أكراد سوريا يبدون استعدادهم للتعاون مع النظام في مواجهة تهديدات تركية

دمشق - قالت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الثلاثاء إنها ستنسق مع قوات الحكومة السورية لصد أي غزو تركي للشمال وحماية الأراضي السورية فيما قال مسؤولون أتراك ومسؤولون في المعارضة السورية المسلحة إن روسيا والنظام عززا قواتهما في شمال سوريا حيث يحتمل أن تشن تركيا قريبا هجوما ضد المقاتلين الأكراد في حين تستعد أنقرة لمحادثات مع موسكو.
وأضافت سوريا الديمقراطية أن القرار جاء بعد اجتماع طارئ لكبار قادتها تناول تهديدات تركيا بشن هجوم جديد على أجزاء من شمال سوريا تسيطر عليها القوات التي يقودها الأكراد.
ورغم الخلافات بين القوات الكردية والقوات الحكومية ونشوب صراعات مسلحة واعتقالات متبادلة بين الطرفين في القامشلي القامشلي من محافظة الحسكة قبل تدخل روسيا لتحقيق نوع من التفاهمات.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريح صحفي أدلى به عقب اجتماع للحكومة برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، أمس الاثنين. إن قوات بلاده ستفعل ما يلزم ضد الإرهابيين شمالي سوريا، في الوقت المناسب.
وأوضح أكار أن كافة العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا، تتمتع بالشفافية ومتوافقة مع القانون الدولي، مبينا أن بلاده تسعى لحماية مواطنيها وحدودها.
وجدد التأكيد أن أنقرة لن تسمح بأي ممر أو حزام إرهابي قرب حدودها الجنوبية، مشيرا في هذا السياق إلى العمليات العسكرية السابقة التي قامت بها القوات التركية في الشمال السوري.
وتابع قائلا "نواصل مكافحة الإرهاب بكل حزم وإصرار، ونحترم وحدة أراضي دول الجوار وخاصة سوريا والعراق ولا نطمع بأراضي أي دولة".

وأواخر مايو الفائت، قال أردوغان، إن بلاده بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة بشأن قرارها إنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا شمالي سوريا، وتطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من المسلحين الاكراد.
ونفذت أنقرة أربع عمليات في شمال سوريا منذ عام 2016، واستولت على مئات الكيلومترات من الأراضي وتركزت تلك العمليات على شريط باتساع 30 كيلومترا مستهدفة بشكل أساسي وحدات حماية الشعب الكردية. وفي أثناء دعمها لأطراف متنافسة في الحرب السورية، نسقت تركيا مع روسيا في عملياتها العسكرية.
وتعرضت عمليات تركيا عبر الحدود لانتقادات من قبل حلفائها في حلف شمال الأطلسي، وخاصة الولايات المتحدة، وفرضت بعض الدول حظر أسلحة على أنقرة. وأبدت واشنطن قلقها من أي هجوم جديد في شمال سوريا قائلة إنه سيعرض القوات الأميركية للخطر ويقوض الاستقرار في المنطقة.
وستوفد روسيا، التي حذرت في مطلع الأسبوع من تصعيد عسكري في شمال سوريا، وزير الخارجية سيرجي لافروف لإجراء محادثات في أنقرة غدا الأربعاء.
وتربط الدولتان علاقات قوية، وحاولت أنقرة التوسط في حرب روسيا في أوكرانيا لكن دعمهما لطرفين متحاربين في سوريا ربما يمثل اختبارا لعلاقات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الدولة الوحيدة العضو في حلف شمال الأطلسي التي لم تفرض عقوبات على موسكو بعد غزو أوكرانيا.
والمخاطر كبيرة أيضا بالنسبة لأردوغان. فبغير موافقة ضمنية على الأقل من روسيا، حليف الرئيس بشار الأسد القوي في الصراع السوري، سينطوي الهجوم التركي على مخاطرة إضافية بسقوط ضحايا. وكبحت كل من روسيا وتركيا الطموحات العسكرية للأخرى خلال عدة مراحل في الحرب السورية في أوقات كانتا فيها قريبتين من المواجهة المباشرة.
