أموال المغتربين تحافظ على تفوقها أمام عوائد السياحة التونسية

تونس- استمرت تحويلات المغتربين التونسيين في تحقيق النمو باطّراد مما يمنح البلد فرصة لتعزيز احتياطاته النقدية من العملة الصعبة في وقت تشهد فيه القطاعات الإستراتيجية خمولا نتيجة اضطرابات حرب أوكرانيا وسوء إدارة الأزمة الاقتصادية.
وأظهرت بيانات حديثة نشرها البنك المركزي التونسي على منصتة الإلكترونية أن تحويلات التونسيين العاملين بالخارج ارتفعت 5.5 في المئة في النصف الأول من 2023، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2022 لتبلغ 3.9 مليار دينار (1.26 مليار دولار).
وبحسب هذه البيانات التي جاءت في وثيقة حملت اسم “المؤشرات المالية والنقدية” للبنك المركزي، فإن تحويلات المغتربين مكنت من تغطية خدمة الديون الخارجية لتونس بشكل كامل تقريبا.
1.26
مليار دولار قيمة التحويلات في النصف الأول من 2023 بنمو بلغ 5.5 في المئة بمقارنة سنوية
وبلغت قيمة خدمة الديون الخارجية لتونس حتى نهاية يونيو الماضي نحو 1.28 مليار دولار، مقابل 1.41 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأشارت بيانات المركزي إلى أن التحويلات وعائدات القطاع السياحي التي بلغت خلال الأشهر الستة الماضية 2.221 مليار دينار (716.451 مليون دولار)، ساهمت في الحفاظ على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الذي يبلغ 7.38 مليار دولار.
وتظهر الإحصائيات الرسمية أن تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج ارتفعت باطراد في الفترة الفاصلة بين 2006 و2016 لترتفع من 690 مليون دولار إلى حوالي 1.35 مليار دولار لتبلغ قبل تفشي الجائحة أي في عام 2019 نحو 1.75 مليار دولار.
وترى الأوساط الاقتصادية أن أموال التونسيين المقيمين في الخارج تعتبر موردا أساسيا يدعم احتياطات المركزي من العملة الصعبة كما أنها تخفف من الضغوط على ميزان المدفوعات وخاصة في ظل ضعف عوائد السياحة أحد القطاعات الإستراتيجية للدولة.
ويلعب المغتربون دورا مهما في تحفيز الاقتصاد التونسي، وهو ما كشفت عنه الجائحة بوضوح عبر إنعاشهم خزائن الدولة الفارغة عبر ضخهم للعملة الصعبة رغم كل التحديات التي واجهتها البلاد المتعطشة للنمو.
وكان محافظ المركزي مروان العباسي قد أكد في العديد من التصريحات الإعلامية أن المغتربين واصلوا دعم تونس خلال فترة الأزمات وأنه لولاهم لكانت مستويات احتياطات العملة الصعبة أدنى مما هو متوفرة حاليا.
وقال العباسي خلال ندوة حول تقييم مدى المساهمة الحقيقية للمغتربين في التنمية الاقتصادية لتونس خلال عام 2021 إن “تحويلات العمال بالخارج مستمرة في الزيادة على الرغم من كل الصعوبات التي نراها”.
ويتسق هذا الانطباع مع ما يقوله خبراء البنك الدولي الذين يرجحون نمو تدفق أموال المغتربين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى في ظل المخاوف من تقلبات الاقتصاد العالمي بسبب الأزمات المستمرة.
وتؤكد الإحصائيات أنه خلال العقد الأخير تطورت مساهمة المغتربين التونسيين بمعدل سنوي لا يقل عن 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لكن المركزي يقول إنها بلغت نحو 7.3 في المئة خلال السنوات الأربعة الأخيرة.
وتساهم تحويلات المهاجرين التونسيين بنسبة 32 في المئة في مخزون بلادهم من النقد الأجنبي، وبنحو اثنين في المئة من إجمالي المداخيل الضريبية للدولة، وهي بذلك تمثل 5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وحوالي 20 في المئة من الودائع في البنوك.
ووفق آخر إحصائية نشرتها وزارة الخارجية في شهر فبراير الماضي، فإن عدد التونسيين الذين يعملون بالخارج يبلغ أكثر من 1.7 مليون شخص، أي حوالي 12 في المئة من إجمالي عدد سكان البلاد.
وتستقطب أوروبا حوالي 85.7 في المئة من إجمالي عدد المغتربين التونسيين، حيث يتواجد 55.8 في المئة منهم بفرنسا و15.1 في المئة بإيطاليا و6.6 في المئة بألمانيا، بينما يتواجد 10 في المئة من المغتربين في الدول العربية.