ألبوم ليبيا صور وحكايات لفنانين ومثقفين ليبيين

في تجربة هي الأولى من نوعها في ليبيا، اجتمع عدد كبير من الفنانين والمثقفين ليسردوا جزءا من التاريخ الاجتماعي المشترك في بلادهم انطلاقا من ذكرياتهم الخاصة ورؤاهم للهوية، في ألبوم صور طبع على شكل كتاب بنصوص توضيحية، ثم تحول إلى معرض صور يجوب مدن البلاد مذكرا بالحياة في ليبيا منذ أكثر من سبعين عاما إلى اليوم.
بنغازي (ليبيا) - جاء معرض “ألبوم صور ليبيا” الذي جاب مناطق مختلفة في البلاد بدأها بطرابلس وأنهاها بمدينة بنغازي، يثير اهتمام الفاعلين في الشأن الثقافي الليبي، حيث قدم لهم المعرض المستوحى من كتاب بالعنوان نفسه، ذكريات نخبة من الكتاب والصحافيين والفنانيين الليبيين الذين حاولوا عبر صورهم ونصوصهم الإمساك بجذوة اللحظة وتوثيق مراحل من الحياة في ليبيا منذ منتصف القرن الماضي.
ويجمع المشروع صورا وقصصا من السير الشخصية للعديد من الأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين الليبيين في فسيفساء سردية تغطي جوانب متعددة من حياة الليبيين، وجانبا من التاريخ الاجتماعي لبلادهم، وتصوغ رؤاهم المتعدّدة لهويتهم الليبية.
هؤلاء المثقفون هم إبراهيم الإمام وإبراهيم عثمونه وأحمد الفيتوري وأحمد يوسف عقيلة وإدريس القايد وأريج خطاب والطاهر الديب والمكي أحمد المستجير والناجي الحربي وأم العز الفارسي وأمل منصور وآية الوشيش وبدرالدين الورفلي وبشير زعبية وبياتا باتوشنسكا وجابر العبيدي وجازية شعيتير وجمعة بوكليب وجميلة الميهوب وحسام الثني وحسن المغربي وحواء القمودي وخالد المطاوع وخيرية حفالش ودينا الفزاني ورامز النويصري وراوية حسين بن حامد الككلي ورحاب شنيب ورزان نعيم المغربي وريم جبريل ورضاء بن موسى وزكريا العنقودي وسالم العوكلي وسراج الدين الورفلي وسعاد سالم وسعد العشة وسميرة البوزيدي وشريف دهيميش وصفوان أبوسهمين.
إلى جانب طارق الرويمض وطه الجواشي وطه كريوي وعاشور الطويبي وعايدة الكبتي وعبدالحفيظ غويل وعزالدين عبدالكريم وعزة المقهور وعطية الأوجلي وعلي الريشي وعلي عبداللطيف حميدة وعمر عبدالدائم وفاطمة سالم الحاجي وفاطمة القرقني وفاطمة غندور وفتحي نصيب وفدوى بن عامر وفرح أبوشويشة وفريدة الحجاجي وفوزية بريون وفيروز العوكلي وكوثر الجهمي وليلى المغربي وليلى النيهوم ومحبوبة خليفة ومحمد المفتي ومحمد ذهني ومحمد الطاهر كرازة ومريم سلامة ومفتاح العلواني ومناجي بن حليم ومنى الساحلي ومنصور بوشناف ومهند سليمان.
ويشارك أيضا ميسون السنوسي حبيب ونجلاء العجيلي ونسرين العالم ونعمة محمد الفيتوري ونوري عبدالدايم وهادية قانة وهدى الغالي وهيام كامل عراب ووائل حسونة ويوسف إبراهيم ويوسف الشريف ويونس الفنادي.
وفي هذا السياق، قالت المدير الفني لمشروع ألبوم ليبيا ريم جبريل إن فكرة المشروع بدأت بإصدار كتاب وهو عبارة عن “ألبوم” بأتم معنى الكلمة يحتوي على مجموعة صور من أنحاء ليبيا كلها لليبيين باستثناء شخصين، أحدهما عربي والآخر أجنبي عاشا في ليبيا فترة من الزمن.
وأضافت جبريل في لقاء مع وكالة الأنباء الليبية على هامش معرض “صور ألبوم ليبيا” الذي أقيم على مراحل آخرها كانت من الخامس عشر وحتى التاسع عشر من أغسطس الجاري في بنغازي، أن من شاركوا في المعرض بالصور وسرد حكاية الصورة هم أشخاص عاديون، بعضهم شخصيات اعتبارية معروفة وبعضهم أدباء وشعراء، والصور أغلبها صور شخصية تحمل ذكريات خاصة للمشاركين في الألبوم.
الصور المقدمة في المعرض هي من محتويات كتاب “ألبوم ليبيا، صور وحكايات من ليبيا” الذي أشرف عليه الشاعر والأكاديمي الليبي خالد مطاوع، وحرّره بمشاركة ليلى المغربي وطه كريوي وريم جبريل.
وأوضحت جبريل أن المشاركين بالصور سردوا حكاية الصورة والذكرى التي تحملها، مشيرة إلى أن الفكرة في البداية كانت للمدير التنفيذي لمؤسسة “آريتي” خالد مطاوع، واحتفظنا بها من عام 2014 إلا أننا لم نستطع العمل عليها في البداية.
وقالت “خلال فترة كورونا اجتمعنا مع الأستاذة ليلى المغربي والأستاذ طاهر كريو، وعملنا نحن الأربعة على وضع خطة لتنفيذ الألبوم ووضعنا قائمة تحتوي على 300 اسم وانتهينا إلى 85 شخصا”.
