ألويس موسيل يوثق رحلته إلى شمال نجد على ظهور الإبل

المستكشف سجل في رحلته كل الأماكن التي عبر بها مقدما دراسة ميدانية عزز مكانتها استيعابه للغة العربية.
السبت 2023/10/28
الكتاب يتضمن سبعة فصول يتناول فيها المؤلف رحلته إلى نجد في العام 1915

الرياض - أصدرت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض كتاب "شمال نجد: يوميات رحلة استكشافية على ظهور الإبل"، من تأليف ألويس موسيل (1868-1944) ومن ترجمة عطية بن كريم الظفيري.

الكتاب الجديد يأتي في إطار سلسلة الإصدارات الخاصة للمكتبة، والتي تتناول بالبحث والتفصيل ملامح مهمة من تاريخ المملكة العربية السعودية قبل مرحلة التأسيس وبعدها، وذلك من خلال الكتب التي ألفها عدد كبير من المستشرقين والرحالة الغربيين خلال زيارتهم للجزيرة العربية عبر مراحل تاريخية متعددة. ويتضمن الكتاب الواقع في 390 صفحة سبعة فصول، يتناول فيها المؤلف رحلته منذ البدء حتى نهايتها، حيث قام برحلته إلى نجد في العام 1915.

وقد تناولت فصول الكتاب رحلة موسيل متنقلا بين أمكنة مختلفة في السعودية، فنجده يحكي رحلته من الجوف: دومة الجندل إلى الثعلبية، من الثعلبية إلى جنوب وادي الرمة، من مخيم شمّر إلى موقق، من موقق إلى العلا، من العلا إلى لينة على امتداد التخوم الجنوبية للنفود. ويواصل سرد مسارات رحلته في ديار قبيلة الظفير وصحراء الدهناء، من لينة إلى النجف عن طريق الحج القديم.

◙ أوسع المستشرقين اطلاعا على أحوال بلاد العرب
◙ أوسع المستشرقين اطلاعا على أحوال بلاد العرب

كما يضم الكتاب ثمانية ملاحق تناول فيها المؤلف بالرصد والتوصيف طريق الحج من الكوفة، وصفحات من تاريخ زرود وضواحيها والثعلبية ومحطة فيد في التاريخ وخالد بن الوليد في بزاخة وصفحات من تاريخ تيماء، ويسجل ملحوظات تاريخية حول واقصة وضواحيها، وغيرها من الموضوعات، بالإضافة إلى عدد من الصور النادرة للأماكن التي شاهدها خلال رحلته.

وتتبدى أهمية الكتاب في كونه يشكل مصدرا مهما في معرفة حياة البادية والتجمعات البدوية وعاداتها وتقاليدها، يقول موسيل في مقدمة كتابه “خلال رحلاتي في الصحراء العربية عام 1909 رسمت خريطة لحدود النفوذ الشمالية والغربية… ولقد قررت أن أستكشف في وقت لاحق الأطراف الجنوبية والشرقية للصحراء، والمضي قدما - من خلال طريق الحج - إلى الكوفة لكي أكمل رسم خريطتي لشمال الجزيرة العربية، ويمثل الكتاب الحالي سجل هذه الاستكشافات التي جرت في العام 1915".

كتاب موسيل يضم مادة جمعها من المخطوطات والمواد المطبوعة، ومن الأقوال الشفهية التي استقاها بشكل شخصي من الشخصيات التي قابلها في جزيرة العرب، ومن تعرفه على شيوخ القبائل العربية وصداقته لهم.

