أكبر عملية إعدام في السعودية للعشرات من المتشددين

الرياض - أعلنت السعودية السبت أنها أعدمت في يوم واحد 81 شخصا أدينوا بجرائم مختلفة مرتبطة بالإرهاب، وهو عدد قياسي ليوم واحد ويتجاوز إجمالي حالات الإعدام التي شملت 69 شخصًا في 2021.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) نقلا عن وزارة الداخلية أن المتهمين منتمون إلى “تنظيم داعش والقاعدة وجماعة الحوثي الإرهابية، وتنظيمات إرهابية أخرى معادية للمملكة”.
ورغم الانتقادات التي تواجهها من منظمات تعنى بحقوق الإنسان، فإن السعودية تنظر إلى الحرب على الجماعات المتشددة من منظار الأمن القومي وتتمسك بعقوبة الإعدام كونها حكما دينيا صريحا، في الوقت الذي كانت فيه المنظمات المعنية تراهن على أن المسار الإصلاحي للرياض سيقود إلى التخلي عن هذه العقوبة في أقرب وقت.
وأثار أمر ملكي بإلغاء عقوبة الإعدام بحق القُصّر موجة من التفاعل الإيجابي لدى المنظمات الحقوقية، الأمر الذي رفع سقف التوقعات بإجراء المزيد من الإصلاحات في مجال الأحكام.
وجاء في أمر ملكي في أبريل 2020 أن المملكة لن تُصدر بعد الآن أحكاما بالإعدام على قاصرين وأن تلك العقوبة لن تطبق على من أدينوا وهم قُصّر، وأنه سيجري الإفراج عن القُصّر الذين أمضوا في السجن عشر سنوات أو أكثر بعد مراجعة قضاياهم.
كما أصدرت الهيئة العامة للمحكمة العليا قرارا ينص على اكتفاء المحاكم في العقوبات التعزيرية بالسجن أو الغرامة أو بهما معا، أو عقوبات بديلة بحسب ما يصدره وليّ الأمر من أنظمة أو قرارات في هذا الشأن بدلا من الأحكام السابقة القائمة على القصاص، وهو ما رحب به المدافعون عن حقوق الإنسان.
الأحكام الجديدة يمكن أن تزيد من الضغوط على السعودية في الوقت الذي يحاول فيه وليّ العهد السعودي تبرئة المملكة من الكثير من الاتهامات التي يروّجها الإعلام الغربي
وبالفعل، أُفرج بين نوفمبر وفبراير الماضيين عن ثلاثة شباب خفّضت أحكام بالإعدام صدرت بحقهم، بعد نحو عشر سنوات أمضوها في السجن لاتهامهم بالمشاركة في احتجاجات ضد الحكومة إبان انتفاضة “الربيع العربي”.
وكثيرا ما كانت لصدور مثل تلك الأحكام ولأخبار تنفيذها أصداء دولية سيئة مؤثّرة على صورة المملكة المتّجهة بقوة نحو الإصلاح، وتتعامل مع القضايا الاجتماعية بحذر شديد لحساسيتها وخوفا من ردة فعل المتشددين.
ويقول متابعون للشأن الخليجي إن الأحكام الجديدة يمكن أن تزيد من الضغوط على السعودية في الوقت الذي يحاول فيه وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان تبرئة المملكة من الكثير من الاتهامات التي يروّجها الإعلام الغربي.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن وزارة الداخلية أن المتهمين عملوا على “استهداف دور العبادة وعدد من المقار الحكومية والأماكن الحيوية التي يقوم عليها اقتصاد البلاد، والترصد لعدد من المسؤولين والوافدين واستهدافهم، والترصد لرجال الأمن وقتلهم والتمثيل ببعضهم، وزرع الألغام وارتكاب عدد من جرائم الخطف والتعذيب والاغتصاب والسطو بالسلاح والقنابل اليدوية، وتهريب الأسلحة والذخائر والقنابل إلى المملكة”.
وقالت إنهم هدفوا إلى “زعزعة الأمن، وزرع الفتن والقلاقل، وإحداث الشغب والفوضى”.
وأشارت إلى أن ثمانية متهمين أدينوا بـ”إطلاق النار على مواطنين في قرية الدالوة في محافظة الأحساء” في شرق البلاد، في حادثة أسفرت عن “مقتل عدد من المواطنين من بينهم أطفال، وقتل رجلي أمن وإصابة آخرين”.
وأذاعت قناة الإخبارية الحكومية تقريرا من القرية حيث أعرب الأهالي عن سعادتهم “بإنزال القصاص” بالجناة.
ووصفت الداخلية السعودية المتهمين بأنهم “فئات مجرمة اتبعت خطوات الشيطان، فاعتنقت الفكر الضال والمناهج والمعتقدات المنحرفة الأخرى.. وباعت نفسها ووطنها خدمة لأجندات الأطراف المعادية”.
وأكّدت أنّ محكمة الاستئناف والمحكمة العليا أيدتا أحكام الإعدام الصادرة بحقهم، و”صدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا”.
وأشارت إلى “إنفاذ ما تقرر شرعًا بحقهم هذا اليوم (السبت)”.
وأوضحت أن المتهمين “حوكموا في محاكم سعودية في محاكمات أشرف عليها ما مجموعه 13 قاضياً على 3 مراحل منفصلة من المحاكمة لكل شخص”.
وأكّدت أنها “لن تتوانى عن ردع كل من يهدد أمنها وأمن مواطنيها والمقيمين على أراضيها، أو يعطل الحياة العامة”.
وتضمنت قائمة الذيم تم إعدامهم 73 سعوديا و7 يمنيين وسوريًا واحدًا.
ونفذت السعودية حتى السبت 11 إعداما في عدد من الجرائم غير المرتبطة بالإرهاب، حسب الإعلام الرسمي، ما يرفع عدد الإعدامات المنفذة خلال 2022 إلى 92 إعداما.
وعدد إعدامات السبت هو أكبر رقم معروف لإعدامات نُفذت في يوم واحد في السعودية ويتجاوز إجمالي حالات الإعدام في العام السابق التي شملت 69 شخصا سواء في جرائم مرتبطة بالإرهاب أو جرائم قتل عادية.
وذكرت منظمة العفو الدولية أنّ السعودية أعدمت 184 شخصا في 2019، وهو أكبر عدد في غضون عام واحد في المملكة. وسجلت المملكة 27 حكما بالإعدام في عام 2020، أي بانخفاض قدره 85 في المئة عن العام الذي سبقه بسبب تعليق أحكام الإعدام عن الجرائم المتعلقة بالمخدرات.
وتأتي هذه الإعدامات غداة إطلاق سراح المدوّن والناشط الحقوقي السعودي رائف بدوي بعد 10 سنوات في السجن لإدانته بـ”الإساءة للإسلام”.
وما زال نحو 50 بلدا فقط يطبق عقوبة الإعدام. وخلال عام 2020، نُفذت 88 في المئة من إجمالي 483 عملية إعدام موثقة في أربع دول هي إيران (246) ومصر (107) والعراق (45) والسعودية (27)، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.