المشروع يجمع صورا وقصصا من السير الشخصية للعديد من الفنانين والمثقفين في فسيفساء سردية
وأردفت أن بعض الأشخاص زودوا الفريق بأكثر من صورة لنفس المقالة “غير أننا لا نتجاوز الأربع صور لكل مشارك، وهناك من لم يفهم الفكرة وآخرون لم يكن لديهم الوقت للتعاون معنا، وفي الأخير تحصلنا على مجموعة لا بأس بها من الصور وسرد لقصة الصورة”.
وأشارت جبريل إلى أن الفريق كان مصرا على التوازن بين العنصرين، النسائي والرجالي، بحيث لا يطغى أحد على الآخر وحاول أن يجمع صورا من المدن الليبية كافة، منوهة بأنه من الجميل أن نجمع صورا لكل الليبيين بمختلف أطيافهم، وأن يصبح الكتاب جاهزا للطبع مع الحرص على أن تكون طبعة فاخرة وذات جودة عالية.
وتابعت أن فكرة المعرض جاءت بعد ذلك وأصر الفريق على أن يكون حجم الصورة صغيرا وحجم الكتاب يحاكي حجم الألبوم مثل ألبومات أمهاتنا وجداتنا، مبينة أن الصور مختلفة في الحجم بين الصغيرة ومتوسطة الحجم وألوانها الأساسية موجودة بين صور ملونة وأخرى بالأبيض والأسود وبعضها واضح وأخرى أقل وضوحا.
وقالت في هذا الشأن إن الصورة تعطي انطباعا عن الذاكرة الشخصية لصاحبها وضربت مثلا بمشاركة الأديب أحمد يوسف عقيلة وصورة والدته والتعليق المرفق بها حول ما كانت تخبره به والدته عن مآسي فترة الاحتلال الإيطالي والمعتقلات، وتساءلت “من منا ليس في حياته جدة تحكي له عن أيام زمان”، وملاحظة “إن كل صورة وكل حكاية تأخذك إلى زمان معين ولا يشعر المرء بأنها غريبة عنه”.
وذكرت جبريل أن “في الألبوم صورا عشناها وعاصرناها، فليست كل الصور قديمة وقمنا بوضع رابط أرشيفي (ويب سايت) لاستكمال القصة على الرابط الموجود والذي يربط المتابع بموقع مؤسسة ‘آريتي'”، موضحة أن كل المعلومات حول الكتاب موجودة بالموقع، وأن ما كتب كتعليق على الصورة هو جزء من قصة كاملة موجودة (بالويب سايت).
وقالت “لو تحصلنا على التمويل المناسب لاستكمال المشروع سنعمل على استمراره ليكون ألبوم ليبيا مثل ألبوم الجدة لا أحد يستغني عنه أو يرميه ويكون جامعا لذاكرة ليبيا كلها”.
وبيّنت المدير الفني لمشروع ألبوم ليبيا أن العديد من الشخصيات شاركت في هذا المشروع، منها الصحافي بشير زعبية بصورة قديمة عنوانها “في البدايات” كتب عليها التعليق الآتي “في بداية العام 1974 ومن هذا المكان حيث أجلس بدأت رحلتي في العمل الصحفي. كنت ذلك الوقت بلغت التاسعة عشرة من عمري وأوكلت إلي مهمة مساعد مصحح الأخبار بقاعة التحرير الرئيسية بمقر وكالة الأنباء بشارع الشط”، موضحة أنه “لمن يرغب في معرفة القصة كاملة للصورة عليه الدخول عن طريق الكود المرفق بقصة الصورة”.
وقالت الكاتبة والشاعرة رحاب شنيب، إحدى المشاركات في ألبوم ليبيا، من جهتها، إن الفكرة جميلة جدا ومبتكرة وبسيطة جدا ولها مردود ثقافي ورؤية جمالية كبيرة جدا.
ورأت أن ألبوم ليبيا جمع رؤية العديد من الكتاب الليبيين وهو مشروع نحن بحاجة إليه في هذا الوقت، بحسب قولها، مشيرة إلى أن مشاركتها في المعرض جعلتها تراجع ذكرياتها.
واستطردت “اخترت صورة من ألبوم العائلة وهي صورة بيت جدي في درنة والصورة لجدارية حب كتب عليها والدي اسمه واسم والدتي (عثمان و نعيمة)، كُتبت خلال فترة خطوبتها ولا تزال موجودة إلى يومنا هذا.. الصورة قديمة جدا ويظهر فيها أطفال العائلة ونفس الرسمة موجودة في برواز ببيتنا وحنيني لهم (رحمهم الله) جعلني أختار هذه الصورة التي تنبعث منها رائحة الليمون والزهر وعريشة العنب والتنور.. إني سعيدة بمشاركتي في ألبوم ليبيا”.
معرض “ألبوم ليبيا” الذي أقيم ضمن المشروع الذي أطلقته مؤسسة “آريتي” للثقافة والفنون، تخللته أمسية لقراءة النصوص المرفقة مع كل صورة، إلى جانب ندوة عن الأطروحات التي يثيرها المشروع، وحضره في بنغازي لفيف من المهتمين بالثقافة والفنون من بينهم الأديب محمد المسلاتي، الدكتور زاهي المغيربي، الشاعر سالم العالم، الكاتب فرج بوالعشة، الشاعرة والروائية آية الوشيش، الكاتبة ميسون صالح، الفنانة حنان الشويهدي وغيرهم من المشاركين في ألبوم ليبيا.
