أمن العلويين في سوريا على المحك بعد تجدد الاعدامات الميدانية

المرصد يكشف عن العثور على خمسة شبان علويين قتلوا قرب دمشق بعد احتجازهم أمنيا مؤكدا إعدامهم ميدانيا ومحذراً من هشاشة أمن الأقليات.
الأربعاء 2025/06/04
استمرار عمليات القتل يثير تساؤلات حول الأمن العام

دمشق - عثر على خمسة شبان من الأقلية العلوية مقتولين بعد يومين من احتجازهم على يد قوات الأمن قرب دمشق، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء.

وهذه الفاجعة تضع السلطات الجديدة أمام تحد كبير، وتلقي بظلالها على تعهداتها بضمان أمن جميع الطوائف في بلد يسعى للمضي قدما في مرحلة انتقالية حساسة.

وقال المرصد "عُثر على جثث خمسة أشخاص من أبناء الطائفة العلوية" في مستشفى المجتهد في دمشق مساء الثلاثاء بعدما "فقدوا لمدة يومين" إثر توقيفهم على حاجز أمني، مشيرا إلى أنه تمّ "إعدامهم ميدانيا بإطلاق الرصاص عليهم".

وأضاف المرصد "كان الضحايا عائدين إلى منازلهم في حي عش الورور" قرب دمشق الذي يقطنه علويون، على متن حافلة صغيرة "تضمّ سبعة أشخاص مع سائقها، قادمين من عملهم في مطعم بحي برزة بدمشق" قبل احتجازهم على حاجز للأمن فجر الأحد.

وقال المرصد إن سائق الحافلة أصيب بجروح وهو يمكث في مستشفى المجتهد، بينما لا يزال شخص آخر من ركّاب الحافلة مفقودا.

وأشار المرصد إلى أن أهالي الحيّ أُبلغوا بأن الشبان كانوا محتجزين لدى الأمن العام وكانوا "بصحة جيدة قبل يوم من مقتلهم"، بينما كانت حافلتهم محتجزة لدى الأمن الجنائي في حرستا قرب العاصمة.

ومنذ سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، شكّلت الانتهاكات بحقّ الأقليات أحد أكبر التحديات التي واجهتها السلطة الجديدة.

وتعهّدت السلطات الجديدة بضمان أمن الطوائف كافة، وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يواصل المجتمع الدولي حثّها على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.

في مارس الماضي، شهدت منطقة الساحل السوري أعمال عنف قتل خلالها أكثر من 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، واتهمت السلطات حينها مسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد بإشعالها عبر شنّ هجمات دامية على عناصرها. وأرسلت تعزيزات عسكرية الى المناطق ذات الغالبية العلوية.

وفي تلك المواجهة، قضت عائلات بأكملها، بما فيها نساء وأطفال ومسنون، واقتحم مسلحون منازل وسألوا قاطنيها عما إذا كانوا علويين أو سنة، قبل قتلهم أو العفو عنهم، وفق شهادات ناجين ومنظمات حقوقية ودولية.

 وقد شكّلت الرئاسة لجنة تقصّي حقائق للتحقيق في أحداث الساحل، لكن نتائجها لم تصدر بعد، مما يترك شعورا بعدم المحاسبة.

وتُعيد هذه الحادثة الأخيرة، التي تستهدف بشكل مباشر أبناء الطائفة العلوية، تسليط الضوء على هشاشة الوضع الأمني للأقليات، وتضع ضغوطا إضافية على السلطات الجديدة لتثبت قدرتها على حماية جميع مواطنيها وضمان العدالة، بعيدا عن أي انتماء طائفي أو سياسي. كما أنها تؤكد على ضرورة معالجة جذور العنف الطائفي وإرساء حكم القانون لضمان ألا تتكرر مثل هذه الجرائم.

مع تزايد حدة الانتهاكات وعمليات القتل التي تستهدفهم، بدأت بعض العائلات العلوية بمغادرة مساكنها في المناطق الأكثر عرضة للخطر، خاصة في ريف دمشق والساحل.

ويعكس هذا النزوح شعورا عميقا بانعدام الأمن، ويذكي المخاوف من موجات نزوح أكبر إذا لم تتمكن السلطات الجديدة من ضمان حمايتهم بشكل فعال. ويخشى العلويون أن يكونوا هدفا لعمليات انتقامية أو استهداف ممنهج، مما يدفعهم للبحث عن ملاذات أكثر أمانا، حتى لو كان ذلك يعني ترك منازلهم وممتلكاتهم. هذا التحرك يؤثر على النوازع المجتمعي ويزيد من تعقيدات المشهد السوري الهش، ويؤكد على أن الأمن المستدام للأقليات بات تحديا حاسما للسلطة الجديدة.