أطفال الريف أفضل من أطفال المدينة في المهارات الحركية

كشفت دراسة حديثة أن أطفال الريف، وبفضل قضائهم وقتا أطول في الهواء الطلق، يتمتعون بمهارات حركية أفضل من غيرهم من الأطفال الذين يعيشون في المدن والمناطق الحضرية، وتعد هذه المهارات ضرورية للأنشطة والألعاب المختلفة التي يقوم بها الأطفال. وبينت الدراسة، التي قيمت ارتباط البيئة بالأداء أثناء اللعب، أن الكثافة السكنية مرتبطة بتراجع مهارات الأطفال الحركية ومدى مشاركتهم في اللعب في الهواء الطلق وممارسة الرياضة بانتظام.
لندن - أفادت دراسة فنلندية حديثة بأن الأطفال الذين يعيشون في الريف والقرى يتفوقون على أقرانهم الذين يعيشون في المدن والمجتمعات العمرانية الكثيفة في المهارات الحركية.
وأجرى الدراسة باحثون بكلية العلوم الرياضية والصحية في جامعة يوفاسكولا الفنلندية، ونشروا نتائجها في العدد الأخير من الدورية العلمية “انترناشنول جورنال أوف انفارمونتال ريسرش أند بابلك هالث” (الصحيفة العالمية للأبحاث البيئية والصحة العامة).
ويطلق مصطلح المهارات الحركية على النشاطات الحركية التي تظهر عند معظم الأطفال، وتتضمن مثلا: رمي الكرات والتقاطها، والقفز والوثب والحجل والتوازن، وتعد تلك المهارات ضرورية للألعاب التي يقوم بها الأطفال.
وفي مرحلة الطفولة المبكرة، يعد إتقان المهارات الحركية الأساسية إحدى المهام التنموية الرئيسية للطفل. لكن هذه المهارات لا تتطور إلى المستوى الأمثل دون ممارسة.
وحسب الدراسة، فإن هناك طفلا من بين 10 أطفال يعاني من تأخر في المهارات الحركية، ما يعيق مهامه اليومية، مثل ارتداء الملابس والكتابة وركوب الدراجة والعدو.
الأطفال الذين يعيشون في الريف حيث المساحات الخضراء والهواء الطلق لديهم فرص أكبر للعب والعدو والتسلق والقفز
وللوصول إلى نتائج الدراسة، راقب الفريق 945 طفلا تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، وكانوا يعيشون في 17 مدينة و7 مناطق ريفية في فنلندا، حيث قيموا ارتباط البيئة التي يعيشون فيها بمدى إتقانهم للمهارات الحركية.
وكشفت النتائج أن الكثافة السكنية مرتبطة بتراجع مهارات الأطفال الحركية ومدى مشاركتهم في اللعب في الهواء الطلق وممارسة الرياضة بانتظام.
ووجد الباحثون أن الأطفال الفنلنديين الذين يعيشون في الريف يقضون وقتا أطول في الهواء الطلق ولديهم مهارات حركية أفضل من أقرانهم في المنطقة الحضرية.
وقالت الدكتورة دونا نيميستو، قائدة فريق البحث، إن “الوقت الذي يقضيه الأطفال في الهواء الطلق للمشاركة في الألعاب الرياضية المنظمة يعزز تعلم الأطفال للمهارات الحركية”.
وأضافت “الأطفال الذين يعيشون في الريف، حيث المساحات الخضراء والهواء الطلق لديهم فرص أكبر للعب والعدو والتسلق والقفز، ما يمكنهم من تطور مهاراتهم الحركية، بصورة أفضل من أقرانهم في المدن”.
وتنصح منظمة الصحة العالمية الأطفال والشباب بممارسة الرياضة لمدة ساعة على الأقل يوميا، بالإضافة إلى تخصيص الجزء الأكبر من النشاط البدني اليومي للألعاب التي يتم ممارستها في الهواء الطلق.
وأضافت المنظمة أن ممارسة النشاط البدني تساعد الشباب على نمو العظام والعضلات والمفاصل والقلب والرئتين بطريقة صحية، بالإضافة إلى الحفاظ على وزن مثالي للجسم.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن الأنشطة البدنية للأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة تتضمن اللعب أو المباريات أو الألعاب الرياضية أو التنقل أو الترفيه أو التربية البدنية أو التدريب المخطط في إطار الأسرة والمدرسة والأنشطة المجتمعية.
وتوصي المنظمة، من أجل تحسين اللياقة القلبية التنفسية والعضلية، وصحة العظام، والحد من خطر الإصابة بالأمراض غير السارية، بمزاولة الأطفال والشباب في هذه الفئة العمرية بمجموع 60 دقيقة على الأقل يوميا من النشاط البدني معتدل الشدة إلى مرتفع الشدة.
