ألغام قانونية تهدد حلم نبيل القروي بالوصول إلى قرطاج

تونس – تطوق ألغام قانونية طريق المرشح الرئاسي نبيل القروي، نحو قصر قرطاج، وتهدد بإجهاض مساعيه للظفر بأعلى منصب بالبلاد، وهو الذي خاض الجولة الأولى للاقتراع من وراء القضبان.
والقروي هو مرشح حزب “قلب تونس” (ليبرالي)، موقوف منذ 23 أغسطس الماضي، إثر قرار صادر بحقه من إحدى دوائر محكمة الاستئناف بالعاصمة، على خلفية اتهامات في قضية “تبييض أموال وفساد” تقدمت بها للقضاء منظمة “أنا يقظ” (محلية غير حكومية).
ووفق مؤشرات أولية ونتائج جزئية، حل القروي بالمركز الثاني ضمن السباق، بحصوله على 15.4 بالمئة من أصوات الناخبين، بعد المرشح المستقل قيس سعيّد، بـ18.8 بالمئة، وفق أرقام رسمية بعد فرز 52 بالمئة من الأصوات.
وبعبوره الذي بات وشيكا لجولة الإعادة للاقتراع، تتفجر من جديد سيناريوهات تلتقي جميعها عند جملة من النقاط القانونية التي تشكل عقبة للقروي نحو قرطاج. فإما استبعاد القروي من السباق بشكل نهائي، وهذا قد يحدث في حال إدانته في قضية الفساد المرفوعة ضده، أو في حال إسقاط هيئة الانتخابات جميع أصواته أو جزءا منها، إذا ما تم تأكيد ارتكابه خروقات بالحملة الانتخابية.
السيناريو الثاني يتمثل في خوضه الجولة الثانية وفوزه، وفي هذه الحالة سيكون رئيسا بلا حصانة، إلى حين صدور حكم بات في القضية.
أما الطرح الثالث، وهو المستبعد، فيشمل صدور حكم قضائي ضده بعد فوزه.
أحمد صواب: في حال صدور حكم قضائي ضد القروي عقب فوزه يمكن أن نعتبر ما حصل ضربا من الشغور في السلطة، ونستند في هذا إلى الفصل 84 من الدستور
ويرى القاضي الإداري السّابق، أحمد صواب أنّ “تقدم القروي في النتائج وإحرازه المرتبة الثانية، سيجبر هيئة الانتخابات على قبول مشاركته في الحملة الانتخابية (جولة الإعادة)، وكذلك الظهور ولو عبر (تطبيق) سكايب في المناظرة التلفزيونية التي غاب عنها بالدور الأول”.
وأضاف صواب “بإمكان هيئة الانتخابات إسقاط مشاركة القروي على أساس التجاوزات المرصودة بحقه خلال الحملة الانتخابية، من ذلك استخدامه الإشهار السياسي (الدعاية خارج الحملة الانتخابية)، وتجاوزه التمويل القانوني الذي لا يجب أن يتجاوز 1.7 مليون دينار تونسي (نحو 590 ألف دولار).
ولفت إلى أنه “تم مبدئيا رصد العديد من التجاوزات والخروقات القانونية بحق حملة نبيل القروي من قبل عدد من منظمات المجتمع، بينها منظمة ‘مراقبون’ ومنظمة ‘أنا يقظ’ إضافة إلى مراقبي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”.
وحسب صواب، فإن “الأمر في هذه الحالة مفتوح على احتمال إسقاط جزء أو جميع الأصوات التي جمعها القروي”.
كما أشار إلى أن “وجود إشكال في التمويل بإمكانه إسقاط نتائج الانتخابات سواء في الرئاسية أو التشريعية، وهذا ما حصل في 2011 حين تم إسقاط 5 مقاعد لحزب “العريضة الشعبية” آنذاك (تيار المحبة حاليا برئاسة الهاشمي الحامدي)، على أساس تمويل غير شرعي ضبطته هيئة الانتخابات وأكدته في ما بعد دائرة (محكمة) المحاسبات”.
و”في حال إلغاء كلي أو جزئي للأصوات التي حصل عليها القروي”، يتابع الخبير القانوني، فـ”هنا يتم احتساب أصوات المنافس الذي من المفترض أن يمر معه إلى الجولة الثانية، والمنافس الذي يحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة (في حال انسحاب صاحب المركز الثالث لأي سبب من الأسباب)”.
وحتى فرز 48 بالمئة من الأصوات يأتي مرشح حزب “حركة النهضة” الإسلامية عبدالفتاح مورو في المرتبة الثالثة بـ13.2 بالمئة من الأصوات.
في هذه الحال، يرى خبراء القانون أنه يتم آليا استبعاد القروي من السباق، وعبور المرشح صاحب المركز الثالث بالدورة الأولى للاقتراع.
وأكد صواب أيضا أنه في حال تم تجاوز كل الإشكالات المذكورة، ومر القروي إلى الدور الثاني وفاز بالانتخابات، هنا يتم الاستناد إلى 3 نصوص قانونية، تشمل الجزائي والانتخابي والدستوري.
وتابع “في هذه الحالة، قد يقول البعض بإمكانية تمتع القروي بالحصانة وخروجه من السجن، وهذا أمر مستحيل برأيي ما دامت هناك بطاقة إيداع بالسجن (توقيف) صادرة بحقه من جهة قضائية”.
وتبعا لما تقدّم، فإنه “ليس بإمكان أي طرف إلغاء بطاقات عمل قضائية وطالما لم تلغ بطاقة الإيداع، فإن القروي يبقى على ذمة القضاء”.
وفي قراءته، استند صواب إلى الفصل 89 من الدستور التونسي الذي ينص على أن الهيئة “تتولى، خلال الحملة، مراقبة التزام القائمة المرشحة أو المرشّح أو الحزب، بقواعد تمويل الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء ووسائلها، وفـرض احترامها بالتعاون مع مختلف الهياكل الحكومية”.
وفي حال صدور حكم قضائي ضد القروي عقب فوزه “يمكن أن نعتبر ما حصل ضربا من الشغور في السلطة، ونستند في هذا إلى الفصل 84 من الدستور”، وفق صواب.
وينص الفصل المذكور، في فقرته الثانية، على أنه إذا تجاوز الشغور الوقتي مدة 60 يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أو في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقرّ الشغور النهائي.
وتبلغ المحكمة ذلك لرئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.