أفلام بميزانيات منخفضة تؤسّس لثقافة بصرية بديلة

سينما الموبايل تدعم ظهور جيل جديد من المخرجين في مصر.
الجمعة 2021/08/06
أفلام الموبايل.. سينما المستقبل

تزايد اهتمام جهات حكومية وخاصة عديدة في مصر بعقد دورات تدريبية تستهدف تعليم الهواة كيفية توظيف الأدوات التكنولوجية الحديثة في إنتاج أعمال فنية في ظل شغف متصاعد من قبل فئات شبابية بتقديم محتويات فنية خاصة بها قد تفتح لها المجال للدخول في سوق الإنتاج السينمائي أو الدرامي لاحقا.

القاهرة - تنظم وزارة الشباب والرياضة المصرية بالتعاون مع مدرسة “السينما الاستقصائية” في مصر، وهي مؤسسة خاصة تهتم بإنتاج أفلام الموبايل، ما يسمّى بـ”المخيم العربي الأفريقي لمنتجي الفيلم” الذي ينطلق اليوم الجمعة بمشاركة خمس عشرة دولة، ويتضمن عقد ورش عمل تتعلّق بإنتاج محتوى سينمائي على الموبايل وتعليم التصوير والسيناريو.

ويشارك في المؤتمر مئة شاب وفتاة بهدف نشر ثقافة التطوّع والإبداع والارتقاء بالقدرات والمواهب الفنية وتوظيفها للمساهمة الإيجابية في كل ما يرتقي بالمجتمع.

أحمد إسماعيل: من الجيد تحويل حدث عارض إلى محاكاة فنية عبر الموبايل
أحمد إسماعيل: من الجيد تحويل حدث عارض إلى محاكاة فنية عبر الموبايل

سينما مختلفة

أكّد مدير مدرسة السينما الاستقصائية أحمد إسماعيل لـ”العرب”، أن المهرجان يرمي للتعرّف على أحد أنواع سينما الموبايل، وهو “السينما الاستقصائية” ويسلط الضوء على النجاحات العلمية التي يحقّقها الباحثون في مجالات مختلفة وتحويلها إلى أفلام قصيرة لإبراز هذه النماذج بصورة فينة تجذب المشاهدين إليها.

وأوضح أن سينما الموبايل أكثر قدرة على الوصول إلى فئات مختلفة، خاصة الشباب، لكن من المهمّ توظيفها بشكل إيجابي، وهو ما يسعى إليه المهرجان، وذلك من أجل تعريف الهواة والمهتمين بالتصوير بكيفية التعامل مع مخرجات البحث العلمي، مثلا، في تقديم أعمال فنية تلائم الجمهور العادي.

وأشار لـ”العرب” إلى أن المخيم يتضمن كيفية تحويل حدث عارض إلى محاكاة فنية يمكن توثيقها بالموبايل، أو تسليط الضوء على قضايا مجتمعية لا تركّز عليها الأفلام الطويلة، أو كيفية تدشين أفلام قصيرة توثّق لحملات تقودها الحكومة في مجالات متباينة وتقديمها بصبغة فنية تجذب الجمهور.

ويؤدّي تقلص ميزانيات إنتاج الأفلام السينمائية في ظل الأوضاع الصحية الراهنة إلى وجود أجيال جديدة من المبدعين تنتظر الفرصة للإعلان عن نفسها، وتجد في انتشار ما يمكن تسميته بـ”ثقافة الموبايل” بابا مهما للتعبير عن نفسها وهؤلاء سوف يكونون أكثر قدرة على مجاراة اهتمامات الجمهور بعيدا عن مقص الرقيب، ومن دون أن يكون ذلك بحاجة إلى ميزانيات ضخمة تعرقل خططهم.

وارتفع معدل إنتاج الأفلام السينمائية القصيرة المنجزة بالموبايل في السنوات الماضية في مصر، ودائما ما تخصّص دور العرض السينمائية الخاصة وقتا محدّدا لعرضها، وتنظم ما يشبه المهرجانات الصغيرة التي يشارك فيها عدد من الأفلام مثل “مهرجان سينما الموبايل” الذي تنظمه سينما زاوية في القاهرة بشكل سنوي، ويعرض أفلاما تتّسم بالجرأة والشجاعة في التناول وتكون بمثابة حدث يظهر فيه الشباب قدراتهم الفنية.

