أكبر صناديق الثروة بأبوظبي يعمق ركائز التحول الاقتصادي

708.7 مليار دولار أصول جهاز أبوظبي للاستثمار محتلا المركز الأول عربيا والثالث عالميا.
الخميس 2022/07/21
راقبي جيدا التغيير الذي سنحدثه بهذه الأدوات

أبوظبي - تبلور التحول الأخير لجهاز أبوظبي للاستثمار في ذروة الأزمة الصحية، عندما أمضى المسؤولون التنفيذيون عدة أسابيع في تدوين الأفكار داخل أروقة أكبر صناديق الثروة في الإمارة الخليجية.

وساعد التوقف الاضطراري في الأعمال العادية على تعزيز المراجعة المستمرة لأعمال الجهاز، مما أدى إلى البعض من التغييرات الشاملة التي شهدها، الأمر الذي قال متابعون إنه سيعمق ركائز التحول الاقتصادي ليس في الإمارة بل في البلد الخليجي بوجه عام.

ولم يقم الجهاز الذي تأسس قبل نحو 46 عاما بإصلاح هيكله الداخلي وعملياته فقط، بل أعاد تحديد كيفية اتخاذ قرارات الاستثمار المستقبلية.

وبحسب آخر بيانات معهد صناديق الثروة السيادية العالمية (أس.دبليو.أف.آي) الصادرة نهاية يونيو الماضي، فقد احتل الجهاز المركز الثالث عالميا والأول عربيا بقيمة أصول تصل إلى 708.7 مليار دولار.

ونظرا لحجمه الهائل، يمكن أن يكون لخيارات الصندوق تأثير في جميع أنحاء العالم، وهو واحد من أكبر المستثمرين في العقارات الأميركية.

وتشمل صفقاته الأخيرة حصصا في قطارات السكك الحديدية الألمانية والطاقة في أميركا الشمالية، وأكبر شركة إنترنت في إندونيسيا، وسط تطلعات إلى المزيد من الفرص في الأسواق الخاصة.

◙ جهاز أبوظبي للاستثمار الذي تأسس قبل نحو 46 عاما لم يقم بإصلاح هيكله الداخلي وعملياته فقط بل أعاد تحديد كيفية اتخاذ قرارات الاستثمار المستقبلية

وقال متحدث باسم الجهاز في رسالة عبر البريد الإلكتروني لوكالة بلومبرغ "لقد اشتدت المنافسة على العائدات، ولكن يتم تحويل كامل أعمال الاستثمار من خلال التكنولوجيا وهذه عملية مستمرة تؤثر على جميع أجزاء الصناعة".

وأضاف "سيستمر هذا في التغيير وبوتيرة سريعة بشكل متزايد".

وأوضح أنه "لهذا السبب حددنا الحاجة إلى أن نصبح أكثر ديناميكية ومرونة، كوسيلة لبناء المرونة في مؤسستنا حتى نكون مستعدين للاستجابة لهذه التغييرات".

وفي العامين الماضيين تم إغلاق الاستثمارات التي تركز على الأسهم اليابانية وأميركا اللاتينية وجنوب أفريقيا وأوروبا الناشئة في الصندوق، مع الاستعانة بمصادر خارجية لمديرين خارجيين أو تمريرها إلى الصناديق الداخلية السلبية.

ولتحسين هيكلة أعماله وحوكمتها بشكل جيد قام الجهاز بدمج قسم الأسهم الداخلي والخارجي في كيان واحد. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو إطلاق مختبر علوم داخلي في العام الماضي، يعمل فيه الكميون والفيزيائيون والذكاء الاصطناعي وخبراء الكمبيوتر المعينون من صناديق التحوط أو الأوساط الأكاديمية.

ويقول خبراء إن ذلك كان بيان نوايا حول التمحور إلى الاستثمار القائم على البيانات والتحليل، وهو أمر كانت تستكشفه الصناديق السيادية الرائدة الأخرى مثل صندوق تيماسيك هوليدنغز وجي آي سي برايفت ليمتد وكلاهما في سنغافورة.

