أشتية يكشف: ضغوط دولية على السلطة الفلسطينية لتغيير قيادتها

رام الله - كشف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية عن ضغوط دولية تتعرض لها السلطة الفلسطينية لتغيير قيادتها وتكثيف الإصلاحات. واعتبر أشتية أن مثل هذه الضغوط تشتت الهدف المنشود في التوصل إلى أفق سياسي لإرساء أسس السلام بعد حرب غزة. ويدعم المجتمع الدولي فكرة الولايات المتحدة في تولي السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة بعد الحرب، لكن ذلك يستوجب إحداث تغيير على مستوى القيادة الحالية التي لا تلقى أي تأييد فلسطيني، سواء كان ذلك في غزة أو حتى في الضفة الغربية.
ودعا أشتية خلال مقابلة مع وكالة رويترز إلى تدخل دولي لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود قائلا إن الولايات المتحدة التي تتمتع بأكبر نفوذ إقليمي فشلت حتى الآن في استخدام نفوذها بصورة فعالة. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني "ما نحتاج إليه هو غد لجميع الأراضي الفلسطينية. ما نحتاج إليه هو أن نشهد انتهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وتجسيد وتنفيذ حل الدولتين". ويرى محللون أن من الطبيعي أن يدافع أشتية عن بقاء القيادة الحالية للسلطة حيث إن تغييرها سيلحق ضررا بالغا بالمستفيدين منها.
وتتعرض السلطة الفلسطينية التي تأسست في أعقاب توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993 لاتهامات بانعدام الكفاءة والفساد وتضغط عليها واشنطن من أجل تغيير قيادتها، الرئيس محمود عباس البالغ عمره 88 عاما. ودأب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على القول إن واشنطن ترى أن حل إقامة دولتين، دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، هو الحل الوحيد القابل للتطبيق.
لكنه يضغط على عباس لمكافحة الفساد وتمكين المجتمع المدني ودعم حرية الصحافة وضخ دماء جديدة في قيادة السلطة التي يتراجع دعم الفلسطينيين لها منذ أعوام. وأظهر استطلاع، أجرته مؤسسة فلسطينية تحظى باحترام، تراجعا مخيفا في شعبية السلطة الفلسطينية مقابل صعود لافت لحركة حماس.
◙ انتقادات أشتية لا ترتبط في واقع الأمر بالفيتو الأميركي للحيلولة دون وقف الحرب على غزة بل تعود إلى وجود غضب من الضغوط الجارية لتغيير القيادة الفلسطينية
وقال أشتية إن السلطة الفلسطينية وضعت بالفعل مقترحاتها للإصلاح وإن التركيز على التحديات الداخلية تشتيت. وأشتية حليف مقرب لعباس وشارك في فريق التفاوض الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991. وتابع "القضية بالنسبة لنا هي ‘امنحونا أفقا سياسيا'"، مضيفا أن الولايات المتحدة فشلت حتى الآن في ممارسة الضغوط الضرورية على إسرائيل لتفي بتعهدات السلام التي قطعتها. وأضاف "حينما يأتي الأميركيون إلى هنا، لا يملكون ما يقدمونه. حينما لا يملكون ما يقدمونه، يبدأون التحدث عن ضخ دماء جديدة في السلطة الفلسطينية".
وقال أشتية إن رفض الولايات المتحدة السماح للأمم المتحدة بالمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وحثها، في الوقت نفسه، إسرائيل على حقن دماء المدنيين في غزة “تناقض”. وقُتل أكثر من 18 ألفا في غزة. وأضاف "هذا تناقض ينبغي ألا يكون حاضرا. يمكن للولايات المتحدة ممارسة ضغوط جادة على الإسرائيليين، يمكن للولايات المتحدة أمر إسرائيل بوقف الحرب".
وتأتي تعليقات أشتية بعد أن استخدمت الولايات المتحدة رسميا حق النقض (الفيتو) لمنع مجلس الأمن الدولي من المطالبة بوقف إطلاق النار على الرغم من تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الحرب المستمرة منذ شهرين قد تشكل تهديدا عالميا. ويرى مراقبون أن انتقادات أشتية لا ترتبط في واقع الأمر بالفيتو الأميركي للحيلولة دون وقف الحرب على غزة، بل تعود إلى وجود غضب من الضغوط الجارية لتغيير القيادة الفلسطينية.
وكان أشتية نفسه التزم الصمت على مدار الفترة الأولى من الحرب، وكأن ما يجري في غزة لا يعني حكومته، الأمر الذي استفز حتى أعضاء في حركة فتح. وذكر أشتية “المطلوب اليوم من مجلس الأمن الدولي هو أن يقول، مع تقديم جدول زمني شديد الوضوح، إن الاحتلال الإسرائيلي الواقع على الأراضي الفلسطينية منذ 1967 ينبغي أن ينتهي. هذا هو المخرج الوحيد".
وطالب بوقف فوري لإطلاق النار قائلا إن سكان غزة يواجهون مجاعة وإن من الضروري إسقاط شحنات غذائية طارئة من الجو لتفادي وقوع كارثة. وأضاف "يتضور شعبنا جوعا. لا توجد مستلزمات طبية. لا يوجد غذاء".
وتصر إسرائيل على الاحتفاظ بالسيطرة الأمنية على غزة لضمان ألا يتكرر هجوم حماس الذي تقول إنه أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأجنبي واحتجاز 240 رهينة واقتيادهم إلى غزة. ويفيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضا بأن إسرائيل لن تسمح للسلطة الفلسطينية بإدارة غزة، قائلا إن إسرائيل تختلف مع واشنطن في مسألة كيفية إدارة القطاع "بعد حماس".
وقال أشتية إن الرئيس الأميركي جو بايدن وبلينكن ومسؤولين أميركيين آخرين تحدثوا “بلغة سياسية جيدة جدا” عن حل إقامة الدولتين وإنهاء الاحتلال لكن الدعم الشفهي غير كاف. وأضاف "ما نحتاج إليه حقا من الولايات المتحدة هو أي نوع من الإجراءات القابلة للتنفيذ. نحتاج من واشنطن أن تتحرك، لا أن تتحدث فحسب. كثيرة هي الإجراءات التي يمكن لواشنطن أن تتخذها لكنها لا تتخذها".