أعمال شغب في سجن كويتي تزيد من أزمات البلاد

الكويت – غطت نتائج انتخابات مجلس الأمة في السادس من هذا الشهر، وعودة الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح إلى الحكومة كوزير للدفاع ونائب ثان لرئيس الوزراء، على حدث خطير داخل السجن المركزي في الكويت ستكون له تداعيات بعيدة المدى على الأمن الداخلي وعلى مسيرة وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد الأحمد الصباح.
وبعد فترة قصيرة من ورود تقارير عن انتحار سجين، أرسلت السلطات في 30 مايو فرق بحث إلى السجن بعد تلقيها بلاغات تفيد بتهريب كمية كبيرة من المخدرات والهواتف المحمولة إلى أحد العنابر، ما استدعى تدخل قوات خاصة للسيطرة على الوضع.
وذكرت تقارير محلية أن القوات الخاصة قامت بتثبيت جميع المساجين على الأرض داخل الزنازين، وتم بعدها نقل النزلاء زنزانة تلو الأخرى إلى الفسحة لتفتيشهم وتفتيش الزنازين بعد تفريغها من المساجين، وأن أفراد القوات وجدوا أسلحة بيضاء ذات صنع يدوي بكميات كبيرة (سكاكين وسواطير وفؤوس) وحبوبا متنوعة مشتبها في كونها مخدرات.
وفي أحد العنابر أطلق أحد النزلاء صراخا لا مبرر له، واتضح أنها إشارة إلى باقي المساجين بالساحة ليثوروا ويفتعلوا الشغب، واضطرت القوات الخاصة إلى التعامل بصرامة مع المساجين الذين كسروا مرافق العنبر وكاميراته وأدخلتهم إلى زنازينهم.
وحين اكتشفت القوات أن النزلاء كانوا متربصين بها بجانب باب العنبر ومعهم أسلحة بيضاء، لجأت إلى رمي القنابل الصوتية لمنع الاشتباك معهم ما أدى إلى حدوث إصابات.
لكن هذه الرواية لاقت التشكيك حين انتشر مقطع فيديو مسرب سجّله سجناء صوروا فيه لجوء قوات الأمن إلى العنف وحمل الهراوات لإخضاع النزلاء الذين رفضوا الاستجابة لنداءاتها.
وللتخفيف من هذه الصورة ظهر وزير الداخلية طلال الخالد الأحمد الصباح ليؤكد أن لا أحد فوق القانون، معربا عن رفضه القاطع لما تضمنه مقطع الفيديو الذي تم تداوله ويظهر تعرض بعض نزلاء السجن إلى تعامل قاسٍ من قِبل رجال الأمن.
وقال النائب السابق مرزوق الخليفة الشمري، الذي شهد أعمال الشغب حين كان مسجونا على خلفية قضية “تشاورية شمر”، “قمنا بعد خروجنا بالتنبيه على ما رأيناه في الداخل من انتهاك لحقوق الإنسان في السجن المركزي بالاتصال هاتفيا بوزير الداخلية للإبلاغ”، لافتا إلى أن “الأخطر هو دخول القوات الخاصة إلى عنابر النزلاء والاعتداء عليهم بقسوة لفظيا وجسديا”.
ووعد الشيخ طلال بإجراء تحقيق كامل، والتحرك بسرعة بـ”إيقاف وكيل الداخلية لشؤون المؤسسات الإصلاحية وشؤون قوات الأمن الخاصة اللواء عبدالله سفاح عن العمل، وإعفاء المدير العام للإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية العميد فهد العبيد من منصبه، وإحالته إلى ديوان الوزارة، إلى جانب تحويل كل من العمداء عدنان مراد ويوسف العتيبي وخالد القلاف إلى ضابط عمليات مناوب، ونقل العميد وليد العلي من سجن الإبعاد إلى إدارة تنفيذ الأحكام”.
ولفت كريستوفر ديفيدسون الخبير في السياسة المقارنة لدول الخليج، في تقرير لموقع عرب دايجست، إلى أنه سرعان ما انتشرت اتهامات مألوفة جدا بالتسييس والتعتيم، في إشارة إلى استهداف وزير الداخلية.
وذكرت منصة جريدة “الجريدة” الكويتية، على سبيل المثال، أن محققي الحكومة لم يشاهدوا سوى عشر دقائق من أصل 4 ساعات من الفيديو المسرب، وأن لجنة التحقيق أحالت الملف إلى النائب العام بعد أقل من ست عشرة ساعة على أعمال الشغب، فيما اعتُبر “سابقة جديدة”.
كما لجأ البعض إلى الحديث عن وجود مؤامرة “تم التخطيط لها بإحكام وسرية”، شارك فيها سجناء وأفراد من قوات الأمن الخاصة على حد السّواء مع تلفيق البلاغات وتسجيل الفيديو المسرب لفرض “إعادة ترتيب” الأوضاع في السجن والضغط على وزارة الداخلية للتحرك ضد المسؤولين الذين أصبحوا موقوفين عن العمل، وحتى لتغذية بعض الحملات الانتخابية المعارضة بما في ذلك إضعاف مكانة الشيخ طلال قبل التعديل الوزاري الذي حافظ فيه على منصبه.
وكان سجينان في سجن الكويت المركزي أقدما في أكتوبر الماضي على حرق زنزانتهما باستخدام ولاعة، مما تسبب في اندلاع حريق في السجن، وإصابة عدد من السجناء الذين تم نقلهم إلى مستشفى الفروانية، بحسب وسائل إعلام كويتية.
وقبل ذلك في شهر مايو من العام الماضي أعلنت وزارة الداخلية الكويتية عن حريق في السجن نفسه، لكن يبقى الحادث الأخطر ذلك الذي استجد في العام 2016 والذي تسبب في وفاة شخص وإصابة 25 آخرين تم نقلهم إلى المستشفى، في حين تم علاج 30 من النزلاء داخل السجن.