ألمانيا تسعى إلى علاقات قوية مع السعودية

جدة (السعودية) – أعربت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، مساء الاثنين، عن حاجة بلادها لـ"علاقات قوية" مع السعودية، مشيرة إلى أهمية منطقة الخليج باعتبارها "مركزاً جيوسياسي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا".
وقالت بيربوك عقب اجتماع لها مع نظيرها السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مدينة جدة، إن "السعودية تستخدم نفوذها لإيجاد حلول للأزمات في المنطقة"، معتبرة أن هذا "يجعلها شريكاً نحتاج إلى علاقات قوية معه".
يرى مراقبون أن تصريحات بيربوك تكشف عن حرص ألمانيا مثلها مثل العديد من القوى الدولية الأخرى، على الحفاظ على علاقاتها بالسعودية ذات الوزن المالي والاقتصادي الكبير، وذات الدور السياسي والدبلوماسي المتزايد في محيطها الإقليمي والدولي.
العلاقات بين ألمانيا والخليج ليست ظاهرة جديدة، فالتبادل التجاري بين ألمانيا ودول مجلس التعاون الخليجي قائم منذ عقود، لكن ما تغير هو أن ألمانيا تتعامل اليوم مع دول الخليج من موقع ضعف، فكلما أصبح أمن الطاقة الألماني متشابكا مع أسواق الطاقة في الخليج زاد استثمار برلين في استقرار المنطقة، بما في ذلك أمنها البحري.
وأشادت وزيرة الخارجية الألمانية بالمملكة على جهودها في عمليات الإجلاء من السودان، في ظل الصراع المحتدم بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع في البلاد، قائلة كانت جدة الملاذ الآمن الأول للكثيرين بعد اندلاع القتال أخيرا في السودان، بما في ذلك بعض الألمان. أنا ممتنة للغاية للمملكة لإجلائها العديد من المواطنين من أنحاء العالم، بمن فيهم الألمان.
وشددت بيربوك على أن المجتمع الدولي يراقب القادة العسكريين في السودان ومدى تحملهم لمسؤولياتهم تجاه الشعب السوداني، مشيرة إلى أن "الهدف الأول للمفاوضات السودانية التي تتوسط فيها السعودية والولايات المتحدة هو الوقف الدائم لإطلاق النار".
وأفادت وزارة الخارجية الألمانية في وقت سابق، بأن بيربوك ستزور قطر، "ستناقش القضايا الثنائية والأزمات الإقليمية مع نظيريها الخليجيين".
وأضافت أنه "في ضوء التحديات العديدة في المنطقة، من الأزمة الحادة في السودان، والنزاعات طويلة الأمد في سوريا واليمن، إلى استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان، يشكل إجراء حوار موثوق به مع الشركاء في الخليج أمراً ضرورياً لألمانيا وأوروبا".
كما نقلت الوزارة عن بيربوك قولها إن "منطقة الخليج مركز جيوسياسي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويمتد نفوذها لأبعد من شبه الجزيرة العربية".
وتجري بيربوك محادثات، اليوم الثلاثاء، مع وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك وكذلك مع منسق الأمم المتحدة لشؤون اليمن ديفيد جريسلي.
وقالت بيربوك الاثنين قبل توجهها إلى السعودية وقطر "رهان السعودية الآن على المحادثات مع الحوثيين في اليمن تعتبر أول خطوة صحيحة" معلنة أنها تريد أيضا التحدث عن حقوق الإنسان موضحة أن الحوار يعني أيضا التحدث بوضوح في القضايا الخلافية.
وتابعت "في منطقة أصبحت فيها التوترات مهددة بالانفجار في أي وقت ويقتنع فيها كثيرون بإمكانية حل النزاعات بالوسائل العسكرية، يهمنا نحن الأوروبيون إنشاء قنوات موثوقة مع شركائنا في الخليج" مضيفة أن الأمر يتعلق أيضا بتدعيم الشركاء في التزامهم بالاستقرار والأمن في المنطقة، مشيرة إلى أن أصوات السعودية وقطر تتمتع بثقل هائل في الأزمات الحالية في المنطقة.
وفيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان في السعودية، قالت بيربوك "إن الخطوات الأولى نحو انفتاح المجتمع أثارت الحماس في الكثير من الشباب في البلد".
وأضافت "بالنسبة لي من البديهي أن المجتمع الذي يريد أن يكون قدوة يحتذى بها لمنطقة بأكملها يستمع أيضا إلى أصوات نسائه عبر الإنترنت وفي الواقع".
وتعد السعودية ثاني أهم شريك تجاري لألمانيا في العالم العربي بعد الإمارات، كما أن ألمانيا هي رابع أكبر مورد للمملكة التي تعد في المرتبة الـ38 من حيث أهميتها كشريك تجاري لألمانيا في عام 2021، والمرتبة الثانية لمستوردي السلع الألمانية من العالم العربي بواردات تبلغ 4 مليارات و107.13 مليون يورو.
ويميل ميزان التبادل التجاري بين البلدين لمصلحة ألمانيا، وتبلغ الصادرات السعودية لألمانيا 816.84 مليون يورو، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس"، التي أوضحت أن لجنة التعاون المشترك بين البلدين في المجال الاقتصادي والتقني تأسست عام 1977.
وسجلت صادرات المملكة إلى ألمانيا في العام 2021 ارتفاعاً بنسبة 19.9 بالمئة على أساس سنوي حيث بلغت نحو 108 ملايين دولار من الصادرات النفطية، و430 مليون دولار من الصادرات غير النفطية. ووفقاً لـ"واس"
كما سجلت واردات المملكة من ألمانيا لعام 2021 ارتفاعاً بنسبة 4.6 بالمئة مقارنة بالعام السابق، وبلغت نحو 7.491 مليون دولار، ويعود ذلك إلى عودة الأنشطة الاقتصادية، وسجّل الميزان التجاري في العام 2021 تفوقاً لصالح ألمانيا بلغ نحو 6.954 مليون دولار.
وفي قطاع الطاقة، وقعت المملكة وألمانيا في مارس 2021، مذكرة تعاون في مجال الهيدروجين، وتم تفعيل بنود المذكرة من خلال خارطة طريق قائمة على ثلاثة محاور رئيسة، هي: السياسات، والتقنيات، والأعمال.