ألمانيا تفتح باب استئناف العلاقات المالية والمصرفية مع سوريا

دمشق - يتخذ التعاون الاقتصادي بين ألمانيا وسوريا منحى تصاعديا في أعقاب تخفيف الاتحاد الأوروبي العقوبات التي كانت مفروضة على دمشق خلال فترة نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وبحث وزير المالية السوري محمد أبازيد الثلاثاء بالعاصمة دمشق مع المبعوث الألماني ستيفان شنك سبل التعاون بين البلدين في القطاعين المالي والمصرفي وآفاق تطويرهما، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء السورية الرسمية.
وأكد أبازيد خلال اللقاء أهمية “تطوير القطاع المالي والمصرفي في سوريا بالتعاون مع جميع الدول الداعمة لسوريا الجديدة.” واعتبر أن ذلك التعاون من شأنه الارتقاء بأداء هذا القطاع السوري ومستوى خدماته.
وينبع اهتمام ألمانيا بتسريع وتيرة فتح أبواب التعاون مع السوريين من كونها من أكثر الدول الأوروبية التي احتضنت لاجئين من هذا البلد، وهي حريصة على نقل تجاربها إلى الإدارة الجديدة للاستفادة منها.
وشدد شنك على مواصلة بلاده العمل على رفع العقوبات المفروضة على سوريا، والحرص على الارتقاء بالعلاقة والتعاون معها. وقال إن “هناك حوالي مليون نسمة من المغتربين يسعون للمساهمة في بناء سوريا الجديدة.”
وقبل أسبوعين أعلن الاتحاد الأوروبي عن تعليق عدد من العقوبات على سوريا تشمل قطاعات الطاقة والنقل والبنوك، وذلك بعد جولة من المناقشات بين الدول الأعضاء في التكتل لمساعدة السوريين على النهوض باقتصادهم المنهار.
وبحسب بيان صادر عن مجلس الاتحاد “قرر المجلس رفع 5 شركات، هي المصرف الصناعي ومصرف التسليف الشعبي ومصرف التوفير والمصرف الزراعي التعاوني ومؤسسة الطيران العربية السورية، من قائمة المنظمات الخاضعة لتجميد الأموال.”
كما تم السماح بتوفير الأموال والموارد الاقتصادية لمصرف سوريا المركزي، وفق بيان المجلس. وكان التكتل قد أعلن أنه يعتزم تعليق عقوبات مفروضة على سوريا تتعلق بمجالات الطاقة والنقل وإعادة الإعمار، وفقا لمسودة إعلان اطلعت عليها وكالة رويترز.
وتواجه سوريا تحديات كبيرة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وسط استمرار العقوبات الدولية، ولذا فإن الضرورة تقتضي تحسين آليات الامتثال الداخلي وتعزيز الشمول المالي باستخدام التقنيات المصرفية الرقمية.
وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على احتكار القطاع العام من جانب ستة بنوك مملوكة للدولة، بدأ أول بنك خاص أنشطته في أوائل عام 2004. ومع بدء ظهور الأزمة في عام 2011 كان هناك 14 بنكا خاصا يعمل في البلاد، بما فيها ثلاثة بنوك إسلامية.
وقبل الحرب كان المصرف التجاري السوري، المملوك للدولة وأكبر بنك في البلاد، يملك نحو 37 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي، التي بلغت 45.5 مليار دولار في ذلك الوقت، و52 في المئة من جميع الموجودات في البنوك الحكومية.
وتراهن الإدارة الجديدة على رفع العقوبات، ما سيفتح لها المجال لإعادة بناء الاقتصاد الذي دمرته الحرب، وأوصلت الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 6 مليارات دولار في 2024، مقارنة بأكثر من 61 مليار دولار في 2010.
ووفق بيانات سابقة لوزارة المالية، ستساعد هذه الخطوة في تدفق المساعدات والاستثمارات وعمليات التمويل التي تحتاجها البلاد بشدة.
◙ استقرار العملة ومعالجة التضخم سيكونان من المهام الرئيسية لحاكمة البنك المركزي الجديدة ميساء صابرين
ومع ذلك يقول محللون إن استقرار العملة ومعالجة التضخم سيكونان من المهام الرئيسية لحاكمة البنك المركزي الجديدة ميساء صابرين، التي عينت الشهر الماضي، بالإضافة إلى إعادة وضع القطاع المالي على الطريق الصحيح.
وسبق أن أكد رئيس هيئة الاستثمار أيمن حموية أن العقوبات الغربية على القطاع المصرفي تمنع تدفق رؤوس الأموال “المهمة” في الاقتصاد الذي مزقته الحرب على الرغم من الاهتمام الهائل من المستثمرين المحليين والأجانب منذ سقوط بشار الأسد.
وقال في مقابلة مع رويترز في مكتبه بالعاصمة دمشق مطلع فبراير الماضي إن “العقوبات أوقفت كل شيء. الآن، هي في المقام الأول على الشعب السوري وتزيد من معاناته.”
وكان وزير الاقتصاد باسل عبدالحنان قد دعا، في لقاء مع القائمة بأعمال سفارة برلين مارغريت جاكوب، إلى رفع العقوبات عن النظام البنكي لبلاده (التحويلات المالية) لكونه العامل الأساسي في العمل الاقتصادي وجذب الاستثمارات إلى البلاد.
وجاء ذلك بعدما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في السابع من يناير الماضي عن تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 6 أشهر، بهدف تسهيل استمرار الخدمات الأساسية في البلاد.
بدورها كشفت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في الـ27 من الشهر نفسه، عن اتفاق وزراء خارجية الاتحاد على خارطة طريق لتخفيف العقوبات عن سوريا.
ومن أجل تطوير القطاع المصرفي السوري طرح اتحاد المصارف العربية مشروعا لإعادة هيكلته يمتد لثلاث سنوات، وذلك بالتعاون مع شركاء أوروبيين، ويشمل تطوير البنية التحتية وتدريب الكوادر المصرفية وتأهيلها.