أطباء تونس غاضبون على سوء أوضاع قطاعهم المتدهور

تونس – خرج المئات من الأطباء والمساعدين وطلبة الصّحة التّونسية، الثلاثاء، في احتجاجات كبيرة وسط العاصمة، للمطالبة بتحسين ظروف العمل المتدهورة في المؤسسات الصحية الحكومية، وذلك بعد حادثة وفاة طبيب وتدهور الخدمات المقدمة في هذا القطاع الهام.
وجاءت المسيرة احتجاجا على الوضع المهمش للمستشفيات الحكومية والخدمات الصّحية وغياب الإصلاحات في بلد يشهد احتجاجات اجتماعية في مناطق عديدة تطالب بالتنمية وتوفير فرص عمل.
ودعت ثلاثة هياكل نقابية غير حكومية، إلى مسيرة "يوم الغضب"، وهي عمادة الأطباء، واتحاد الأطباء العامين للصحة العمومية، والمنظمة التونسية للأطباء الشبان.
وشارك في المسيرة التي توجهت من أمام كلية الطّب إلى مقر وزارة الصّحة ثم ساحة الحكومة وسط العاصمة، المئات من موظفي الصّحة والأطباء في القطاعين العام والخاص، فضلا عن عدد من الطلبة.
وتوفر الصحّة التونسية سنويا مليون عملية جراحية و800 ألف إقامة في المستشفى، وتتكون شبكة المؤسسات الصحية من 29 مستشفى جامعيا و33 مستشفى جهويا و121 مستشفى محليا و2100 مركز لتقديم الخدمات الصحية الأساسية، وفق إحصائيات لوزارة الصحة.
ويعاني قطاع الصحة العام بتونس من تقادم البنية التحتية والتجهيزات وعزوف الأطباء المختصين عن العمل في المناطق الداخلية، وافتقار مستشفيات المناطق المهمشة، وهي مناطق داخلية تشمل الشمال الغربي والجنوب، إلى معدّات طبية حديثة.
ورفع المحتجون لافتات تندد بالظروف السّيئة لعمل الكوادر الطبية وصمت الحكومة أمام وضع القطاع الصّحي، خاصة بعد وفاة الطبيب بدرالدين العلوي (27 عاما) في المستشفى الحكومي بمحافظة جندوبة (شمال غرب) الخميس إثر تعطل وسقوط مصعد كهربائي كان على متنه.
وردد المحتجون هتافات، منها “لا لتهميش قطاع الصّحة”، و”بدرالدين ضحية الفساد”، و”استقالة يا وزير”، و”أعوان الصّحة متضامنون”.
وقال الدكتور محمد الهادي السّويسي، الكاتب العام لنقابة الصيادلة وأطباء الصحة العمومية بالاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية)، إن “حادثة وفاة الدكتور الشّاب بدرالدين العلوي رحمه الله تعتبر فضيحة تتحملها وزارة الصّحة، بسبب التقصير في إصلاح المنظومة الصّحية”.
وتابع أنه “لا توجد إرادة حقيقية لتحسين ظروف العمل في المستشفيات بسبب التغييرات المتعاقبة للوزراء”.
وشدد على أن “هذا الوضع لا يجب أن يستمر، والوزارة يجب أن يشرف عليها وزير مستقر، يضبط استراتيجية إصلاح لتحقيق نتائج ملموسة”.
فيما قال شكري عزوز، أمين عام عمادة الأطباء، إن “مطالبنا عديدة ومعروفة، وهي تحسين ظروف العمل بالمستشفيات وتوفير الكرامة للأطباء الشّبان، الذين يختارون الهجرة على العمل في تونس”. وأضاف أن “مشاكل القطاع الصّحي تراكمت، ووفاة زميلنا في ظروف كارثية أفاضت الكأس”.
وتابع “العاملون في قطاع الصّحة يطالبون بإنهاء الفساد وتوفير الدعم المادي والإشراف المستمر والعناية أكثر بالأطباء الشّبان، لتوفير أفضل الخدمات للمواطنين”.
وأردف “رغم انتشار الفساد ما زال يوجد شرفاء قادرون على الإصلاح متى توفرت الرغبة والإرادة في التغيير والخروج من هذا النّفق”.
ولم ينجح الانتصار الذي حققته تونس ضد وباء كورونا في حجب تدهور القطاع الصحّي في البلاد والذي يشمل البنية التحتية والخدمات والأجهزة الاستشفائية، وتعمقت هذه الأزمة بعد ثورة يناير 2011 مع تعاقب حكومات أهملت الاعتناء بقطاع الصحة العمومية متعللة بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ويرى مراقبون أن تدهور قطاع الصحة يعود أساسا إلى الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فيما تتهم أطراف حزبية حكومات تونس المتعاقبة بإغراق البلاد في دوامة اقتراض استهلاكية حالت دون تخصيص أموال للاستثمار في البنية التحتية الصحية.