وتبدو التغييرات مستمرة، ففي العام الماضي أنشأ جهاز أبوظبي للاستثمار وظيفتين مركزيتين جديدتين كما فصل مؤخرا بين إدارتي العقارات والبنية التحتية، وكلاهما يكتسب أهمية حيث يتطلع الصندوق بشكل متزايد إلى الأسواق الخاصة.

وكانت النتيجة الصافية لكل هذه التغييرات خسارة 160 شخصا، أو ما يقرب من 10 في المئة من القوى العاملة في الصندوق خلال 2021.

وأكد المصدر المسؤول أن الجهاز بدأ في مراجعة كيفية عمله منذ 2019. وقال "كانت النتيجة أن البيئة الخارجية تتغير بشكل جذري مع عواقب طويلة الأمد".

وسيكون من الصعب العثور على مصادر العائد وتنفيذها على نطاق واسع في المستقبل إذ أن نافذة تحديد الفرص والعمل على أساسها تزداد ضيقا، مع استمرار التقدم السريع في التكنولوجيا في تغيير الأسواق.

وقال المتحدث إن "الكفاءة وخفة الحركة والسرعة هي الآن خصائص المستثمرين الناجحين من جميع الأنواع بما في ذلك أولئك الذين لديهم أهداف طويلة الأجل".

◙ الجهاز يستعد لإعادة التوظيف وفق ما كشف عنه مسؤول بأن فريق الاستثمار في الأسهم الخاصة يخطط لمضاعفة الرقم الحالي البالغ 60 في السنوات الثلاث المقبلة

وتأسس الجهاز عام 1976 لإدارة فائض عائدات النفط في أبوظبي، أحد أكبر مصدري النفط الخام في العالم، وهو يتوفق على صناديق أخرى لدى حكومة أبوظبي وفي مقدمتها مبادلة للاستثمار وشركة أي.دي.كيو القابضة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يمر فيها الصندوق بفترة تغيير، ففي ثمانينات القرن الماضي كان من بين المستثمرين المؤسسيين الأوائل الذين أضافوا صناديق التحوّط والأسهم الخاصة.

وبعد ما يقرب من عقد من الزمن، قدم الجهاز عملية رسمية لتخصيص الأصول لضمان التنويع الذي لا يزال يستخدمه حتى اليوم.

ومنذ حوالي 15 عاما، كان هناك تغيير مهم آخر يتمثل في الاعتماد بشكل أقل على المديرين الخارجيين وبدلا من ذلك تطوير قدرات الاستثمار الداخلية.

ورغم خفض عدد الموظفين العام الماضي، يستعد الجهاز لإعادة التوظيف وقال المسؤول في الصندوق إن “فريق الاستثمار في الأسهم الخاصة يخطط لمضاعفة الرقم الحالي البالغ 60 في السنوات الثلاث المقبلة”.

وأوضح أن قسم البحث والتطوير الكمي في الجهاز يضم حاليا 50 موظفا وثمة خطط لإضافة المزيد إلى الفريق.

ونشأ عن إعادة الهيكلة الحالية إدارة المحافظ الأساسية التي تتولى الآن الأنشطة التي كانت تُدار سابقا عبر أربع وحدات منفصلة.

وهذه الإدارة مسؤولة عن تنفيذ التعرضات المعيارية للجهاز عبر أسواق الأسهم والدخل الثابت وإدارة جميع الأنشطة المتعلقة بالخزانة وتنفيذ جميع حقوق الملكية والدخل الثابت والأموال وتجارة السوق والعملات.

وفي الوقت نفسه، تم إنشاء دائرة خدمات الاستثمار المركزية العام الماضي للقضاء على الازدواجية وتحسين العمل الداخلي للصندوق.

وقال المسؤول في الجهاز إن "كل هذه المبادرات مجتمعة قد اجتمعت لتحقيق مكاسب في الكفاءة مع زيادة سرعة الجهاز وخفة الحركة الداخلية".

10