أموال المغتربين وإيرادات السياحة تغطيان نصف خدمة الديون التونسية

مساهمة أموال التونسيين الذين يعيشون في المهجر وما يتم جنيه من السياحة يشكلان 44 في المئة من فوائد القروض التي تعمل الحكومة على سدادها.
الجمعة 2025/03/14
عوائد هامة

تونس - تظهر أحدث المؤشرات النقدية والمالية للبنك المركزي التونسي أن تحويلات المغتربين وإيرادات السياحة تغطي قرابة نصف خدمة الديون الخارجية للبلد، الأمر الذي يثير حفيظة أوساط الخبراء والمحللين من الطريقة التي يتم بها استنزاف الاحتياطي النقدي.

وبحسب البيانات التي نشرها البنك المركزي الأربعاء الماضي، فإن مساهمة أموال التونسيين الذين يعيشون في المهجر وما يتم جنيه من السياحة يشكلان 44 في المئة من فوائد القروض التي تعمل الحكومة على سدادها.

وبلغ حجم خدمة الدين الخارجي حتى نهاية فبراير الماضي 4.97 مليار دينار (1.6 مليار دولار)، في حين وصلت مداخيل تحويلات المغتربين وعوائد السياحة إلى 2.2 مليار دينار (710 ملايين دولار).

وبينما نمت التحويلات خلال أول شهرين من هذا العام بواقع 6.2 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 1.26 مليار دينار (410 ملايين دولار)، زادت عوائد صناعة السياحة بنحو 5.6 في المئة بمقارنة سنوية لتبلغ 938 مليون دينار (302 مليون دولار).

ويرى خبراء أنه رغم أهمية هذين المجالين في جعل الاحتياطي النقدي ينمو باطراد من أجل تغطية التزامات التوريد، إلا أن استخدام الدولة لهذا الرصيد سيجعل هناك خللا مع مرور الوقت، خاصة في ظل رفض تونس الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي.

ويعطي هذا التمشي الذي ينتقده كثيرون بشأن الحلول المتبعة لمشكلة الدين العام للدولة دليلا على أن الأسلوب المتبع حاليا قد لا يفي بالغرض مع النهم الكبير الذي تحتاجه الحكومة لتمويل الميزانية العامة وسداد الديون وفوائدها.

وبالتالي، تقتضي الضرورة ضبط خدمة الديون وتقليصها قصد تخفيف الضغط على التوازنات المالية وإيلاء اهتمام خاص لنسب الفائدة المتغيرة أو الثابتة والقيمة والآجال المقترحة في اتفاقيات القروض.

1.6

مليار دولار سددتها الدولة في يناير وفبراير، 44 في المئة منها من رصيد التحويلات والسياحة

ولكن الشيء الأهم الذي يقع على عاتق الدولة هو كيفية إعطاء القطاعات الأخرى جرعة أكبر من أجل تحفيزها على الانفتاح على الأسواق العالمية والأفريقية والعربية، لبيع منتجاتها هناك، بما يحقق للدولة إيرادات إضافية ترفد بها احتياطياتها من العملة الأجنبية.

وتواجه البلاد، التي تعاني من ركود اقتصادي جراء تتالي الأزمات التي أرهقت القدرة الشرائية للتونسيين وقطاع الأعمال، صعوبات في تعزيز إيراداتها من القطاعات الرئيسية المولدة للعملة الأجنبية مثل الصناعات التحويلية والفوسفات.

وتضرر الاقتصاد بشدة من الوباء وتداعيات الحرب في أوكرانيا، ما أدى إلى صعود صاروخي في التضخم، الذي بدأ في التراجع، واختفاء عدة سلع ضرورية من الأسواق قبل أن تعود إلى حالتها الطبيعية، فضلا عن ارتفاع تكاليف الاقتراض من القطاع المصرفي.

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن الاحتياطي النقدي يبلغ حاليا 23.2 مليار دولار (7.47 مليار دولار) أي أنه تراجع بمقدار 9.1 في المئة قياسا بما كان عليه قبل عام.

وتشير وثيقة ميزانية 2025 إلى أن حجم القروض الخارجية سيتراجع إلى حوالي 1.98 مليار دولار مقارنة مع 5.32 مليار دولار في 2024. في المقابل، سيتضاعف حجم القروض الداخلية ليصل إلى نحو 7.08 مليار دولار من 3.57 مليار دولار العام الماضي.

ولئن كانت مسألة تضخم الدين العام أمرا يبدو عاديا، إلا أن السياسات التي اتبعتها كل الحكومات في العشرية الماضية تجعل النظرة لما يحدث اليوم مختلفة كون محددات قياس تعافي النمو لا تسير على النحو الأمثل في ظل تتالي التحذيرات من خطر يتربص بالاقتصاد.

ويشكل توفير الديون اللازمة لتمويل احتياجات تونس الكبيرة أكبر التحديات بالنسبة للمسؤولين، وقد انعكس ذلك خلال العام 2023 في خفض جدارتها الائتمانية من قبل أبرز وكالات التصنيف العالمية.

وكان المرصد التونسي للاقتصاد، وهو مركز بحثي، أكد في تقرير أصدره يناير الماضي أن على المسؤولين البحث عن بدائل لخطوط الائتمان من صندوق النقد الدولي، بما أن السلطات لا تحبذ التعامل معه على الأقل حاليا، مع العمل على تنويع مصادر التمويل.

وأشار إلى أهمية استكشاف المنظومات المالية الإقليمية واتفاقيات تبادل العملات الثنائية وضرورة تخفيف الضغط على الإنفاق الاجتماعي والاستثماري عبر التوجه إلى حلول تمويل أخرى للميزانية تقطع مع مراكمة القروض وفوائدها الباهظة.

10