أغلق مقر ففتحت مقرات.. "مكمّلين" تستأنف بثها

مصر تحتاج إلى إعلام مؤثر يفند رواية الإعلام الإخواني ما دامت لا تستطيع إسكاته.
الثلاثاء 2022/06/14
من يرسم آخر الخط

عاودت قناة “مكمّلين” الإخوانية بثها من “عواصم العالم” بعد مغادرتها لتركيا في ما اعتبره مقدم البرامج أسامة جاويش “هزيمة للنظام المصري”، في وقت يقول مراقبون إن مصر عليها تطوير أدواتها الإعلامية والخروج من المحلية لتفنيد رواية الإعلام الإخواني.

لندن - استأنفت قناة “مكمّلين” الإخوانية يوم الأحد الثاني عشر يونيو بثها مرة أخرى بعد توقف دام شهرا.

وقال مدير عام القناة أحمد الشناف إن الخارطة البرامجية للقناة ستشهد في انطلاقتها الجديدة ثلاثة برامج هي “مصر النهارده” الذي يقدمه الإعلامي محمد ناصر، وبرنامج “آخر كلام” للإعلامي أسامة جاويش، بالإضافة إلى برنامج “يستفتونك” من تقديم طارق اللبان. وأضاف أن “مكمّلين” استعدت بشكل جيد خلال فترة توقفها التي امتدت لنحو شهر لكي تستهدف شرائح أكبر من المشاهدين من خلال محتوى أكثر جذباً، مؤكداً أن القناة ستواصل مسيرتها الإعلامية في تغطية الشأن المصري والعربي بشكل أكثر تفصيلاً وشمولاً.

أسامة جاويش: "مكمّلين" أزعجت النظام المصري، وإعادة إطلاقها هزيمة له

وأعلن محمد ناصر وأسامة جاويش انضمامهما رسمياً إلى قناة “مكمّلين” بعد قرارها التوقف عن العمل في تركيا والبث من عواصم أخرى.

وسبق أن أغلقت قناة “مكمّلين” مقراتها بإسطنبول وسط تقارب بين تركيا والسلطات في مصر، قائلة إنها ستنطلق من “عواصم عالمية مختلفة”. وقالت القناة في بيان على حسابها الرسمي في تويتر إنه “نظراً إلى الأوضاع التي لا تخفى على أحد وحرصاً على استمرارية رسالة القناة الإعلامية لنقل الحقيقة كاملة، فإن القناة ستغلق استديوهاتها ومقرها بالكامل في تركيا وتنطلق من عواصم عالمية مختلفة خلال المرحلة المقبلة”.

وكشف الإعلامي المصري محمد ناصر في مقابلة مع موقع “ميدل إيست آي” البريطاني المتحيز لجماعة الإخوان المسلمين أن قناة “مكمّلين” اختارت أن تكون عودة بثها دون مقر معين، أو مكان محدد حتى “تتحرر من الضغوط المصرية والخليجية”.

وفي مقابلة حصرية قال محمد ناصر أشهر مذيعي قناة “مكمّلين” والذي غادر تركيا في الثامن عشر مايو لموقع “ميدل إيست آي” الذي يعتقد أنه ممول من قطر، إن القناة اختارت مواقع بث “لا تخضع لأي ضغط من السلطات المصرية أو الخليجية”.

وأكد أسامة جاويش الصحافي الذي عاد للانضمام إلى “مكمّلين” أن القناة ستبث عبر الأقمار الصناعية والإنترنت، وستكون لها عدة استديوهات وفرق في أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، مبينًا أنه “لن يكون هناك مقر”، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن “رسالتنا للعالم تنبع من اسم القناة”. وأضاف جاويش “لذلك سنواصل الدفاع عن الشعب المصري وحرياته وحقوقه وحماية قيم ثورة 25 يناير”.

وغادر جاويش مصر عام 2013 متوجهًا إلى إسطنبول مع صحافيين ونشطاء آخرين، وكان ذلك جزءًا من إنشاء قناة “مكمّلين”، حيث قال إنه “في ذلك الوقت كان جديدًا في مجال الصحافة، مثل كثيرين آخرين. لكن اليوم تضم ‘مكملين’ طاقمًا من الصحافيين ذوي الخبرة”.

