أكاديميون أردنيون: إنقاذ الكتاب مسؤولية الدولة والمجتمع

المكتبات في الأردن تواجه جملة من التحديات منها عدم المعرفة بالقوانين والأنظمة الخاصة بالنشر والتأليف وحقوق المؤلف إضافة إلى غياب أشخاص متخصصين لإدارتها.
الاثنين 2022/04/25
الكتاب ركيزة الثقافة

عمان- شارك عدد من الأكاديميين والباحثين في الندوة التي نظمتها المكتبة الوطنية الأردنية أخيرا، للاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، الذي أقرته اليونسكو منذ عام 1996، في الثالث والعشرين من أبريل من كل عام.

وتحدث في الندوة التي أدارها الأكاديمي أمجد الفاعوري، أستاذ تاريخ العصر الإسلامي الوسيط الأكاديمي رياض ياسين، ورئيس جمعية المكتبات والمعلومات الأردنية الباحث نجيب الشربجي، والباحثة في الأدب واللغة تسابيح إرشيد.

وأشار الشربجي إلى جملة تحديات تواجه الكتاب في مجتمعنا متمثلة بعدم تلبية المواضيع المطروحة لطموحات القراء بشكل عام، والأحوال الاقتصادية التي تعيشها الطبقة الوسطى والتي هي الأكثر رغبة في التعلم والقراءة ولكن لا تسمح لهم الظروف بشراء الكتب.

كما أشار كذلك إلى عدم اهتمام كثير من الناشرين بالمحتوى الفكري لإصداراتهم، وابتعاد الهدف من القراءة والاطلاع عن الثقافة والعلم والمعرفة والاتجاه إلى المصالح المادية، علاوة على هجرة القراء إلى وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن المعلومات ومشاركتها دون الاعتماد على البيانات والأدلة والتوثيق الصحيح.

◙ النهضة الحقيقية للشعوب العربية لا تكون إلا من خلال الدعم الحقيقي للكتاب في ظل ما يواجهه من تحديات
النهضة الحقيقية للشعوب العربية لا تكون إلا من خلال الدعم الحقيقي للكتاب في ظل ما يواجهه من تحديات

وتناول الشربجي في مداخلته التحديات التي تواجه المكتبات، منها عدم المعرفة بالقوانين والأنظمة الخاصة بالنشر والتأليف وحقوق المؤلف، وأن العديد من المكتبات يديرها ويعمل بها أشخاص غير متخصصين بهذا العلم، مبينا أن المكتبات في الأردن من دون ميزانيات لشراء الكتب وتطوير المجموعات، كما لا يشجع النظام التعليمي على البحث في المكتبة، ولا تقوم أيضا المكتبات بالإعلان عن نفسها.

وأوضحت إرشيد أن الحاجة ملحة لإيجاد حالة من التثقف العام تنعكس إيجابا على الواقع العربي تحديدا، والنهضة عموما لا تنشأ من منطلق اعتباطي، لكنها تكون وليدة مخاض فكري تترتب عليه نتائج تطبيقية، فنحن لم نشاهد من خلال التاريخ نهضة حياتية إلا وقد سبقتها تيارات فكرية تخوض جدلا واسعا حول النموذج الأمثل للحياة المدنية، وهذا الجدل الفكري أظهر الكثير من الكتب للجمهور، التي انتشرت وأصبحت نمطا عاما ولد التغيير نحو الأفضل.

وقالت إن “اليوم العالمي للكتاب يشكل فرصة وإن نهضتنا الحقيقية وخروجنا من الأزمة الفكرية التي نعاني منها ستكون من خلال الدعم الحقيقي للكاتب والكتاب، خاصة تلك الكتب التي يخدم تأليفها هوية أمتنا وشخصيتها الثقافية الغنية”.

وأضافت “نرى أن مسؤولية الدولة والمسؤولية المجتمعية مهمة في هذا المجال لإتاحة هذه النتاجات المعرفية لجميع شرائح المجتمع على اختلاف مستوياته، فالكتاب والثقافة المستنيرة متلازمان، وهما السبيل الرئيسي لتحقيق الهوية الجامعة لأفراد المجتمع”.

واستعرض ياسين تطور الكتابة منذ الألف الرابع قبل الميلاد في حضارات العراق القديمة، ودورها في الانتفال بالبشرية من مرحلة إلى أخرى، وصولا إلى الحضارة العربية الإسلامية التي شهدت توسعا في حركة التأليف خلال القرنين الثالث والرابع الهجري الذي يعتبر الذروة في التأليف والانفتاح بعد التمدد الحضاري للدولة الإسلامية في العصر العباسي.

وتوقف عند بيت الحكمة الذي أسسه الخليفة العباسي المأمون، حيث مثل واحدة من أهم خزائن الكتب، وكانت بمثابة مجمع علمي متكامل احتضن المؤلفات المهمة والمترجمات واحتوى أيضا مركزا للترجمة ومرصدا فلكيا ودارا للمناظرات والجدالات، وكذلك عند مهنة الوراقة التي ارتبطت من الناحية التاريخية باحتراف نسخ القرآن الكريم وسرعان ما اتسعت لتشمل الانتساخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور المكتبية والدواوين.

ولفت ياسين إلى أن الوراقة اختفت مع اختراع الطباعة في سنة 1453، على يد الألماني يوهان غوتنبرغ، وأهمية هذا الإنجاز أنه كان فتحا تقنيا غير وجه التاريخ الثقافي للعالم، مبينا أنه في العصر الحديث تراجع الكتاب عموما وباتت الثقافة مقننة ومجزأة ومبعثرة خارج الكتاب، وفي كثير من الأحيان تم استلاب محتويات الكتب في مواقع إلكترونية دون الإشارة لمؤلفيها، فدخلنا في انتحال من نوع آخر عنوانه الجهل بالكتاب وصاحبه، وربما تحوير المحتوى بصورة صارخة.

وختم مدير عام المكتبة الوطنية الأكاديمي نضال العياصرة الندوة بالإشارة إلى تراجع مستوى الكثير مما يؤلف اليوم، حيث يعيش الأكاديمي أزمة لا تقل عن أزمة الناشر بسبب سعيه للنشر من أجل الترقية فقط الذي يكون باللغة الإنجليزية غالبا بسبب عدم التفات الجامعات لمنصات النشر العربية، مؤكدا أن القراءة تغيرت بفعل التكنولوجيا ما يستوجب تشجيع الجيل الجديد على القراءة بغض النظر عن الوسيط التكنولوجي الذي يقرأ من خلاله.

12