أسواق تجارة الجملة أهداف عراقية لامتصاص جزء من البطالة

إحصائيات دولية تُظهر وجود أكثر من ستة ملايين عراقي عاطلين عن العمل.
الاثنين 2024/10/14
أزمة بطالة متفاقمة خصوصا في فئة الشباب

بغداد - تركز الحكومة العراقية أنظارها هذه الفترة على تطوير نشاط الأسواق التجارية المركزية، ليس لتعزيز التنافسية وتعزيز تجربة المستهلكين فحسب، وإنما أيضا من أجل امتصاص جزء من البطالة.

وفي بلد تشكل فيه إيرادات النفط أكثر من 90 في المئة مع تعداد سكان يبلغ أكثر من 46 مليون نسمة تشكل البطالة صداعا للمسؤولين، وهي من بين الأعلى عربيا.

ويعاني العراق العضو في منظمة أوبك من مشكلة بطالة حادة منذ عقدين. وتشير بيانات وزارة التخطيط إلى أن النسبة بلغت 16.5 في المئة بين السكان الذين هم بعمر 18 إلى 63 سنة النشطين، ما يعني أن هناك عاطلا واحدا من كل خمسة أيدٍ عاملة.

وتُظهر إحصائيات دولية وجود أكثر من ستة ملايين عراقي عاطلين عن العمل. ومع تدفق العمالة الأجنبية يتوقّع أن يتزايد العدد بشكل سريع مع ارتفاع الفاتورة المالية المترتّبة عن ذلك.

وتقول لجنة العمل في البرلمان العراقي إن أكثر من أربعة مليارات دولار تدفع سنويا للعمال الأجانب بالعملة الصعبة ويتم تسريبها إلى الخارج.

مظهر صالح: الأسواق المركزية ستخفض نسبة البطالة لكونها مجالا اقتصاديا
مظهر صالح: الأسواق المركزية ستخفض نسبة البطالة لكونها مجالا اقتصاديا

وينضم آلاف الطلاب العراقيين المتخرجين من عشرات الجامعات الحكومية والخاصة في أنحاء البلاد إلى من سبقوهم في رحلة البحث عن فرصة في سوق العمل.

ويتزامن ذلك مع عدم تفعيل الدولة للقطاع الخاص بسبب الفوضى والخلافات بين الفرقاء السياسيين التي شلّت الحكومات المتعاقبة في السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق في عام 2003.

وحسب وزارة التخطيط يسهم القطاع الخاص بنحو 37 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر نصف الأيدي العاملة في البلاد، الأمر الذي يستدعي منح القطاع الفرصة الكاملة لتعزيز تواجده في مختلف مفاصل الاقتصاد.

ويشكل دخول العراق في معركة شاملة لإصلاح الاقتصاد على كافة الأصعدة خطوة مهمة، خاصة وأن المحاولات الحالية ستخدم خطط الحكومة لوضع الأمور في طريق التعافي من التداعيات التي دمرت أساسات الاقتصاد لسنوات.

ولطالما أبدت الكثير من القطاعات تذمرها بسبب وجود فجوات في دفع الأنشطة الاقتصادية على الرغم من أن السلطات عملت على تأسيس أرضية صلبة عقب تخفيف قيود الإغلاق التي فرضت بهدف تطويق جائحة كورونا.

واعتبر مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح أسواق الجملة باعتبارها مجالا اقتصاديا نشطا يمكن أن تقلل من نسب البطالة تدريجيا في حال تم تطويرها.

وفي أبريل 2022، كشفت السلطات عن مساع لتطوير 67 سوقا بمختلف محافظات البلد تشمل أسواقا مباشرة ومعارض ومواقع خزن تابعة لشركة الأسواق المركزية بمخصصات تبلغ 205 ملايين دولار.

ويؤكد خبراء أن السوق المركزية الواحدة بإمكانها توفير ما لا يقل عن 200 موقع بين محلات ومآوٍ ومطاعم ومقاهي وأعمال خدمات وأمن، وهذه المواقع من شأنها توفير 700 فرصة عمل.

وفي ضوء ذلك سيبلغ ناتج المجموع الكلي لجميع مواقع الأسواق المركزية ما يقارب 45 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الدولة على متابعة الأسعار الحقيقية المقدمة للمواطنين بشكل مستمر بما يخدم خطط تحقيق الأمن الغذائي.

◙ 16.5 في المئة نسبة البطالة في بلد يبلغ سكانه أكثر من 46 مليون نسمة، وفق الإحصائيات الرسمية

وتعتقد أوساط اقتصادية محلية أنه من الضروري القطع مع التفكير التقليدي في إدارة وتشغيل هذه الأسواق حيث قامت كل الحكومات المتعاقبة بإعادة تنشيطها وفق شكلها القديم.

وكانت بغداد قد أصدرت في العام 2017 بحل الشركة وإحالتها إلى الاستثمار، ولم ينفذ، حيث استثمرت إحدى الشركات سنة 2018 في خمس أسواق ثم ألغي الاستثمار في العام 2020.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن صالح قوله إنه “سبق وأعلنت الشركة العامة للأسواق المركزية بأنها مستمرة في إحالة مواقعها وأسواقها للاستثمار، بغية تحقيق التوازن الاقتصادي ودعم المستهلك العراقي وتوفير مناخ تشغيلي مرتفع”.

وأضاف “السياسة التسويقية للشركة وعبر إستراتيجية الشراكة مع القطاع الخاص، تولت تفعيل نمط من أنماط استقرار السوق بتوفير منافذ تسويقية تنافسية تلامس احتياجات الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل، عن طريق أفضل المنتجات من حيث الجودة والأسعار”.

وتابع “هذا الأمر ينسجم مع الدور المحوري الذي يمارسه مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الصادر بموجب قانون 2010، فضلا عن دور النشاط التسويقي الذي يقوم على مبدأ الاستثمار”.

وشدد صالح أنها ستكون أداة لتوفير فرص العمل للشباب من المشتغلين العاطلين عن العمل عبر توفر خدمات متنوعة يتطلبها النشاط التسويقي لعمل الأسواق المركزية. وتظهر العديد من المعطيات أن 400 دولار هي في الغالب أقل أجر شهري للعامل المحلي، وبالنسبة للعامل الذي لديه أسرة فإن هذا الأجر كارثة على الأسرة.

وفي العام 2019، دفع الفقر والبطالة ونقص الخدمات العامة عشرات الآلاف من العراقيين الغاضبين إلى احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة لعدة أشهر، للمطالبة بإصلاح شامل لمكافحة الفساد المستشري الذي أعاق أداء الحكومات المتعاقبة منذ الغزو.

10