أفلام عن العنف والعلاقات الأسرية في أفريقيا يعرضها خريبكة السينمائي

مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية يستقبل 350 سينمائيا من 45 بلدا، في احتفاء بالإبداع السينمائي الأفريقي، وبمواهبه الصاعدة، وتحولاته العميقة.
الثلاثاء 2025/06/24
"وشم الرياح" ناقش مشاكل الميراث

خريبكة (المغرب)- مواضيع متنوعة تهم المجتمعات في القارة الأفريقية، منها ما يتقاطع ويتشابه ومنها ما هو مختلف، يركز بعضها على العلاقات داخل الأسر والعنف الأسري وموضوعات الهوية والإرث، تعرضها الدورة الـ25 من مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية التي تتواصل فعالياتها إلى غاية 28 يونيو الجاري.

ويستكشف الفيلم الرواندي الطويل “أوموكاني”، الذي عرض في إطار المسابقة الرسمية، ظاهرة العنف الأسري من زاوية غير مألوفة وجديدة.

ويروي هذا الفيلم، الذي يمتد لـ84 دقيقة، قصة زوجين يواجهان مشكلات في الثقة، تتفاقم لتتحول إلى عنف أسري عندما ينعدم الصبر ويعوض الصمت الحوار والتواصل، ما سيضطر أحد الطرفين إلى مواجهة العواقب بمفرده.

وسعى مخرج العمل، جون كوييزي، من خلال هذا الفيلم، إلى رسم ملامح زوجين عاديين ارتكبا خطأ الهروب من واقع الخلافات اليومية، لينتهيا في نهاية المطاف إلى الوقوع في فخ الصمت والحقد المتراكم.

◄ الفيلم الرواندي "أوموكاني" الذي عرض في المسابقة الرسمية استكشف ظاهرة العنف الأسري من زاوية غير مألوفة

وفي هذا الصدد، شدد بطل الفيلم، دانيال كاغا، على أهمية الحوار بالنسبة إلى الأزواج، مذكرا بأن التوترات اليومية يمكن أن تؤدي إلى عواقب مأساوية.

وأوضح في تصريح أن “ظاهرة العنف الأسري لا تزال، للأسف، منتشرة على نطاق واسع في شرق أفريقيا، مضيفا أن هدف الفيلم هو التوعية بهذه الإشكالية من أجل المساهمة في مكافحة هذه الآفة الاجتماعية.”

وأشاد الممثل، الذي يحل لأول مرة بالمغرب، بجودة التنظيم ومستوى الضيوف في هذا الحدث الكبير للسينما الأفريقية، قائلا “لقد وصلت اليوم فقط، وكان لي شرف لقاء منتجين وممثلين ومخرجين مرموقين.”

وأضاف أن تنظيم مهرجان بهذا الحجم يجسد الجهود التي يبذلها المغرب في المجال السينمائي، لاسيما على مستوى الاستثمار وتوفير الوسائل اللازمة لتطوير هذه الصناعة.

وتميز اليوم الثاني من المهرجان، الذي شهد إطلاق المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، بفرصة اكتشاف فيلم “إرث”، الذي يتناول مسألة الإرث في تشاد.

ويروي الفيلم لمخرجه أرون باداكي زيغولي، قصة سابورا، فتاة تبلغ من العمر 18 سنة ومولعة بالموسيقى، يتم تعيينها بموجب وصية كوارثة وحيدة، رغم أن الإرث محصور تقليديا في الرجال، ما يعرضها لمشاكل مع محيطها الذكوري الذي يعارض هذه الوصية.

كما عرض الفيلم المغربي “وشم الرياح” وهو فيلم درامي من إخراج وكتابة المخرجة المغربية ليلى التريكي، وقد شاركها في كتابة السيناريو الكاتب الأميركي كيث كوننغهام. ويستند الفيلم إلى قصص واقعية لمهاجرين مغاربة عاشوا تجربة الاغتراب في أوروبا، ويركز على قضية الهوية والذاكرة والبحث عن الجذور المفقودة.

يروي الفيلم قصة صوفيا، مصورة شابة من طنجة، تكتشف بالصدفة أن والدتها الفرنسية، التي كانت تظن أنها متوفاة، لا تزال على قيد الحياة. فتبدأ رحلة تحقيق للبحث عن الأجزاء المفقودة من هويتها وكشف أسرار عائلتها.

وأوضحت المخرجة ليلى التريكي في تصريحات سابقة أن فكرة الفيلم مستوحاة من قصص واقعية لمهاجرين مغاربة هاجروا إلى أوروبا خلال السبعينات وأنجبوا أطفالاً، إلا أن هؤلاء الأطفال فقدوا التواصل مع آبائهم أو أمهاتهم لأسباب مختلفة، وقد تمكنت التريكي من تقديم هذه القصة الإنسانية بعمق وحساسية، ما أثر في قلوب الجمهور والنقاد على حد سواء.

وقد عرض هذا الفيلم المغربي الذي يشرك فيه الممثل السوري محمود نصر، لأول مرة على الصعيد الدولي ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي 2024، كما شارك رسميًا في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة خلال أكتوبر 2024. وقد فاز بجائزة  “أفضل أول عمل”، وهو إنجاز مهم للمخرجة في أول أفلامها الطويلة. كما عبّر الممثل محمود نصر عن فخره بالمشاركة، وقال إن الفيلم “يحصد أولى جوائزه.”

أما في فئة الأفلام القصيرة، تم عرض ثلاثة أفلام هي فيلم”الاستجواب” لجان لوك راباتيل من الطوغو، ومن إثيوبيا  فيلم”الميدالية” لروث هوندوما ، ومن جمهورية أفريقيا الوسطى فيلم “صورة لامرأة بلا وجه” لسعدية كوسانكو.

ويواصل المهرجان خلال هذا الأسبوع عرض أفلام من دول عديدة من بينها مصر وتونس وموريتانيا والتوغو والصومال وغيرها، ومن بينها فيلم “قصة الخريف” الذي يمثل مصر في المهرجان وهو أول فيلم روائي طويل للمخرج والمؤلف كريم مكرم، بعد سلسلة من الأفلام القصيرة والتسجيلية التي عرضت في مهرجانات محلية ودولية.

ويناقش الفيلم موضوع الاغتراب والوحدة، عبر حكايات متقاطعة لعدة شخصيات تنتمي لطبقات اجتماعية مختلفة، ويعكس واقعًا إنسانيًا يعانيه الكثيرون.

وينظم مهرجان خريبكة الدولي للسينما الأفريقية تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويستقبل خلال هذه الدورة 350 سينمائيا من 45 بلدا، في احتفاء بالإبداع السينمائي الأفريقي، وبمواهبه الصاعدة، وتحولاته العميقة.

وتنعقد هذه الدورة تحت شعار “من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات: تجاذبات السينما الأفريقية”، حيث تهدف إلى فتح نقاش عميق حول تأثير الذكاء الاصطناعي على المهن، والسرديات، والخيال السينمائي في القارة الأفريقية.

14