أفلام غوغل القصيرة تسعى لإقناع الجمهور بطيبة الذكاء الاصطناعي

لوس أنجلس (الولايات المتحدة)- دأب المخرجون في هوليوود، ومن بينهم ستانلي كوبريك وجيمس كاميرون وأليكس جارلاند، طوال العقود الماضية على تصوير الذكاء الاصطناعي ككائن “شرير”، قادر على التحول إلى آلة قتل تهدد استمرار البشرية. حتى فيلم المخرج الأميركي الشهير ستيفن سبيلبرغ (78 عاما)، “إيه. آي: الذكاء الاصطناعي” الذي يتسم بأنه متفائل نسبيا، كانت لديه نظرة متشائمة في رؤيته لمستقبل التكنولوجيا.
وفي الوقت الحالي تسعى شركة غوغل الرائدة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تحويل النقاشات الثقافية بعيدا عن التكنولوجيا، مثلما شوهد في أفلام “المدمر” و”2001: ملحمة الفضاء” و”إكس ماشينا”، بحسب ما أوردته صحيفة “لوس أنجلس تايمز” الأميركية في تقرير لها.
ومن أجل القيام بذلك تقوم عملاقة التكنولوجيا، التي تتخذ من مدينة ماونتن فيو في ولاية كاليفورنيا الأميركية مقرا لها، بتمويل أفلام قصيرة عن الذكاء الاصطناعي، تجسد هذه التقنية في صورة أقل قتامة.
◄ الذكاء الاصطناعي لطالما كان محلا للنقاش في هوليوود، كما كان له دور أساسي في الإضرابات التي نظمها الكُتّاب والممثلون في عام 2023
والمبادرة الخاصة بغوغل، والتي تحمل اسم “الذكاء الاصطناعي على الشاشة”، هي شراكة مع شركة “رينج ميديا بارتنرز”، التي تتخذ من مدينة سانتا مونيكا بكاليفورنيا مقرا لها، وهي شركة لإدارة المواهب والإنتاج، تمثل مجموعة متنوعة من عملاء الترفيه الذين يشملون الممثلين والكتاب. وتقوم “رينج ميديا بارتنرز” بإنتاج هذه الأفلام.
وقد حصل حتى الآن فيلمان قصيران على الضوء الأخضر من خلال المشروع، أولهما فيلم يحمل عنوان “المياه العذبة”، يروي قصة رجل يزور المنزل الذي قضى فيه فترة طفولته، ويكتشف وجود مجسم ثلاثي الأبعاد (هولوغرام) لوالدته الشهيرة المتوفاة. ومن المقرر أن يقوم مايكل كيتون بإخراج الفيلم والظهور فيه أيضا. كما أن الفيلم من تأليف ابنه، شون دوغلاس، وهو أول مشروع يعملان فيه معا.
أما الفيلم الثاني فهو “لوسيد” (صاف)، وتدور أحداثه حول زوجين يرغبان في الهروب من واقعهما الخانق، ويخاطران بكل شيء على جهاز يسمح لهما بالتشارك في نفس الحلم.

وتوضح الصحيفة الأميركية في تقريرها أن ذلك المجهود يأتي في وقت تختلط فيه مشاعر الكثير من الأميركيين تجاه الذكاء الاصطناعي، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة بنتلي ومؤسسة جالوب في عام 2024 أن 56 في المئة من الأميركيين يرون أن الذكاء الاصطناعي لديه “قدر متساو من الضرر والنفع،” بينما يعتقد 31 في المئة منهم أن الذكاء الاصطناعي يسبب “ضررا أكثر من النفع.” ومن الممكن أن يساعد تغيير طريقة تصوير الذكاء الاصطناعي في الثقافة الشعبية على التحول بعيدا عن هذه التصورات، أو على الأقل هذا ما يأمل فيه بعض خبراء التقنيات وعشاق الذكاء الاصطناعي.
وتأمل شركة غوغل بشدة في إقناع المستهلكين بأنه من الممكن أن يكون الذكاء الاصطناعي قوة للخير، أو على الأقل غير موجهة للشر. ويعج هذا المجال المثير بشكل متزايد، بشركات ناشئة وأخرى راسخة مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” و”أبل” و”ميتا”، الشركة الأم لمنصة فيسبوك.
ويشار إلى أن الأفلام القصيرة التي تمولها غوغل، والتي تتراوح مدتها بين 15 و20 دقيقة، ليست إعلانات تجارية للذكاء الاصطناعي في حد ذاتها، بل إن غوغل تسعى إلى تمويل أفلام تعمل على استكشاف التداخل بين الإنسانية والتكنولوجيا، بحسب ما تقوله ميرا لين، نائبة رئيس إدارة التكنولوجيا والمجتمع لدى غوغل، مضيفة أن غوغل لا تقوم بالترويج لمنتجاتها في تلك الأفلام، وأن هذه الأفلام ليست مصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ولم تكشف غوغل عن حجم استثماراتها في الأفلام، وقالت إنها تريد تمويل المزيد منها، دون أن تحدد عددا مستهدفا. وأضافت أن بعض الأفلام القصيرة قد تتحول في النهاية إلى أفلام طويلة.
ويتاح للمبدعين الذين يعملون مع الشركة الوصول إلى خبراء التكنولوجيا في الشركة، الذين يمكنهم مشاركة المزيد من المعلومات بشأن التكنولوجيا. ولكن السؤال هو، على سبيل المثال، هل توجد التكنولوجيا المستخدمة في السيناريو في الحقيقة بالفعل؟ وكيف ستبدو في الحياة الواقعية؟
ومن جانبها تقول راتشيل دوغلاس، الشريكة في شركة “رينج ميديا بارتنرز” والمتزوجة من شون دوغلاس، “إننا نعيش في ظل هذه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي -و(مِن أبرز) الأسئلة التي تطرح: كيف تؤثر علينا؟ وكيف يمكننا التواصل من الناحية العاطفية من خلال هذا النوع من التكنولوجيا؟”
جدير بالذكر أن الذكاء الاصطناعي لطالما كان محلا للنقاش في هوليوود، كما كان له دور أساسي في الإضرابات التي نظمها الكُتّاب والممثلون في عام 2023.
ويتخوف الممثلون من أن يتم نسخ نماذج لهم ولأصواتهم وأن يتم استخدامها دون أن يتم الحصول على إذن منهم أو دون الحصول على مقابل مادي. كما يخشى الكُتّاب أن يتم استخدام أعمالهم دون إذنهم، لعمل نصوص ومخططات قصصية مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.