أفريقيا تكافح لردم الفجوة الكبيرة في الأمن الغذائي

بنك التنمية الأفريقي يؤكد على ضرورة تسريع خطة بقيمة مليار دولار لدعم إنتاج القمح في القارة وتفادي أزمات العجز الغذائي المحتملة.
الخميس 2022/03/17
هذا حصاد اليوم ولا نعلم كم سيكون غدا

أبيدجان - يجمع الخبراء على أن قارة أفريقيا بحاجة ماسة لوضع استراتيجية شاملة لمعالجة العجز الكبير في الأمن الغذائي، الذي تفاقم بدرجة خطيرة خلال السنوات الماضية في ظل موجة التغييرات المناخية وزادت من تعقيداته الأزمة في شرق أوروبا.

وتتقاطع معظم المؤشرات الإقليمية والدولية عن نقطة مهمة هي أن اتساع فجوة الأمن الغذائي بالقارة يعود في الأغلب إلى غياب رؤية واضحة من قبل حكومات أفريقيا لمعالجة التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي، والتي تفاقمت بشكل كبير خلال العشرية الأخيرة.

ومع أن بعض الحكومات تسابق الزمن لاعتماد إجراءات لتعزيز دور القطاعين العام والخاص في مجال الاستثمارات الزراعية وتوفير الدعم الكافي للنشاطين بالقطاع للحد من الواردات الغذائية التي ترهق موازناتها السنوية، إلا أنها تبدو غير كافية حتى الآن.

ووفق رئيس أكبر بنك متعدد الأطراف في القارة فإنه بات من الضروري الآن تسريع خطة تبلغ قيمتها مليار دولار لدعم تعزيزات إنتاج القمح في أفريقيا بهدف تفادي أزمات العجز الغذائي المحتملة، والناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا.

أكينومي أديسينا: نعمل على جمع مليار دولار لتمويل 40 مليون مزارع

وكشف أكينومي أديسينا رئيس بنك التنمية الأفريقي في مقابلة مع وكالة بلومبرغ الأربعاء أن البنك بصدد جمع تمويلات لمساعدة 40 مليون مزارع أفريقي للاستفادة من التقنيات التكنولوجية المقاومة لتغير المناخ وزيادة محصولهم من تشكيلة القمح الذي يتحمل درجات الحرارة العالية والمحاصيل الأخرى كذلك.

وقال “نعمل على تكثيف جهودنا لجمع هذه الأموال لأننا الآن أمام أكثر وقت نحتاج فيه فعلا إلى تعزيز إنتاج القارة من الغذاء لضمان الأمن الغذائي الأفريقي، وتخفيف الآثار الناتجة عن أزمة الغذاء التي ترتبت على الحرب الروسية – الأوكرانية”.

وتظهر بيانات منظمة التجارة العالمية أن واردات القمح تستحوذ على نحو 90 في المئة من التجارة بين أفريقيا وروسيا والتي تصل سنويا إلى 4 مليارات دولار، ونصف حجم التجارة مع أوكرانيا.

وعرقلت الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية التي فُرضت على روسيا شحنات الحبوب نحو العديد من الدول، في الوقت الذي تعاني فيه المخزونات العالمية من نقص حاد بالفعل جراء الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج التي تركها الوباء خلفه، مما فاقم مخاطر اندلاع أزمة جوع ضخمة.

وتنتج روسيا وأوكرانيا مجتمعتين أكثر من ربع صادرات القمح العالمية وقد حذَّرت الأمم المتحدة من أن تكاليف الغذاء المرتفعة بالفعل يمكن أن تصعد مجددا بنحو 22 في المئة، في ظل التداعيات السلبية للحرب على حركة التجارة والشحن وتقليص الإنتاج في المستقبل.

وفعليا تحتدم المخاطر بشكل خاص في أفريقيا التي أشار أديسينا إلى وجود قرابة 240 مليون شخص كانوا يعانون بالفعل من الجوع قبل اندلاع الأزمة في شرق أوروبا.

وترمي خطة البنك إلى زيادة إنتاج القمح والأرز وفول الصويا والمحاصيل الأخرى التي تدخل ضمن أساسيات سكان القارة من أجل توفير الغذاء لنحو مئتي مليون أفريقي تقريبا.

وحتى يتمكن من تنفيذ هذه المبادرة الطموحة يخطط رئيس البنك لعقد اجتماعات مع وزراء المالية والزراعة في القارة لمناقشة أفضل الوسائل المتاحة لتوفير ذلك التمويل.

ويقول أديسينا “الوسائل الجديدة ساعدت إثيوبيا، على سبيل المثال، على زيادة إنتاجها من القمح وتتوقع الآن تحقيق الاكتفاء الذاتي في المعروض منه خلال ثلاث سنوات أما السعة الفائضة فيمكن تصديرها إلى دول أخرى مثل مصر، التي تعد أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم”.

وإضافة إلى تعزيز إنتاج الغذاء، شرع بنك التنمية الأفريقي أيضا في الدفع نحو تسريع إغلاق الحسابات المالية الخاصة بنحو 42 صفقة تبلغ قيمتها 58 مليار دولار، والتي باتت في طور الإعداد، وذلك ضمن مبادرة نوقشت في منتدى إلكتروني بدأ الثلاثاء الماضي.

Thumbnail

وطرح المشاركون في المدن عدة مقترحات تتعلق بتعزيز الربط التجاري والذي يتمثل في مشروع لإنشاء خط سكة حديد في شرق أفريقيا بقيمة 3.2 مليار دولار، يربط بين تنزانيا ومناطق التعدين في بروندي والكونغو الديمقراطية.

كما ناقشوا مشروعا آخر يتعلق بتشييد طريق سريع يصل بين لاغوس، التي تعد المركز التجاري لنيجيريا، وأبيدجان في ساحل العاج.

ويصب البنك الأفريقي للتنمية، الذي يتخذ العاصمة الإيفوارية أبيدجان مقرا له، تركيزه على البنية التحتية التي تعزز التجارة بين الدول الأفريقية، وتشكل حاليا 15 في المئة تقريبا من إجمالي حجم التجارة في القارة.

ومن المرتقب زيادة التدفقات المالية عقب تنفيذ منطقة التجارة الحرة في أفريقيا، التي يُتوقع تشغيلها بكامل طاقتها في 2030. وتفتح المجال أمام إنشاء سوق تجمع حوالي 1.3 مليار شخص، وبها إنتاج محلي إجمالي مشترك بقيمة 2.5 تريليون دولار.

ويعاضد بنك التصدير والاستيراد الأفريقي كل هذه الجهود حيث يعمل على تطوير نظام سيتيح إجراء تحويلات للتمويل بين الدول الأفريقية في الوقت الفعلي، بدلا من تحويل الأموال عبر البنوك الأوروبية والأميركية، وهي مبادرة من المتوقع أن توفر 5 مليارات دولار من نفقات التحويلات السنوية للقارة.

وقال أديسينا “لا نملك خيارا آخر سوى تشغيل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وتسريع عملها”.

وتجري حاليا 16 في المئة فقط من المبادلات التجارية بين الدول الأفريقية وطموح منطقة التبادل الحر هو رفع نسبة هذه المبادلات لتصبح 60 في المئة بحلول العام 2034 بين الـ55 دولة الأعضاء في الاتحاد الأفريقي.

11