وقد سجل موسيل في رحلته كل الأماكن التي عبر بها ومن هنا فقد قدم دراسة ميدانية عزز مكانتها استيعابه للغة العربية، وآفاقه الفكرية الواسعة من اهتمامه بالمعالم الطبوغرافية والآثارية، وقد قسم رحلته قسمين، خصص الأول لدراسة مسحية ميدانية على أرض الواقع، والقيام بقياس المسافات وتحدي المعالم الطبوغرافية، والثاني للغوص في بطون الكتب العربية الجغرافية والتاريخية القديمة، ومقارنة هذه المواضع والمعالم الجغرافية بما ورد بالكتب المرجعية التي تجاوزت الثلاثين مرجعا، منها: ياقوت الحموي، والطبري، والمقدسي، والواقدي، وابن حوقل، والبكري، والأصفهاني وابن الأثير وغيرهم.

والبروفيسور ألويس موسيل أو موسى بن نمسا أو الشيخ موسى الرويلي عالم نمساوي – تشيكي لاهوتي، اهتم بكتاب العهد القديم والكتب اليونانية والرومانية والآرامية، والكتب العربية الجغرافية والتاريخية والأدبية القديمة في العصر الذهبي للحضارة العربية – الإسلامية، درّس في جامعة فيينا في النمسا، وفيما بعد درس في جامعة تشارلز في براغ (جمهورية التشيك) قسم الدراسات الشرقية.

قطع في سبيل العلم مسافة 21 ألف كيلومتر من الرحلات الصحراوية على ظهر بعير، وأصدر أكثر من خمسين كتابا، بما في ذلك ستة مجلدات مصورة نشرتها الجمعية الجغرافية الأميركية، ونشر نحو 1200 مقال علمي، وأكثر من 500 قصيدة نسخها وترجمها، والآلاف من صور المواقع الأثرية والمناظر الطبيعية والأشخاص وبيوت شعر البدو، والخرائط الطبوغرافية والمسوحات للأقاليم التي لم يرها الغرب من قبل، والاكتشاف المثير لقصير عمرة، وهو يعد الآن من مواقع التراث العالمي.

◙ كتاب موسيل يضم مادة جمعها من المخطوطات والمواد المطبوعة ومن الأقوال الشفهية التي استقاها من الشخصيات التي قابلها في جزيرة العرب

كتب موسيل ونشر باللغة التشيكية والإنجليزية والعربية والألمانية، وعين عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق، وكان يجيد 15 لغة حديثة وقديمة، وتعرف في رحلاته الصحراوية الطويلة على اللهجات العامية لمختلف القبائل البدوية وقام بين عامي 1895 – 1917 بإحدى عشرة رحلة ميدانية إلى المنطقة العربية شملت مواقع في فلسطين ومصر وبلاد الشام وشمال الجزيرة العربية. وقد قال عنه العلامة الشيخ حمد الجاسر “هذا المستشرق من أوسع المستشرقين اطلاعا على أحوال بلاد العرب في عصرنا الحاضر”.

يذكر أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ركزت في ترجماتها على كتب الرحلات التي تمثل أفقا مهما في مجال الثقافة والمعرفة والبحث، لهذا عنيت المكتبة بإصدارها وترجمتها، خاصة ما يهتم منها بتاريخ المملكة العربية السعودية قبل التأسيس وبعده، وتهتم كذلك بتاريخ شبه الجزيرة العربية وعاداتها وتقاليدها، حيث انتشرت هذه الرحلات عبر فترات زمنية تقع ما بين القرن السادس عشر حتى العشرين الميلادي، وينتمى كتابها إلى عدة بلدان أوروبية وشرقية مثل ألمانيا والنمسا والهند والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان.

ومن أبرز هذه الكتب المترجمة التي صدرت ضمن برنامج النشر العلمي والترجمة بالمكتبة، نذكر كتب “شهور في ديار العرب” من تأليف العلامة مسعود عالم، و”ياباني في مكة” لتاكيشي سوزوكي، و”في شبه الجزيرة العربية المجهولة” من تأليف آر إي تشيزمان، و”فيلبي الجزيرة العربية” لإليزابيث مونرو، و”شبه الجزيرة العربية في كتابات الرحالة الغربيين في مئة عام” لألبرخت زيمة وغيرها.

12