أمير قطر ينفي وجود الإخوان في الدوحة ويدعو دول الخليج للتحاور مع إيران

الدوحة - نفى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأربعاء، أن تكون لبلاده أي علاقة مع تنظيم الإخوان المسلمين، داعيا دول الخليج التي هي في خصومة مع إيران الى "التحاور" معها، معتبرا الجمهورية الإسلامية بلدا مهما بالنسبة إلى الدوحة.
وفي مقابلة مطولة مع مجلة "لوبوان" الفرنسية نشرت الخميس قال الشيخ تميم "ليس لدينا مثل هذه العلاقات".
كما نفى الأمير القطري وجود أعضاء من تنظيم الإخوان المسلمين أو أي من أي جماعات متصلة بها على الأراضي القطرية، قائلا "نحن دولة ولسنا حزبا، نتعامل مع الدول والحكومات الشرعية وليس مع التنظيمات السياسية".
وأضاف "نحن بلد منفتح، شخصيات عديدة تحمل آراء مختلفة، تأتي إلينا وتذهب، لكننا دولة لا نتعامل مع الأحزاب".
وكانت السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر، قطعت علاقاتها مع قطر في يونيو 2017 بعدما وجّهت الدول الأربعة اتهامات للدوحة بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي أطاح بها الجيش المصري من السلطة في العام 2013.
وفي إطار إعادة بعث العلاقات بينهما، زار الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في الدوحة، الثلاثاء، في زيارة هي الأولى منذ توليه منصبه في 2014، في خطوة تهدف لتكريس المصالحة بين البلدين بعد قطيعة استمرت ثلاث سنوات.
وكان أمير قطر زار مصر في يونيو الماضي بهدف تكريس المصالحة.
وحول علاقات بلاده مع الجيران والحصار الذي فرض على بلاده في عام 2017 قال الشيخ تميم "لا أود الحديث عن الماضي، بل نريد أن نتطلع إلى المستقبل".
وتابع "فنحن نمر بمرحلة جديدة تسير فيها الأمور نحو الاتجاه الصحيح. ندرك أن وجهات النظر قد تتباين أحيانا، ونستعد للمستقبل مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهو أمر أساسي لإطلاق إمكانات الشباب في المنطقة".
وأضاف "وحدتنا وتعاوننا أمران مهمان للعالم أجمع، ويمر مجلس التعاون الخليجي بمرحلة تعاف بعد صدمة كبيرة واضطرابات، لكننا اليوم نسير في المسار الصحيح".
وفي الشأن الإيراني، أكد أمير قطر أنها "دولة بالغة الأهمية بالنسبة إلينا... تربطنا بها علاقة تاريخية، بالإضافة إلى حقل الغاز الرئيسي الذي نتشاركه معها. نشجع جميع دول مجلس التعاون الخليجي وإيران على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة".
وأضاف "صحيح أن التباينات موجودة لدى الجميع، لكن يتوجب علينا الجلوس معا ومناقشتها مع الإيرانيين بشكل مباشر ومن دون أي تدخل خارجي"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا) لحوار الشيخ تميم بن حمد مع المجلة الفرنسية.
وتتمتع قطر بعلاقات جيدة مع إيران التي تشترك معها في أكبر حقل للغاز في العالم بارس الجنوبي الذي تطلق عليه طهران اسم حقل الشمال.
وكان أمير قطر قد زار إيران في مايو الماضي بدعوة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي كان زار الدوحة في فبراير الماضي، حيث التقى الشيخ تميم وشارك في مؤتمر قمة للدول المصدّرة للغاز.
ونسجت قطر على مدى السنوات الماضية علاقات متينة مع إيران، وبلغت هذه العلاقات في الأشهر الماضية مستوى جديدا، ترجم في مشاركة قيادات من الحرس الثوري الإيراني في معرض للدفاع احتضنته الدوحة في مارس الماضي، وقد أثارت تلك المشاركة للحرس الذي يصنف إرهابيا في الولايات المتحدة وعدد من دول الخليج جدلا واسعا.
ويتوسع الحرس الثوري الإيراني، الذي يخضع مباشرة للمرشد الأعلى لإيران في المنطقة عبر وكلاء في عدة دول، والتي منها اليمن حيث شنت جماعة الحوثي خلال الأشهر الماضية وابلا من الضربات على منشآت النفط السعودية.
وتوجد خصومة حادة بين إيران والسعودية، لكن البلدين أجريا خلال الأشهر الأخيرة محادثات استضافها العراق.
وعلى صعيد آخر، اعتبر الشيخ تميم بن حمد ردا على سؤال عن العقوبات الأوروبية على روسيا بسبب حرب أوكرانيا، أنه "لا بدّ من الحذر في أنواع العقوبات التي تعقّد الأمور بالنسبة للعالم أجمع"، مضيفا في الوقت نفسه أنه "لا يحكم إذا كانت أوروبا على خطأ أو على صواب".