سرعة الانتشار

ثبات.. تصوير.. فتوثيق
ثبات.. تصوير.. فتوثيق

أشارت إيمان توفيق، وهي إحدى الفتيات المهتمات بتقديم محتويات فنية عبر المويايل، إلى أن الفيديوهات المُحمّلة على مواقع التواصل الاجتماعي تشكل أرشيفا مهمّا لعدد كبير من الشباب الذين يعوّلون على أن تحقّق تجاربهم المبتدئة تراكما يمكن أن يفيدهم على المدى البعيد، بالإضافة إلى أن قدرة هذه الأعمال على الانتشار بسرعة فائقة في الفضاء الإلكتروني يحفّز الشباب على إنتاج محتويات فنية عديدة لا تتجاوز مدتها خمس دقائق، لكنها تسلط الضوء على فكرة بعينيها.

وأوضحت لـ”العرب” أن المنصات الإلكترونية مثل يوتيوب وإنستغرام وتيك توك وغيرها تساعد على التوسّع في سينما الموبايل، لأنها تتيح التعديل في الصورة وتحسين جودتها حتى وإن لم تكن مصوّرة بأجهزة متطوّرة، وبالتالي يصبح هناك منتج بجودة عالية في الشكل الخارجي، ما يدفع الكثير من القائمين على إنتاج الأفلام الوثائقية إلى اللجوء إلى هذه المنصات لإنتاج أعمالهم.

ولفتت إلى أن إدخال تعديلات كبيرة على المناهج التعليمية في الجامعات والكليات المرتبطة بالفنون المختلفة يفتح الباب لوجود أجيال جديدة لها خبرات تقوم بتوظيفها عبر إنتاج أعمال عدة، وقد تحظى باحترافية عالية وتجذب قطاعات واسعة من الشباب الذين يميلون إلى مشاهدة أعمال قصيرة تحوي قيمة فكرية وإبداعية أعلى بالنسبة إليهم.

وعقدت وزارة الشباب والرياضة بمصر مؤخرا دورة تدريبية لتعليم سينما الموبايل بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي “غيز” بهدف تمكين الشباب من مكافحة ظواهر العنف المختلفة التي تتعرّض لها المرأة والأطفال، وتعريفهم بكيفية استخدام الموبايل لإنتاج أفلام قصيرة للتعرّف على أساسيات سرد القصص وتسجيل الفيديو.

ويعبّر دخول أجهزة حكومية مصرية على خط تدريب الشباب لتطوير استخدام سينما الموبايل عن أن هناك حاجة لتوجيه هذه الطاقات والاستفادة من قدراتها الإبداعية، ومحاولة الدخول على خط ضبط المحتويات المقدّمة والتي قد لا تحظى بترحيب بعض الجهات التي تتعامل معها من منظور أمني.

وثمة مشكلة في التعامل مع سينما الموبايل في مصر ترتبط بأن كافة الجهود الموجهة إليها سواء أكان ذلك عبر الجهات الحكومية أو إدارات المهرجانات أو الجهات الفنية الخاصة، تستهدف البحث عن المواهب الجديدة وكيفية تطويعها في إنتاج أعمال فنية من دون أن يكون هناك اهتمام بتطوير هذا النوع من الإنتاج الذي يأخذ في التصاعد على نحو كبير على مستوى العالم، ويشكّل جزءا رئيسيا في المهرجانات الدولية.

Thumbnail

وينظّم سنويا أكثر من ثلاثين مهرجانا لأفلام الموبايل في أنحاء عدة من العالم استطاع بعضها عرض أفلام حازت شهرة عالمية مثل فيلم “زيتون” الذي صوّر بجهاز موبايل نوكيا واستطاع الوصول إلى هوليوود، والفيلم الوثائقي الطويل “طهران بدون إذن” الذي وجد طريقه إلى مهرجانات دولية أيضا.

وتؤدّي النظرة الضيقة للجهات القائمة على المهرجانات الفنية لسينما الموبايل وعدم انتظام عقد المسابقات الخاصة بها إلى الحد من انتشارها في مصر، والأمر بحاجة إلى دخول رعاة لديهم الثقة في إمكانية تحقيق هذه الأعمال نجاحات كبيرة تساعد على تنظيم مهرجانات منتظمة وتقديم جوائز قيمة للشباب تساعدهم على تطوير أدواتهم.

وتبرهن المحتويات المعروضة على مواقع التواصل أن هناك جيلا صاعدا من المبدعين لديه القدرة على تقديم أفكار مبتكرة وفي وقت قصير، ومن المفترض أن يجري توجيه هؤلاء لإنتاج الأفلام القصيرة والانتقال من مرحلة الهواة إلى تقديم أعمال احترافية نظرا للتطوّرات التي يتمتع بها الموبايل والتي قد تفوق أدوات التصوير الحديثة.

16