراديو والأخبار الرقمية لمدة 10 سنوات.
وفي يوليو، وقعت المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق صفقة مع مؤسسة “إندبندنت” الإخبارية للإعلان عن إطلاق أربعة مواقع باللغة العربية والأوردية والتركية والفارسية.
وفي خطوة مهمة، أنشأ مستثمرون سعوديون شبكة أخبار باللغة الفارسية مقرها لندن، تدعى إيران الدولية، لشمل المشاهدين الإيرانيين، ويشك المسؤولون الإيرانيون في أن القناة مدعومة من الحكومة السعودية وأنها أداة في حرب الإعلام الإقليمية المتنامية، لكن متحدثا باسم قناة “إيران الدولية”، نفى أي تمويل من الدولة.