أمير الكويت: النيران مشتعلة حولنا

الكويت - عاشت الكويت يوم ثلاثاء استثنائيا فرضه مضمون خطاب أميرها الشيخ صباح الأحمد الذي ألقاه في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الأمة (البرلمان). وحذر في الخطاب من خطورة الأحداث التي تشهدها المنطقة ذاهبا إلى حد القول إن “النيران مشتعلة حولنا”. وفي لقاء مغلق مع النواب الكويتيين، حذر أمير الكويت من أن الأوضاع في المنطقة بعد تطبيق العقوبات الجديدة على إيران “لن تكون كما كانت قبلها”.
تطرق الشيخ صباح في الخطاب الاستثنائي إلى الأوضاع السياسية الداخلية معلنا بحزم أنه “لن يسمح بتحوّل نعمة الديمقراطية في الكويت إلى نقمة تهدد الاستقرار”، فيما شدد خلال حديثه عن أوضاع المنطقة، على ضرورة اليقظة في “مرحلة استثنائية لعلها الأخطر على حاضرنا ومستقبلنا”.
وبعدما عدد أوجه انحراف الممارسة البرلمانية عن مسارها الصحيح تارة لهدف طائفي وطورا لهدف انتخابي مصلحي سأل “ما قيمة أحكام الدستور والقوانين وقرارات المحكمة الدستورية إذا تم تجاوزها؟”، ليضيف “بكل صراحة وجدية لن أسمح بأن نحيل نعمة الديمقراطية التي نتفيأ بظلالها إلى نقمة تهدد الاستقرار وتهدم البناء”.
وفي إشارة إلى الاستجوابات “الشهيرة” في الكويت كأداة يستخدمها بعض النواب لتصفية الحسابات أو لتحقيق مصالح شخصية وفئوية، تساءل الشيخ صباح “لماذا كل هذا التسابق المحموم على تقديم الاستجوابات؟ ولماذا الإصرار على استجواب رئيس الوزراء في أمور من اختصاص الوزراء بالمخالفة للدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة؟”.
لكن الأمير الذي كان حازما وحاسما في الحفاظ على استقرار بلاده، جزم أيضا بأنه “لم يكن ولن يكون في الكويت أبدا ما يعرف بسجين سياسي أو معتقل”، مشيرا إلى أنه “لم يصدر حكم قضائي واحد بالإدانة من دون محاكمة عادلة توافرت فيها جميع الضمانات لحق الدفاع″.
وإذ دعا الجميع إلى الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم الوطنية والعمل الجاد لوقف تردي الممارسات البرلمانية وتصويب مسيرتها والمحافظة على النظام الديمقراطي، شدد على أن “حرية الرأي والتعبير سمة من سمات المجتمع الكويتي، وحرصنا على استمرارها أمر لا يقبل المزايدة”.
وكان لافتا تذكيره بأنه “من جيل المؤسسين المخضرمين”، وتشديده على أنه لن يسمح بأي ممارسات تهدد الاستقرار.
وفي انتقاد حاد غير مسبوق للظاهرة التي تعرف في دول الخليج – ومن بينها الكويت – بـ”الذباب الإلكتروني”، حذر الأمير من أن “وسائل التواصل الاجتماعي تعج بالحسابات الوهمية المغرضة وأصبحت أداة للفتن والابتزاز والهدم والاسترزاق المدمر”، داعيا إلى “الإسراع بإصدار تشريع لضمان انضباط استخدامها”.
وبارك الخطوات الحكومية لمحاربة الفساد وحماية المال العام، بيد أنه لفت إلى ضرورة الالتزام بقاعدة أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.

وكانت لافتة مقاربة أمير الكويت لأوضاع المنطقة، إذ قال “نشهد بكل حسرة واقع منطقتنا المرير وتداعياتها الخطرة، إذ نعيش مرحلة استثنائية لعلها الأخطر على حاضرنا ومستقبلنا بعد أن تحولت المنطقة إلى ساحة للقتل والدمار ومسرحا للصراعات والعصبيات وتصفية الحسابات”، مشددا على أن “الأوان آن لكي تدرك جميع شعوب المنطقة بأنها مستهدفة في أمنها واستقرارها واقتصادها، وندعو المولى القدير لتصفو القلوب وتهدأ النفوس وتلتئم الجراح بما يعزز مكانة مجلس التعاون الخليجي”.
واختتم الأمير خطابه بتوجيه رسالتين، الأولى للنواب بمثابة “جرس إنذار”، والثانية للمواطنين لطمأنتهم ودعوتهم إلى عدم القلق. فقال في الأولى “إنني على ثقة بأنكم تدركون جسامة الأخطار المحيطة بنا وتبصرون سعير النيران المشتعلة حولنا وتعون دقة وهشاشة الأوضاع في منطقتنا وتقدرون أبعاد التحديات التي تعترض مسيرتنا وليس كل ما يعرف يقال… وفي مواجهة كل هذه المخاطر والتحديات فإنني مطمئن أنكم قد استوعبتم رسالتي”.
وأضاف في الثانية “أوجه كلمة إلى إخواني وأبنائي وأحبائي المواطنين وأدعوهم إلى عدم الالتفات لدعاة التشاؤم ومثيري الفتن ومروجي الإشاعات وباعثي القلق والإحباط حول المستقبل”، مشددا على أن “الكويت كانت وستظل دوما بخير وأمان”.
وبعدما ألقى أمير الكويت خطابه الاستثنائي في افتتاح البرلمان، استقبل عددا من النواب في جلسة مغلقة لتوجيه النصح والإرشاد في ما يتعلق بتداعيات المرحلة المقبلة على الصعيد الإقليمي.
وكشف عدد من النواب الذين شاركوا في اللقاء أن الأمير وضعهم في صورة التطورات قبل أيام من بدء سريان العقوبات على إيران. وأكد أن “ما بعد العقوبات ليس كما قبلها وعليكم أن تتمسكوا بخطاب التعاون والوحدة لأن دعم الاستقرار هو الرد الذي يمكننا من تحصين أنفسنا”.
وأضاف هؤلاء النواب نقلا عن الشيخ صباح أن الكويت لن تتردد في الوقوف إلى جانب “الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في السراء والضراء، فالمرحلة المقبلة ليست سهلة على الإطلاق وتداعياتها لن تستثني أحدا”.
وأوضح هؤلاء أن كلام الأمير معهم كان في اتجاهين: مرونة في دعوتهم إلى القيام بواجبهم التشريعي والرقابي بأكبر سقف ممكن، وحزم في مواجهة أي انحراف في ممارسة هذا الدور مكررا أنه مؤتمن على استقرار الكويت ولن يتوانى عن اتخاذ كل ما من شأنه حماية الوحدة الوطنية ودعم الأمن بشقيه العسكري والاجتماعي.