كما توصي بتخصيص الجزء الأكبر من النشاط اليومي للأنشطة الهوائية، وممارسة الأنشطة البدنية مرتفعة الشدة، مثل أنشطة تقوية العضلات والعظام ثلاث مرات على الأقل كل أسبوع.
ويمكن بلوغ هدف تكريس 60 دقيقة يوميا لممارسة أنشطة على مدى فترات قصيرة متعددة طوال اليوم، بتخصيص فترتين تدوم كل منهما 30 دقيقة مثلا، والقيام بعد ذلك بجمع تلك الفترات.
وتهم هذه التوصيات الأطفال والشباب الأصحاء، أما من كان منهم مصابا بعجز ما فيمكنه تطبيق ما أوصت به منظمة الصحة العالمية بحسب قدرته على ذلك ومع توفر الرعاية الصحية الضرورية والمناسبة لحالته.
وترى منظمة الصحة العالمية أن هناك علاقة بين التوسّع العمراني والعديد من المشكلات الصحية، ومن بين ذلك أسلوب الحياة غير الصحية والخمول البدني.
وتشمل الحلول التي تقدمها المنظمة لتعزيز العيش بطريقة صحية في المناطق الحضرية من أجل تجاوز المشكلات الصحية التي يسببها التوسّع العمراني: اعتماد التخطيط الحضري من أجل تعزيز السلوكيات الصحية والسلامة وذلك بتصميم المدن بأشكال تشجع على ممارسة النشاط البدني، بالإضافة إلى مراقبة التلوث داخل المباني وخارجها.
ونشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا على موقعها الرسمي يقدم محتواه حقائق عن نماء الطفل في المراحل المبكرة على اعتبار أنه أحد المحددات الاجتماعية للصحة.
وبينت المنظمة أن نماء الدماغ والنماء البيولوجي خلال الأعوام الأولى من الحياة يعتمدان على جودة المنبهات في البيئة التي يعيش فيها الرضيع على مستويات الأسرة والمجتمع المحلي والمجتمع ككل.
وذكر التقرير أن نماء الطفل في المراحل المبكرة يعد كذلك من بين العوامل التي تؤثر مدى الحياة في الصحة والعافية ومؤهلات التعليم.
كما يؤكد تقرير المنظمة أن تناول مسألة نماء الطفل في المراحل المبكرة يعني تهيئة الظروف المواتية للأطفال، قبل أن يولدوا وحتى بلوغهم سن الثامنة، كي يستفيدوا بشكل متكافئ من النمو الجسدي والاجتماعي-الانفعالي واللغوي-المعرفي. وأيضا تشدد المنظمة على أن للجيرة والمجتمعات المحلية والقرى المأمونة والمتماسكة التي تراعي خصائص الأطفال أهمية بالغة في ما يخص نماء الطفل.
ولتحسين أحوال نماء الأطفال في المراحل المبكرة، تؤكد منظمة الصحة العالمية في تقريرها أنه لا بد للمجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم أن تستمر في تحسين ظروف الأسر لتمكينها من تنشئة أطفالها بمعالجة المسائل المرتبطة بالأمن الاقتصادي ومرونة العمل والمعلومات والدعم والصحة والرعاية الجيدة التي تقدم إلى الأطفال.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بضرورة إزالة العقبات التي تقف في طريق الاستفادة من البرامج والخدمات التي أثبتت فعاليتها في دعم نماء الأطفال الجسدي والاجتماعي-الانفعالي واللغوي-المعرفي في المراحل المبكرة من حياتهم.
ورغم أن للعيش في المدينة فوائد كثيرة للأطفال بالنظر للإمكانيات الهائلة المتوفرة هناك والتي تفتقر إليها القرى، إلا أن المناطق الريفية تمتاز ببيئة توصف في العموم بأنها أقل تلوثا إن لم تكن خالية تماما من مصادر التلوث مقارنة بالمناطق الحضرية. ولهذه العوامل تأثيرات كبيرة على صحة الأطفال.
وكشفت دراسة علمية كانت قد نشرت قبل سنوات أن الأطفال الذين يعيشون في المزارع أقل عرضة للإصابة بحساسية الصدر أكثر من أقرانهم من الأطفال الذين يعيشون في المدن.
وقال فريق البحث المكون من أطباء من جامعة لودفيغ ماكسميليانز بميونيخ في ألمانيا، إن السبب يعود إلى اختلاف نوعية الميكروبات الموجودة في كل بيئة. وأكدت الدراسة أن نوعية محددة من الميكروبات يمكن أن تكون بمثابة حماية ووقاية من مرض معين.