أصوات الأفارقة في "إكسبو 2030" تطيح بقمة نواكشوط للتنمية العربية

نواكشوط استجابت لطلب تأجيل القمة التنموية الذي تلقته من الرياض التي ترتبط معها بعلاقات قوية.
السبت 2023/10/07
مساع سعودية لتعميق العلاقات مع أفريقيا

نواكشوط - تتطلع المملكة العربية السعودية إلى تأمين أصوات الدول الأفريقية لفائدة ملفها الذي تقدمت به لاستضافة معرض إكسبو 2030، وذلك أثناء التصويت الذي سيجري في مقر الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض في باريس خلال نوفمبر المقبل.

وبعد أربع سنوات من التأجيل، عادت الرياض لدعوة القادة الأفارقة لحضور القمتين السعودية - الأفريقية والعربية - الأفريقية اللتين ستستضيفهما يوم الحادي عشر من نوفمبر، مقابل تهميش القمة التنموية والاقتصادية والاجتماعية العربية الخامسة التي كانت ستنعقد في نواكشوط يومي السادس والسابع من نوفمبر القادم.

وقالت مصادر متطابقة إن قرار التأجيل جاء بطلب من الرياض وبالاتفاق مع الجامعة العربية والدول المنخرطة فيها، ووفق المصادر، فإن الحكومة الموريتانية اتخذت قرارها بتأجيل القمة، على أن يحدد لها موعد لاحق خلال العام المقبل، فيما بدأت التنسيق بخصوص القرار مع الجهات المعنية به، وخصوصا الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

ويرى مراقبون أن المملكة اختارت تجنيد كل إمكانياتها لفائدة هدفها بالحصول على استضافة إكسبو 2030، ولم تنظر بعين الاعتبار إلى القمة التنموية التي كانت تراهن عليها أغلب الدول العربية وخاصة الفقيرة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها.

◙ السعودية اختارت تجنيد كل إمكانياتها لفائدة هدفها بالحصول على استضافة إكسبو 2030 ولم تنظر بعين الاعتبار إلى القمة التنموية التي كانت تراهن عليها أغلب الدول العربية

وكان قد تم في مناسبات عدة تأجيل عقد القمتين السعودية – الأفريقية، والعربية - الأفريقية اللتين كان من المقرر أن تستضيفهما المملكة في العام 2019 والعام 2020 ثم 2022 وصولا إلى الموعد الجديد وهو نوفمبر القادم، وذلك بعد التنسيق مع رئاسة الجانب الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي.

وبحسب وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، فإن بلاده كانت تراهن على القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية لتقديم مبادرة من الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، حول الاقتصاد الأزرق للبحث في حل مشاكل الطاقة والأمن الغذائي في الوطن العربي، لكن الظروف التي أطاحت بالقمة تركت طموحات الدولة المضيفة في التسلل.

ويعود الإعلان عن استضافة موريتانيا للقمة الخامسة إلى ختام الدورة الرابعة للقمة الاقتصادية التنموية التي عقدت في بيروت عام 2019، والتي كان من أهم نتائجها الالتزام الكامل بتنفيذ القرارات التي تم اتخاذها والمشاريع التي تبنتها القمم العربية التنموية السابقة في دوراتها المتعاقبة، وأهمية إزالة الحواجز والعقبات التي تحول دون تنفيذها، بما يمكن من استكمال مسيرة العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك، ويخدم المواطن العربي ويحسن من مستوى معيشته.

وفي مايو الماضي، وجه الرئيس ولد الغزواني دعوة للقادة العرب للمشاركة في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وفي منتصف سبتمبر، زار وفد من جامعة الدول العربية برئاسة الأمين العام المساعد رئيس مكتب الأمين العام حسام زكي نواكشوط بهدف الاطلاع على التحضيرات الخاصة بالقمة، وعقد عدة جلسات عمل مع العديد من المسؤولين في كل من الرئاسة الموريتانية ووزارتي الخارجية والاقتصاد.