وليس هناك إلى الآن دلائل على تعبئة عسكرية تركية كبيرة في منطقة الحدود، لكن التقارير عن تبادل القصف الصاروخي والمدفعي باتت أكثر تواترا في الأسبوعين المنصرمين.
وسيكون من شأن أي عملية عسكرية تركية مهاجمة وحدات حماية الشعب، وهي جزء رئيسي من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تسيطر على أجزاء كبيرة من شمال سوريا وتعتبرها واشنطن حليفا مهما ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية وامتدادا لحزب الممال الكردستاني المحظور في تركيا.
وقال متحدث باسم الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة إن روسيا تعزز مواقعها بالقرب من تل رفعت ومنبج والضواحي الجنوبية لكوباني وعين عيسى، وتقع جميع هذه البلدات على بعد 40 كيلومترا من الحدود التركية.
وقال الرائد يوسف حمود "منذ الإعلان عن العملية، أعلن النظام السوري وميليشياته الإيرانية التعبئة ويرسلون تعزيزات إلى وحدات حماية الشعب".
وأضاف أن مخابراتهم رصدت طائرات هليكوبتر روسية تهبط في قاعدة جوية قريبة من تل رفعت.
ونقلت وكالة الأناضول للأنباء المملوكة للدولة في تركيا عن مصادر محلية قولها يوم السبت إن روسيا تنشر قوات في شمال سوريا "لتعزز سيطرتها" وتقوم بطلعات استطلاع فوق تل رفعت وتنصب أنظمة دفاع جوي بانتسير-إس1 في مدينة القامشلي الحدودية التي تبعد نحو 400 كيلومتر جهة الشرق.
وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يوم الأحد إن دمشق يجب أن تستخدم أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها ضد الطائرات التركية وإن قواته مستعدة للعمل مع القوات السورية لصد القوات التركية، لكنه قال إنه ليس هناك حاجة لإرسال المزيد من القوات.
وتقول أنقرة إنها يجب أن تتحرك لأن واشنطن وموسكو نكصتا عن وعودهما بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية 30 كيلومترا عن الحدود بعد الهجوم التركي عام 2019. ومع سعي القوتين للحصول على دعم تركيا بشأن أوكرانيا، قد يوفر الصراع لها بعض النفوذ.
وأبدت واشنطن، التي لطالما شكل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية مصدر توتر للعلاقات مع تركيا ، قلقها قائلة إن أي عملية جديدة ستعرض القوات الأميركية الموجودة في سوريا للخطر وتقوض الاستقرار الإقليمي.
كما قالت روسيا الأسبوع الماضي إنها تأمل أن تمتنع تركيا عن "اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى تدهور خطير في الوضع الصعب بالفعل في سوريا".
وقال مسؤول تركي كبير إن لافروف سيُسأل عن معلومات المخابرات التي قال إنها تشير إلى وصول القوات الحكومية السورية والقوات المدعومة من إيران إلى تل رفعت أو تتجه إلى هناك.
وأضاف المسؤول الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته "ستنفذ تركيا هذه العملية بطريقة أو بأخرى".
وردا على سؤال عما إذا كانت روسيا تعزز مواقعها في شمال سوريا، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين إن القوات المسلحة السورية هي التي "تحصن، بدرجة أكبر أو أقل، بعض المنشآت على أراضيها".
ولا تعلق الحكومة السورية على تحركات القوات، لكن صحيفة الوطن المؤيدة للحكومة نقلت يوم الاثنين عن مصادر في شمال الرقة القريبة من الحدود التركية قولها إن القوات والدبابات والأسلحة الثقيلة السورية انتشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع ردا على التحركات التركية.
وقال المسؤول التركي وحمود المتحدث باسم الجيش الوطني السوري إن الهجمات من المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية على تلك الخاضعة لسيطرة تركيا والجيش الوطني السوري قد زادت. وقال حمود إن كلا من القوات التركية والجيش الوطني السوري يرد على هذه الهجمات.