أصوات معارضة حماس لا تزال أضعف من تغيير الواقع على الأرض

تردد الفلسطينيين في المشاركة بكثافة في المظاهرات يعزى إلى ضعف المعارضة، وغياب فتح عن قيادة الاحتجاجات.
الأحد 2025/03/30
احتجاجات تخيف حماس

غزة- عبّرت المظاهرات التي شهدتها بعض المناطق في القطاع عن غضب لدى طيف من الغزيين على سياسة حماس القائمة على تقديم مصالحها الحزبية على مصالح الناس، وأنها بدل أن تدعم الهدنة وتتنازل لإنجاحها بهدف إنقاذ حياة المواطنين وتخفيف أعباء الحرب عنهم، فقد خيرت عودة الحرب طالما أن مصالحها هي كحركة لم تتحقق.

لكن شهود عيان يقولون إن العدد، وإن كان بلغ بضعة آلاف في بعض المظاهرات، إلا أنه ما يزال محدودا ما يجعل رسالة الضغط على حماس التي بعث بها المتظاهرون محدودة التأثير، وأن الأمر يحتاج إلى مظاهرات أوسع نطاقا لتشمل مناطق جديدة وفي نفس الوقت تتم بشكل يومي حتى تدفع حماس إلى أخذ رأي الشارع بالاعتبار في خططها.

وكان صمت الغالبية من سكان القطاع وراء انفراد حماس بالقرارات وسهل عليها اتخاذ قرار الحرب في أكثر مرة، وخاصة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 وقد كانت تعرف أن الرد الإسرائيلي سيكون قاسيا وأن عدد الضحايا سيكون بالآلاف ومع ذلك غامرت وشنت الهجوم وفكرت فقط في المكاسب التي ستجنيها كحركة أو استرضاء جهات خارجية داعمة لها.

◄ حماس تعمل ما في وسعها على الوصول إلى الاستقرار بقبول المبادرات الخارجية والاستعداد لأيّ صفقة المهم ألا تكون مشروطة بشكل واضح بإخراج قادتها من غزة

وتكمن المشكلة في أن الكثير من السكان ينتقدون حماس وقرارها بخلق اشتراكات لعرقلة التهدئة، ويتهامسون بذلك في ما بينهم، لكن لا يشاركون في التظاهر، وفي نفس الوقت لا يترددون في الإشادة بحماس والتصفيق لخياراتها في حال التقوا بمسؤول من الحركة أو في مجلس لمقربين منها، وأنهم يتجنبون إثارة غضبها رغم أنهم يكرهونها.

وتأتي قوة حماس وسيطرتها على القطاع من صمت الناس، وأنه لو قرر الآلاف التحرك بشكل متزامن في مناطق مختلفة، فإنهم سيضعونها في موقف صعب، فإما أن تقبل بالتظاهر وتسعى لاسترضاء الناس أو أنها تختار مواجهة الناس وقمع الاحتجاجات، ما يوسع دائرة الغضب ضدها وقد يطيح بها، وأن الأمر مرهون بتحرك جماعي منظم.

ورغم ما يحاول أن يظهره المتحدثون باسم حماس من تماسك، لكن ردودهم على الاحتجاجات يؤكد خوفهم من توسعها، وما لجوؤهم لتنفيذ الإعدام في حق مجموعة من المتخابرين ونشره على نطاق واسع إلا بهدف تخويف الناس ودفعهم إلى التراجع عن المشاركة في الاحتجاجات حتى لا يتم اعتبارهم عملاء لإسرائيل وكأن التظاهر للمطالبة بتحسين الوضع أمر مرفوض.

ويقول حسن منيمنة، الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إنه يجب وضع هذه التظاهرات في سياقها الواقعي. ويضيف “لا تبدو أنها مسيرات كبيرة جداً، فهي تعبير عن الكبت والقمع، ليس من جانب حماس فحسب، ولكن نتيجة للحرب عامة. لا يمكن إنكار حق أيّ شخص في الاعتراض ولكن لا يجب تَصوّر هذا الاعتراض على أنه مدفوع من جانب خارجي“.

حسن منيمنة: يجب وضع هذه التظاهرات في سياقها الواقعي

ويعزو مراقبون تردد الفلسطينيين في المشاركة بكثافة في المظاهرات إلى ضعف الفصائل المعارضة في غزة، معتبرين أن وجود قيادات معروفة وذات مصداقية في المظاهرات سيجعل الناس يحذون حذوها ويرفعون أصواتهم بالرفض، وهذه القيادات غير موجودة حاليا ليس فقط لبطش حماس بالخصوم، ولكن لأن المعارضة ضعيفة.

وكان واضحا غياب حركة فتح عن قيادة الاحتجاجات وتأطيرها والدفع بها إلى المستوى الذي يضغط على حماس لتقديم تنازلات خاصة أن للحركة قاعدة شعبية كبيرة توازي أو تفوق حماس، لكن الخلافات داخل فتح ومغادرة أبرز قادتها للقطاع وضعف صورة السلطة الفلسطينية المحسوبة على الحركة كلها عناصر ساهمت في إخلاء الساحة لصالح حماس.

وساهم غياب قيادات فتح في تحول جزء من جمهور الحركة إلى دعم حماس إن بشكل جدي أو خوفا من الاستهداف وطمعا في الحصول على مزايا مثل التمتع بأولوية المساعدات. ومع تلاشي تأثير بقية فصائل منظمة التحرير في غزة، تضاءلت فرص التغيير في القطاع.

وخوفا من تحرك نوعي يربك سلطتها ويكون مدعوما من قوى إقليمية، فإن حماس تعمل ما في وسعها على الوصول إلى الاستقرار بقبول المبادرات الخارجية والاستعداد لأيّ صفقة المهم ألا تكون مشروطة بشكل واضح بإخراج قادتها من غزة.

وضمن مسار طمأنة المتداخلين في الملف، تقول حماس بشكل واضح إنها مستعدة للتخلي عن حكم المرحلة القادمة، وأن ما تقوم به حاليا هو إجراءات خدمية بعيدة عن أيّ توظيف سياسي.

وأعرب المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، السبت، عن آماله في تشكيل إدارة مؤقتة للقطاع في أقرب وقت، وفق الرؤية المصرية التي تم التوافق عليها مسبقا، وقال إن المؤسسات القائمة حاليا تعمل في إطار خدماتي بحت بمنأى عن الأبعاد السياسية.

وقال المكتب الحكومي في بيان “نأمل أن يتم تشكيل الإدارة المؤقتة لقطاع غزة في أقرب وقت ممكن وفق الرؤية المصرية التي تم التوافق عليها“.

 

اقرأ أيضا:

       • مقترح مصري - قطري لتهدئة مؤقتة بمناسبة العيد يواجه بتصلب إسرائيلي

      • صرخة غزّة… في وجه "حماس" ونتنياهو

1