أشباه داعش في أفريقيا.. انتهازيون يبحثون عن أرض

لندن - لم يخف النجاح الأمني في كبح جماح تنظيم داعش خلال السنوات التي تلت صعوده الدموي في العراق وسوريا ومناطق مختلفة من العالم، المخاوف الحقيقية من عودة أنشطته في المرحلة المقبلة. ويستغل التنظيم مناطق الصراعات لإحياء خلاياه الإرهابية لتنفيذ هجمات دامية.
ويتبع التنظيم المتطرف نفس أسلوب تنظيم القاعدة، الذي يتزعمه أيمن الظواهري، في عملية التواصل مع فروعه المنتشرة من شمال أفريقيا إلى جنوب شرق آسيا، وفي منطقة الشرق الأوسط خارج سوريا والعراق.
ويرى خبراء في مجال مكافحة الإرهاب أن التنظيم الذي تعرض لهزيمة كبيرة في أبرز معاقله في العراق وسوريا، باق ويشكل خطرا كبيرا على الأمن في أنحاء مختلفة، لكنه لا يتمدد. وعمل التنظيم على شن هجمات متفرقة بعد هزيمته القاسية، وسعى من خلال تلك الهجمات إلى الإيحاء بأنه قادر على المضي قدما في تنفيذ أجندته الدموية.
ويركز التنظيم في الوقت الراهن على تحويل المزيد من المسؤولية من تنظيمه المركزي إلى المجموعات والفروع التابعة له، والمنتشرة في جميع أنحاء العالم. وتبدو مناطق واسعة في أفريقيا أرضية خصبة لإعادة تموقع هذا التنظيم، الذي حوصر بقوة في سوريا والعراق.
ويقول مركز صوفان للأبحاث والتحليل الإستراتيجي إنه “يمكن لأي من الجماعات التابعة لداعش أن تكون مستعدة بشكل أفضل وأكثر تحفيزا خلال الأشهر العديدة القادمة، خاصة إذا تم تخفيف قيود كورونا، مما يعطي تلك الجماعات حرية أكبر ويسهل من أهدافها التي تهاجمها”.
وكان المركز، الذي يهتم بقضايا الأمن العالميّ والتهديدات الناشئة، يسلط الضوء على استعداد ثلاث مجموعات تابعة لداعش للنمو في أفريقيا، وهي تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وتنظيم الدولة الإسلامية في مقاطعة غرب أفريقيا، وولاية وسط أفريقيا التابعة لداعش.
ثلاث مجموعات تابعة لتنظيم داعش تستعد للنمو في أفريقيا، مستغلة الصراعات وانعدام الأمن الإقليمي الأوسع
ويوضح تقرير المركز الإستراتيجي إلى أن هذه المجموعات “أثبتت قدرتها على تنفيذ هجمات تقليدية على غرار المتمردين، بما في ذلك الكمائن والاغتيالات واستخدام العبوات الناسفة”.
وكافحت القوات الأفريقية والفرنسية العاملة في منطقة الساحل الأفريقي لاحتواء التهديد المتزايد الذي يشكله ليس فقط متشددو داعش، ولكن أيضا الجماعات التابعة للقاعدة وسط صراع وانعدام الأمن الإقليمي الأوسع في تلك المنطقة المضطربة.
ويقول الباحثون في مركز صوفان إن “تنظيم داعش أثبت مرارا وتكرارا أنه منظمة انتهازية، وسيسعى إلى التوسع في جميع أنحاء منطقة الساحل، حيث الدول الضعيفة والفساد ومجموعة أخرى من التحديات التي تعمل جيدا في صالح الجهاديين”.
ويرى هؤلاء أن الانتشار الكبير للعنف في منطقة الساحل، يمكن أن يساعد التنظيم المتطرف على التوسع خارج حدود مالي، مما يزعزع من استقرار السنغال والكوت ديفوار وبوركينافاسو.
ويتوقع على نطاق واسع أن يسبب فرع تنظيم داعش بوسط أفريقيا أكبر قلق للمجتمع الدولي، حيث تستمر المجموعة في إظهار قدرات عسكرية متطورة والقدرة على الاستيلاء على الأراضي والسيطرة عليها، مثلما جرى في موزمبيق.
ونجح التنظيم المتطرف في الآونة الأخيرة في شن هجوم عبر الحدود في تنزانيا واستولى على ميناء موسيمبوا دا بريا، مما مكنه من إعادة إمداد مقاتليه وكسب المال من خلال التجارة أو فرض الضرائب على السلع المشروعة وغير المشروعة.
كما يتوقع أن يعمل التنظيم عبر قيادته المتخفية عن الأنظار إلى الموازنة بين الأولويات المتنافسة والتأكد من بقاء الجماعات المنتسبة للتنظيم المركزي نشيطة، وفي نفس الوقت متقبّلة لتوجيهات القيادة الأساسية. لكن هذا الأمر -حسب مركز صوفان- سيظل يمثل تحديا لتنظيم ذي قيادة وسيطرة ضعيفة، ويحجم دائما عن التواصل مباشرة مع تابعيه.
وينظر إلى أن النجاح الأمني في هزيمة داعش في مناطق معينة، قد يغذيها في مناطق أخرى، خاصة أن تغيير ديناميكيات الصراع يمكن أن يعيد تنشيط أي من فروع التنظيم المتطرف أو جميعها في نقاط مختلفة.