وأضاف "يمكننا أن نلاحظ المشاكل التي يتسبب بها نقص الطاقة في أوروبا اليوم"، مشددا على ضرورة "إيجاد حل" للحرب في أوكرانيا ووقفها.
وقال إن بلاده التي تعتبر أحد أبرز منتجي الغاز في العالم، "ستزوّد أوروبا بالغاز خلال السنوات المقبلة"، لكنه أكد أن هذا الغاز "لا يمكن أن يكون بديلا عن الغاز الروسي".
وتحدث أمير قطر عن تطبيع عدد من الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات، علاقاتها مع إسرائيل، فقال "لكل دولة الحقّ في إقامة علاقات مع الدول التي تريدها، ولكن ما هو التطبيع مع إسرائيل؟ جديا، هل الأمور طبيعية؟ (...) لا، لا يزالون يحتلون أراضي عربية، واللاجئون لم يعودوا الى منازلهم منذ سبعين عاما".
وشدّد على أهمية التوصل الى "تسوية سلمية" للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وقال "نحن نتحدث مع الإسرائيليين، ونأتي بمساعدات الى سكان غزة والضفة الغربية"، معبرا عن الأسف "لأننا لا نزال بعيدين" عن السلام.
وغالبا ما تتوسط قطر بين الفلسطينيين وإسرائيل وتقدّم مساعدات لحلحلة الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
وعن النزاع في سوريا حيث دعمت قطر في بدايته فصائل معارضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، شدّد أمير قطر على أهمية قيام "عملية سلمية"، لكنه انتقد النظام قائلا "كيف نقبل بأن يرتكب قائد مجازر في حق شعبه ويطرد ملايين اللاجئين من بلده؟".
وحول التوتر بين الولايات المتحدة والصين، أوضح أمير قطر "لا نريد أن نرى العالم منقسما بين قوتين عظميين لأن ذلك سيشكل خطرا كبيرا. لكنني لا أعتقد أن ذلك يحصل في الوقت الحالي، وآمل ألا يحصل أبدا. فدولة قطر حليف مهم للولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية بشكل عام، لكن الصين هي المستورد الأول للغاز الطبيعي المسال القطري.
كما أكد دور الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه بالغ الأهمية، وتربطنا علاقات ممتازة مع معظم الدول الأوروبية.
وحول رؤيته للمنطقة العربية، وما إن كانت عرضة لاندلاع انتفاضات جديدة على غرار ما حدث في عام 2011، قال أمير قطر للمجلة الفرنسية "ما زالت الجذور العميقة المسببة للربيع العربي موجودة للأسف، كالفقر والبطالة، والخريجين العاطلين عن العمل... هل وجدنا الحلول لهذه المشاكل؟"، وأجاب "كلا، بل تفاقمت. وإذا لم نجد الحلول، فستتكرر الأحداث التي أدت لها هذه الأسباب في المقام الأول".
واعتبر الأمير أن "الطريقة الأمثل لتفادي الاضطرابات في المستقبل هي تنفيذ الإصلاحات بشكل تدريجي". وقال "يتعين علينا أن نعطي شعوبنا أملا حقيقيا وليس مجرد كلمات، وأن نؤمن الوظائف والفرص، وأن نسمح للشباب بالتعبير عن آرائهم واختلافاتهم".
وحول دور الوساطة الذي تلعبه قطر، قال إن "الجمع بين الأطراف من أصحاب الآراء المتباينة هو جزء من سياستنا. وفيما يتعلق بطالبان، فقد اضطلعنا بدور الوسيط تجاوبا لطلب أصدقائنا الأمريكيين، استمرت المفاوضات لسنوات، وشهدت تقلبات عديدة، ولا شك بأن ما حصل العام الماضي لم يكن متوقعا. لكن وبشكل عام، تعاونا بشكل وثيق مع الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية بما فيها فرنسا".
وتابع "وفيما يخص الشأن الإيراني، لم نتلق طلبا بشكل رسمي، لكننا على تواصل مستمر مع حلفائنا الأميركيين ومع الإيرانيين على حد سواء، لأن إيران دولة مجاورة. من واجبنا ومصلحتنا أن نقوم بكل ما في وسعنا لجمع الأطراف معا وتشجيعهم على التوصل إلى تسوية سلمية، نحن لا نضع حدودا أمام أنفسنا عند اختيار أطراف الحوار شريطة إيمانهم بالتعايش السلمي، لكننا لسنا مستعدين للتحاور مع من يعارض ذلك، ولسنا مستعدين بطبيعة الحال للتحاور مع الإرهابيين والجماعات العنيفة".