"أماني" فيلم ينقل معاناة بطلة عراقية إلى العالم

عمل توثيقي يصور قصة أماني نصار البطلة التي تحدت إعاقتها.
الخميس 2022/09/01
الإعاقة ليست نهاية الحياة

تزخر الحياة من حولنا بقصص وحكايات ملهمة، حيث يكون فيها الإنسان هو البطل رغم الظروف القاسية والأوضاع الجسدية الحرجة وربما حتى الإعاقة التي فرضت عليه بفعل الصدفة، لكنها عوض أن تحوله إلى “مسكين” جعلته بطلا وفتحت له أبوابا شاسعة للشهرة. ومن هؤلاء البطلة العراقية أماني نصار التي ستجوب أوروبا لنقل حكايتها في فيلم يحمل اسمها.

بغداد - صور المخرج العراقي فاضل ماهود قصة أماني نصار، وهي بطلة عراقية في الرياضات الفردية، ليسلط الضوء على خصوصية ذوي الاحتياجات الخاصة في بلاده، لاسيما أولئك الذين كانوا ضحية الواقع الصعب، لكنه ينقل اليوم قصة أماني إلى العالم ويعرّف بها وبالصعوبات والاحتياجات التي تواجهها المرأة العراقية وخاصة ذات الاحتياجات الخاصة.

ويشارك الفيلم العراقي الوثائقي القصير، وهو من سيناريو الفنان الراحل سعد هدابي، في فعاليات مهرجان الأمل السينمائي الدولي بنسخته الثانية في الاتحاد الأوروبي والذي ستجري فعالياته على متن الباخرة "كوستا فيرنزا"، وستجوب البحر الأبيض المتوسط من روما عاصمة إيطاليا مرورا بعدد من الدول الأوربية، وذلك بحضور عدد من الفنانين العرب والأجانب وبمشاركة ثمانية أفلام روائية طويلة وعشرين فيلما روائياً قصيراً من أصل ثلاث مئة فيلم من خمس وعشرين دولة في العالم.

وقال الفنان فاضل ماهود إن "سعادتي كبيرة بمشاركة فيلم 'أماني' في مهرجان دولي كبير، ألا وهو مهرجان الأمل السينمائي الدولي الذي يسلط الضوء على الإنتاجات السينمائية ذات الطابع الإنساني المؤثر في المجتمع".

فادي اللوند: المهرجان يهتم بالقضايا الإنسانية في فن السينما

وأضاف أن "فيلم ‘أماني’ سيمثل العراق دوليا كونه الفيلم العراقي الوحيد المشارك في المهرجان وسيعرض أمام كبار الفنانين العرب والأجانب مع عدد من الأفلام المشاركة". واستدرك قائلا "أتمنى أن ينال الفيلم إعجاب الحاضرين، وأنا واثق من ذلك لكونه يتطرق إلى حالة إنسانية مأساوية تتناول قصة فتاة عراقية من محافظة الناصرية اسمها أماني فقدت ساقيها نتيجة عمل إرهابي جبان".

ويتناول الفيلم قضية مهمة لفتاة تتعرض لإصابة مميتة في حادث إرهابي فتفقد ساقيها، وهي الرياضية وبطلة آسيا لرمي الرمح أماني نصار. وحين التقاها المخرج فاضل ماهود تعاطف معها وحاول الاتصال بالطبيب الأميركي الذي بتر أطرافها وبطبيب عراقي شاب غادر بلاده مرغما خلال فترة حكم نظام صدام حسين، حين فرض عليه قطع أذان وألسن العسكريين أو المناهضين للحكم فسجن حينها بعقوبة من النظام ليغادر الوطن إلى أستراليا، بهدف بحث إمكانية ربط جسد أماني بأطراف اصطناعية متصلة بالنخاع الشوكي والأعصاب والعظام ليكون الطرف الاصطناعي مشابها للطبيعي.

الفيلم تسجيلي في إيقاع يشد المشاهد؛ فهو مبني بناء محكما كقصة وحبكة درامية توثيقية، ويمتاز بالتركيز على المشاعر الإنسانية وحركة الكاميرا الدقيقة التي تسعى للتأثير على المشاهد من خلال حضورها في كل المواقع وهي تنقل أحداث السفر والعمليات الطبية والمحاولات والاتصالات من أجل حل مشكلة البطلة أماني.

وأماني نصَّار لاعبة رماية وألعاب قوى من ذوي الاحتياجات الخاصة، تبلغ من العمر اثنين وعشرين عاما، وشاركت في العديد من البطولات المحليَّة والدوليَّة وأحرزت أوسمة ملونة ورفعت اسم العراق عالياً في المحافل الدوليّة.

وتجرعت أماني، وهي من مواليد مدينة الناصرية جنوبي العراق، معاناتها وهمومها بوصفها شابة عاشت في ظروف استثنائية، تتحدى الوجع لتقتنص فرص النجاح والفوز في كلِّ مناسبة رياضية كي تصعد إلى منصّات التتويج رافعة علامة الانتصار والإرادة.

◙ الفيلم الوثائقي يسلط الضوء على كفاح اللاعبة ويروي قصة معاناتها ونجاحها

وقالت البطلة الرياضية وبطلة الفيلم إنها "لم تكن تعرف أن الحريق الذي حدث في بيتها قبل عشر سنوات سيحولها من ضحية إلى بطلة رياضية على مستوى العراق والوطن العربي وتحقق إنجازات كبيرة لترفع من سقف طموحها رغم الظروف الصحية التي مرَّت بها طوال سنوات".