واستجابت نواكشوط لطلب تأجيل القمة التنموية الذي تلقته من الرياض التي ترتبط معها بعلاقات قوية، حيث تعد المملكة من أبرز ممولي المشاريع في موريتانيا من خلال تمويلها على مدى السنوات الماضية بـ53 مشروعا إنمائيا ما بين قروض ومنح بقيمة تجاوزت 776 مليون دولار.

في المقابل، فوجئت أغلب العواصم العربية بتأجيل قمة موريتانيا التي لم يحسم القرار بشأنها إلا الأسبوع الماضي، وهو ما يشير إلى حالة الارتجال التي طبعت القرار والأسباب التي تقف وراءه، وكذلك إلى فقدان التعاون العربي في مجال التنمية رمزيته التي كان سيتمحور حولها لقاء نواكشوط.

وفي الأثناء، تسعى السعودية منذ سنوات إلى تعميق العلاقات مع القارة الأفريقية، حيث يقدم الصندوق السعودي للتنمية قروضا ومنحا بلغ عددها 580 لأكثر من 54 دولة أفريقية، بقيمة تقارب 13.5 مليار دولار، كما أن لدى المملكة مشروعات وقروضا ومنحا مستقبلية سينفذها الصندوق في الدول النامية الأفريقية تتجاوز قيمتها 800 مليون دولار خلال الفترة المقبلة، بحسب وزارة الخارجية السعودية.

وأكد المستشار بالديوان الملكي السعودي أحمد قطان أن “الشراكة المهمة بين السعودية وأفريقيا ستسهم في إنجاح القمتين السعودية – الأفريقية الأولى والعربية – الأفريقية الخامسة”، وأعرب عن “أمل بلاده في العمل مع كل الدول الأفريقية لتحقيق أهداف التنمية خلال الحقبة الزمنية القادمة”، موضحا أن “السعودية هي أول دولة دعمت تنفيذ الأجندة الأفريقية عام 2063 من خلال مشاريع التنمية الضخمة".

◙ الصوت الأفريقي الداعم للمملكة سيكون حجر الأساس لقوى التنمية الحقيقة السعودية - الأفريقية والطريق ستكون مفتوحة أمام الرياض للفوز بقرار تنظيم إكسبو 2030

وبحسب أوساط سعودية، فإن الصوت الأفريقي الداعم للمملكة سيكون حجر الأساس لتحقيق نقلة نوعية لمفاهيم جديدة لقوى التنمية الحقيقة السعودية  الأفريقية، فيما يرى مراقبون أن الطريق ستكون مفتوحة أمام الرياض للفوز بقرار تنظيم إكسبو 2030 أمام بقية المدن المرشحة، وهي روما الإيطالية وبوسان الكورية الجنوبية وأوديسا الأوكرانية.

ويقترح العرض السعودي تنظيم الحدث خلال الفترة من الأول من أكتوبر 2030 إلى الحادي والثلاثين من مارس 2031، بما يتزامن مع ظروف مناخية مثالية في البلاد، مع رصد ميزانية تناهز 7.3 مليار دولار لاستضافة الحدث الكبير توزّعت بواقع 5.85 مليار دولار للنفقات الرأسمالية، و1.47 مليار دولار للنفقات التشغيلية.

وعقدت أول قمة أفريقية - عربية سنة 1977 في القاهرة، اتفقت خلالها منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا) وجامعة الدول العربية على إستراتيجية للتعاون الاقتصادي والسياسي لم يكتب لها النجاح إلى حد الساعة، إلا أن قرار الجامعة العربية بتجميد عضوية مصر بالجامعة بعد توقيعها على اتفاقيات كامب ديفيد سنة 1978 حال دون مواصلة عقد هذه القمة، إذ رفضت منظمة الوحدة الأفريقية إقصاء عضو من أعضائها، وعقدت القمة الثانية في 2010 حين تم التئام القمة بين الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية من جديد بمدينة سرت (ليبيا) بعد 33 سنة من تاريخ انعقاد القمة الأولى بالقاهرة سنة 1977 . كما عقدت القمة الثالثة في الكويت عام 2013 فيما انعقدت القمة الرابعة في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية عام 2016.

4