أمل جديد لأصحاب الأطراف المبتورة.. يد صناعية بمزيد من الإحساس

يشكو أصحاب الأطراف المبتورة من افتقاد الشعور باللمس والتحكم في الشيء الذي يمسكون به، حتى بعد تركيب أطراف صناعية مكان التي فقدوها. ولمساعدتهم على استرجاع هذا الإحساس، تمكن العلماء من ابتكار يدين صناعيتين تتميزان بدقة أكبر في الشعور بتفاصيل الأصابع وملمس الأشياء.
روما – طور العلماء يدين صناعيتين تعطيان الأشخاص الذين خضعوا لجراحة بتر اليد المزيد من الإحساس عند المسك بشيء ما. وتهدف إحدى هاتين اليدين إلى تمكين المريض ليس فقط من الشعور بشكل الشيء الذي يمسك به وبملمسه، بل الإحساس أيضا بوضع اليد ومكانها.
ويركز مشروع بحثي آخر على يد صناعية يستطيع المريض من خلالها الشعور بما إذا كان الشيء الذي يمسك به ينزلق من بين أصابعه، وذلك حتى يشدد قبضته عليه لكي لا يسقط منه.
ونشر مطورو اليدين بحثهم في مجلة “ساينس روبوتيكس” المعنية بأبحاث الأجهزة ذاتية الحركة. وقال فريق من الباحثين تحت إشراف لوريدانا زولو، من جامعة “بيو ميديكو” في روما، إنهم نجحوا في زراعة أقطاب كهربائية خاصة في أعصاب الذراع لمرأة تم بتر يدها اليسرى.
وأوضح الباحثون أن المرأة أصبحت بعد ذلك قادرة على التعامل مع الأشياء بشكل أكثر إحساسا، مما ساعدها في أشياء كثيرة منها عدم انزلاق الأشياء من بين أصابعها. ونشر الباحثون صورا للمرأة وهي تسكب الماء في كوب وتستخدم أحمر الشفاه بمساعدة اليد الصناعية.
وحسبما ذكر باحثون من زيورخ و لوزان وجنيف بسويسرا وبيزا وروما في إيطاليا وفرايبورغ في ألمانيا، تم تحفيز الأعصاب أيضا خلال الزراعة التي تجعل أصحاب الأيدي المبتورة قادرين على معرفة وضعية اليد، حيث استطاع مريضان خلال التجارب معرفة ما إذا كانت يداهما مفتوحتين أم لا، وما هو مقدار هذا الفتح، دون أن ينظرا إلى يديهما، وذلك بدرجة دقة مماثلة لدقة الأشخاص ذوي الأيدي الطبيعية.
ونشر الباحثون مقاطع فيديو عن التجارب يظهر فيها كيف يمسك المتطوعون أحد الأشياء بمساعدة يد صناعية. ويستطيع المرضى، اعتمادا على وضعية أصابعهم، القول ما إذا كان هذا الشيء كبيرا أم صغيرا. ولم تكن اليد خلال التجارب مثبتة بنهاية الساعد مبتور اليد، بل كانت موجودة فوق منضدة.
ويوضح توماس شتيجليتس، والذي شارك في التطوير عن جامعة فرايبورغ الألمانية، أن النظام الجديد يتمتع بميزتين “فعندما يريد المريض معرفة وضعية اليد من خلال النظر إليها فقط، ثم يمدها ليمسك بشيء ما، فإن ذلك يتطلب تركيزا مرتفعا ويستغرق وقتا أطول. كما أن المريض يشعر بالعضو الصناعي كجزء منه أكثر عندما يكون إحساسه بوضعية اليد تلقائيا”.
رغم قدرة ذوي اليد الصناعية على تعلم المسك، إلا أنهم لا يستطيعون الشعور بالحركة إلا بالنظر إلى اليد دائما
ورغم قدرة المرضى ذوي اليد الصناعية على تعلم المسك باستخدام قوة العضلات، إلا أنهم لا يستطيعون الشعور بالحركة، حيث يضطرون للنظر إلى اليد الصناعية دائما لكي يستطيعون توجيهها.
وبرهن الباحثون عام 2014 على أن المريض صاحب اليد الصناعية يستطيع الشعور بشكل الشيء وحجمه وملمسه، عندما يتم زرع أقطاب صناعية تتصل باليد الصناعية عبر أقطاب كهربائية من خلال أعصاب الساعد.
واستطاع الباحثون في هذه الأثناء زرع الأقطاب الصناعية لمريضين آخرين، لمدة ستة أشهر لكل منهما، حيث حصل كل واحد على يدين صناعيتين، بكل منهما 14 نقطة اتصال في العصب المتوسط، والذي ينقل الشعور من إصبعي الإبهام والسبابة إلى المخ، وفي عصب الكوع المسؤول عن نقل إشارات الإصبع الصغير.
وقال الباحثون إن المريضين استطاعا بعد بعض التدريب، ليس فقط إدراك شكل الشيء الذي يمسكان به وملمسه، بل الشعور أيضا بمدى انفتاح أصابع اليد الصناعية عند الإمساك، وهذا، حسبما أوضح شتيجليتس، “يشبه قيادة الدراجة، التي يحتاج الإنسان تعلمها مرة واحدة”.
غير أن الباحث الألماني أشار إلى أنه لا يزال من الضروري إدخال بعض التحديثات التقنية على مثل هذه الأيدي الصناعية قبل أن يصبح مبتورو اليد قادرين على استخدامها في شؤونهم اليومية. وقال شتيجليتس إن الأسلاك كانت موضوعة في جلد المرضى أثناء التجارب حتى الآن، وهو ما ينطوي على خطر الإصابة بالعدوى.
وبحسب شتيجلتس، يضطر الباحثون لوضع الإلكترونات المحفزة تحت الجلد، كما هو الحال مع منظم ضربات القلب، في منطقة الصدر، على سبيل المثال. ويقول شتيجلتس إنه ليس هناك حتى الآن قابس كهربائي صغير بدرجة كافية لربط الأقطاب الكهربائية المزروعة في عصب الذراع مع الإلكترونات.
كما أنه من الضروري جعل الأقطاب الكهربائية التي يتم إدخالها عبر الأعصاب، والتي تضاهي ورق الذهب في رقتها، أكثر متانة لاستخدامها على مدى سنوات.
ويأمل شتيجليتس في أن تكون هناك أبحاث جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة تساعد في العثور على مواد جديدة، للاستعانة بها في تطوير هذه الأيادي الصناعية المتطورة.
وكان العلماء قد ابتكروا سابقا أنامل ذكية تعيد حاسة اللمس لمن بترت أصابعهم، بحيث يشعرون بنعومة الأسطح أو خشونتها من خلال أقطاب كهربائية مزروعة في أعصاب العضد.
ونجح الباحثون بالمعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا وكلية سانتا أنا للدراسات المتقدمة بإيطاليا، في جعل دينيس آبو سورنسن المبتور الإصبع يتحسس بأنامله الأسطح بصورة آنية من خلال هذه التقنية المتطورة.
ويقول البحث الذي نشرت نتائجه في دورية (إيلايف) إن سورنسن هو أول إنسان فى العالم يتعرف على ملمس الأشياء مستخدما أطراف أصابعه المتصلة بأقطاب كهربائية تمت زراعتها جراحيا في المنطقة التي تعلو الجزء المبتور.