وبيَّنت اللاعبة "إعاقتي هي بتر الطرفين، بسبب إطلاق ناري على مدفأة نفطيَّة، ما أدَّى إلى انفجارها وإحراقي ودخولي في غيبوبة لثلاثة أشهر، وبقيت تحت العلاج لمدة سنة كاملة في مستشفى ابن سينا، فكانت أياما صعبة جداً عليّ وعلى أهلي، ولكن الحمد لله استطعت تجاوز ذلك".

واختار المخرج العراقي فاضل ماهود أن يسلط الضوء على كفاح اللاعبة من خلال الفيلم الوثائقي الذي يحمل اسمها ويروي قصة معاناتها ونجاحها. وعن هذا الفيلم أوضحت أماني "تقبلت فكرة الفيلم بصعوبة (..) ولكن بعد لقائي بمخرج الفيلم في أحد المهرجانات، والذي عرض فكرة الفيلم على أهلي وقدَّم لي إمكانية إنجاز أطراف صناعيَّة ذكيَّة عن طريق الزرع وإجرائي العملية، لم يتقبل جسمي الزرع، فاضطررت إلى إزالة الأطراف بعد ثمانية أشهر من العملية".

وتابعت “رسالتي إلى ذوي الهمم هي أن يبقوا أقوياء وألَّا يهتموا للإعاقة، لأن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة العقل وليست أي جزء من أجزاء الجسد، وأنا فخورة اليوم لأنني جالسة على كرسي".

يذكر أن الفيلم سبق أن فاز بثلاث جوائز للجان التحكيم في ألمانيا وفي مهرجان كوباني وملتقى البصرة ومهرجان السماوة الدولي، وفاز بالجائزة الذهبية في المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي والروائي القصير في تونس. وفاضل ماهود من عائلة فنية من مدينة المثنى، درس في المدرسة العربية للسينما والتلفزيون في القاهرة واشتغل بصناعة الفيلم القصير وشارك في الكثير من المهرجانات المحلية والدولية وتحصل على جوائز كثيرة فيها.

من جانبه قال مؤسس ورئيس مهرجان الأمل السينمائي الدولي الفنان اللبناني فادي اللوند إن "المهرجان واحد من المهرجانات القليلة على مستوى العالم التي تتناول القضايا الفنية السينمائية والإنسانية التي تتعلق بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الذين يعيشون في ظل ظروف اجتماعية غير عادية". وأضاف “نسعى فخورين لأن يكون مهرجان الأمل السينمائي الدولي هو المهرجان الأول الذي يقدم أفكاراً متميزة، متجاوزاً كل الحدود براً وجواً وبحرا".

فاضل ماهود: فيلم أماني يتناول حالة إنسانية مأساوية لفتاة عراقية

وتابع "اخترنا أن نقدم المهرجان لهذا العام بشكل غير مسبوق على مستوى أوروبا والعالم، وذلك من خلال دعوة صناع الأفلام وأعضاء لجان التحكيم والفنانين والإعلاميين المكرمين إلى حضور حفلة الافتتاح الرسمي للمهرجان في دورته الثانية لعام 2022 بتاريخ 27 سبتمبر الجاري في قاعة سينما فيدريكو فيلليني، نسبة إلى اسم المخرج الإيطالي الراحل في العاصمة الإيطالية روما".

وأشار اللوند إلى أن "اليوم الثاني من المهرجان سيشهد رحلة بحرية على متن الباخرة العملاقة والحديثة المنشأ "كوستا فيرنزا" التي ستجوب البحر الأبيض المتوسط من إيطاليا إلى فرنسا وإسبانيا ضمن ست مدن مختلفة وعاصمتين كبيرتين هما روما وبرشلونة، وكذلك ستمر البواخر بمدينة مارسيليا الفرنسية التاريخية".

وأوضح أن "عروض جميع الأفلام المشاركة ستوزع بالمهرجان في كل مدينة ودولة سنقوم بزيارتها خلال مدة انعقاد المهرجان لأسبوع كامل، بحضور جماهيري كبير لخلق حالة من التنوع والاندماج وتوصيل أهداف المهرجان إلى أكبر عدد من الجمهور عبر شاشات السينما التي ستكون نافذة كبيرة تطل على العالم بأكمله".

وذكر أن "حفل الختام سيتضمن توزيع جوائز الأفلام الفائزة على متن مسرح الباخرة ومن ثم العودة إلى روما”، لافتاً إلى أن “الفنانين المكرمين في المهرجان هم الفنانة ليلى علوي، والفنانة إلهام شاهين، والفنان أحمد بدير، والمخرج السينمائي هاني لاشين، والفنانة اللبنانية كارمن لبس، والفنان اللبناني سعد حمدان، والفنان الكويتي داوود حسين، وعدد من نجوم السينما الأوروبية، إضافة إلى أن المهرجان سيكرم ثلاثة إعلاميين مصريين من ذوي الاحتياجات الخاصة وستكون جائزتهم باسم الصحافية الفلسطينية الراحلة شيرين أبوعاقلة".

15