معضلة الإعلام في مصر تتمثل في أنه يخاطب نفسه ويهتم بالاصطفاف خلف الحكومة والترويج لإنجازاتها باللغة المحلية

وأكد جاويش أن إعادة بث “مكمّلين” كانت بمثابة “ضربة” للحكومة المصرية التي مارست ضغوطًا على تركيا لإجبار طاقم القناة على مغادرة البلاد وإغلاق مكاتبها في إطار التقارب السياسي. وأضاف أنه “تم تحديد اسم القناة في محادثات مع المسؤولين الأتراك”، متابعًا “‘مكمّلين’ أزعجت النظام المصري، وإعادة إطلاقها هزيمة له. نعتقد أننا انتصرنا هذه المرة”.

وأشار جاويش الذي انتقل إلى المملكة المتحدة في 2018 وطلب اللجوء السياسي إلى أن الحكومة المصرية “ستستمر في استهداف الصحافيين، وستواصل ‘مكمّلين’ مهمتها بغض النظر عن المخاطر”.

وأضاف أنه سيقدم برنامجًا يوميًّا على “مكمّلين”، إلى جانب استضافة “قصص واقعية مستجدة”، وبودكاست باللغة الإنجليزية، وتحرير منصة أبحاث “إيجيبت ووتش”.

وقال أحمد الشناف مدير عام “مكمّلين” في بيان صدر في وقت مبكر من الأسبوع الجاري، إن القناة نجحت في نقل عملياتها إلى خارج تركيا “بطرفة عين”.

ومنذ أبريل غادر العديد من الصحافيين المصريين المعارضين تركيا وانتقل بعضهم إلى لندن لإعادة تشغيل قنواتهم الخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد القيود الجديدة المفروضة على التغطية الإعلامية في تركيا.

من جانبه أكد الإعلامي إبراهيم عيسى أن تنظيم الإخوان في لحظة تربص وحالة محمومة من التشفي حيال الأزمة العالمية وأثرها على مصر، مضيفا أن “قدرة مصر ظهرت في تخطي الأزمات، والدولة يجب أن تقدم للغرب الحقيقة الكاملة ويجب أن ترد على الإعلام الغربي بشفافية”.

وأوضح الاعلامي خلال تعليق ببرنامج “حديث القاهرة” على قناة “القاهرة والناس” أن جماعة الإخوان تبث معلومات مغلوطة للإعلام الغربي عمّا يحدث في مصر، قائلا “هناك مراكز بحثية في الغرب تسيطر عليها جماعة الإخوان فيما ينظر الإعلام الغربي إلى الإخوان على أنها جماعة ذات ثقافة مختلفة”.

إبراهيم عيسى: جماعة الإخوان تبث معلومات مغلوطة للإعلام الغربي عمّا يحدث في مصر

وقال ابراهيم عيسى “لا بد أن نساعد أنفسنا في تحسين صورتنا السياسية بالخارج”، مشيرا إلى أن الإخوان يحتكرون الحديث باسم الإسلام في الغرب.

ويقول مراقبون إن التجييش الإخواني بحاجة إلى مقابل موضوعي ترسم القاهرة معالمه بدقة.

وبدا الإعلام المصري وكأن إمكانياته الحالية لا تسعفه ما لم يتدخل المسؤولون سريعا بتعديلات تناسب النوعية الاستثنائية من الأزمات. ويعتبر مراقبون أن الإعلام المصري لا يزال يدور في حلقاته المحلية السابقة، ويعتبر نفسه يخاطب الداخل فقط.

ويبرهن ارتكان جهات مصرية إلى نظرية المؤامرة على عدم صياغة خطاب إعلامي ناضج موجه إلى الخارج، ووجود إصرار على العمل بالطريقة التقليدية التي لا تقوى على مجابهة التحديات التي تواجه الحكومة المصرية من وسائل إعلام معادية.

وما زالت معضلة الإعلام في مصر تتمثل في أنه يخاطب نفسه ويهتم بالاصطفاف خلف الحكومة والترويج لإنجازاتها باللغة المحلية، وعندما يتبنى وجهة نظر الدولة ويدافع عن حقوقها المشروعة لا يستطيع مجاراة المنابر الخارجية، وإذا شعر بعدم القدرة على الرد يلجأ إلى إقناع المشاهد بأن ما يحدث ضد مصر مؤامرة.

ويُدرك أغلب العاملين في مجال الإعلام أن الدولة ليست لديها أزمة تمويل لتقوم بإطلاق قناة إخبارية دولية، وأنها تمتلك من الخبرات والكفاءات الإعلامية ما يؤهلها لصناعة منتج قوي ومؤثر، لكن المشكلة ما زالت في الإرادة وغياب الرؤية والاعتماد على وجوه مكررة في الإدارة والشاشة احتكرت كل شيء منذ سنوات دون فلترة.

16