أمين معلوف أمينا دائما للأكاديمية الفرنسية

يُنظر إلى معلوف على أنه المرشح الأوفر حظاً لقيادة الأكاديمية، إذ تحظى شخصيته بالإجماع، نظراً إلى انخراطه القوي في أنشطة المؤسسة التي انضم إليها عام 2011.
الجمعة 2023/09/29
على عاتقه مهمة إنقاذ المؤسسة

باريس – انتُخب الكاتب الفرنسي اللبناني أمين معلوف الخميس أمينا دائما للأكاديمية الفرنسية، خلفًا لإيلين كارير دانكوس التي توفيت في أغسطس الماضي، في نتيجة متوقعة إثر منافسة مع الكاتب جان كريستوف روفان.

وسيواجه معلوف في مهمته الجديدة عدة تحديات لإنقاذ المؤسسة وتجديد دمائها. أولها الشؤون المالية، حيث تعاني الأكاديمية الفرنسية، كغيرها من فروع معهد فرنسا، من وضع مالي حساس، إذ تعيش على عائدات أصولها المالية، وعلى الهبات والتركات.

في عام 2021 حث ديوان المحاسبة على التجديد السريع لمبنى الأكاديمية الفرنسية بباريس في مواجهة خطر الحريق. وهذه المهمة مازالت غير منفذة. كما أن محاولة مستشار المعهد كزافييه داركوس لجعل الأكاديميات تخسر من استقلاليتها، مقابل ما تكسبه على صعيد اتساق الإدارة، باءت بالفشل في مواجهة معارضة إيلين كارير دانكوس.

ومن بين المهمات المعلنة منذ زمن بعيد في هذا الإطار إدخال المزيد من العناصر الشابة والنساء إلى الأكاديمية المؤلفة حاليا من 28 رجلاً وسبع نساء، وهو هدف يصعب جدا تحقيقه.

سيواجه عدة تحديات لإنقاذ المؤسسة وتجديد دمائها، أولها الشؤون المالية، إذ تعيش على عائدات أصولها المالية، وعلى الهبات والتركات

وثمة خمسة مقاعد شاغرة في الأكاديمية الفرنسية حاليا. لكن هناك صعوبة واضحة في انتخاب أعضاء أصغر سنّا، ما تجلى من خلال فشل ضمّ فريديريك بيغبيدير أو بونوا دوتورتر إلى الأكاديمية عام 2022، عن عمر 57 و62 عاما على التوالي.

وفاز معلوف بهذا المركز بأغلبية 24 صوتا مقابل 8 لروفان، بحسب عضو في اللجنة الإدارية للأكاديمية الفرنسية.

والأمين الدائم للأكاديمية الفرنسية هو العضو الذي يدير هذه المؤسسة المُدافعة عن اللغة الفرنسية وتطويرها. ولم يشغل هذا المنصب سوى 32 شخصا منذ سنة 1634.

وكان المنصب شاغرا منذ وفاة إيلين كارير دانكوس في أوائل الشهر الماضي، بعدما شغلته منذ 1999.

وأمين معلوف (74 عاما) كاتب فرنسي من أصل لبناني، حاز جائزة غونكور عام 1993 عن روايته “Le Rocher de Tanios” (صخرة طانيوس)، وكان مرشحا معلنا منذ فترة. وهو أحد وجوه الروايات التاريخية المُستلهمة من الشرق، وركّز في أعماله على مسألة تقارب الحضارات.

ورغم أن الأمينة الدائمة السابقة المتخصصة في الشؤون الروسية لم تسمّ أحدا لخلافتها، كان يُنظر إلى معلوف على أنه المرشح الأوفر حظا لقيادة الأكاديمية؛ إذ تحظى شخصيته بالإجماع، نظرا إلى انخراطه القوي في أنشطة المؤسسة التي انضم إليها عام 2011.

وتوجه جان كريستوف روفان نفسه إلى أمين معلوف لدى استقباله في الأكاديمية سنة 2012 قائلا “أنت بالفعل رجل ذو لباقة خالصة وتظهر لديه في كل مناسبة علامات التقدير الكبير لجميع من يخاطبه”.

وقد تنافس معلوف مع صديقه جان كريستوف روفان (71 عاما)، الطبيب والدبلوماسي السابق والمتحصل على جائزة غونكور عام 2001 عن روايته “Rouge Bresil” وانضم إلى الأكاديمية عام 2008. وبدا روفان سعيدا للغاية بانضمام صديقه إلى المؤسسة العريقة، إذ توجه إليه حينها قائلاً “لدي انطباع بأن أحلامنا جعلت منا أكثر من مجرد أصدقاء، فقد أصبحنا بمثابة الإخوة”.

pp

وقد أظهر روفان الكثير من التردد في خوض المنافسة، حتى أنه ترك انطباعا في مراحل معينة بأنه سيعدل عن الترشح، قبل الدخول رسميا في السباق.

وأبدى جان كريستوف روفان انزعاجا من الابتعاد عن مظاهر المنافسة الديمقراطية في انتخاب رأس المؤسسة العريقة التي تتباهى بمواكبتها الحداثة. ونقلت مجلة “أم” التابعة لصحيفة “لوموند” الفرنسية اليومية عنه قوله السبت “كأننا في كوريا الشمالية”.

وتم اعتماد أسلوب الانتخاب المغلق، خلال الجلسة الأولى للأكاديمية بعد العودة من الإجازة. وقالت وزيرة الثقافة ريما عبدالملك، وهي أيضا فرنسية من أصل لبناني، لدى وصولها إلى مقر الأكاديمية بعد الانتخابات “إنه اختيار ممتاز، (…) كاتب عظيم، ورجل أخوّة وحوار وتهدئة”.

وأكدت أن انتخاب معلوف يتضمّن “رمزية رائعة لجميع الناطقين بالفرنسية في العالم”. وسيعفى الأمين الدائم الجديد على الفور من المهمة التي كرست لها إيلين كارير دانكوس الكثير من الطاقة، وهي إكمال الطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية؛ ذلك أن هذه المهمة أوشكت على الانتهاء.

1