أسواق الغاز تواجه مفارقة عرقلة الإمدادات وهدوء الأسعار

قطر توقف الشحن عبر البحر الأحمر بعد الضربات الغربية على الحوثيين.
الثلاثاء 2024/01/16
انتظار إجباري إلى حين اتضاح الرؤية

أدى تصاعد التوتر في البحر الأحمر إلى عرقلة ناقلات للغاز الطبيعي المسال من الشرق الأوسط نحو أسواق أوروبا في أعقاب شن الولايات المتحدة وحلفائها ضربات عسكرية على جماعة الحوثي، والتي يبدو أنها لم يكن لها تأثير يذكر على الأسعار.

لندن - أرجأت قطر مؤقتا إرسال شحنات الغاز عبر مضيق باب المندب بعدما أدى تصاعد التوتر إلى زيادة المخاطر في البحر الأحمر الممر الحيوي للشحن، وهو جزء من الطريق الذي يمثل 15 في المئة من حركة الشحن في العالم.

وتم احتجاز ما لا يقل عن أربع ناقلات تستخدم لنقل الغاز القطري خلال نهاية الأسبوع الماضي، بعد الضربة على اليمن ردا على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.

ووفقا لبيانات تتبع السفن من أل.أس.إي.جي، تم تحميل ناقلات الغارية والحويلة والنعمان في رأس لفان في قطر وكان من المفترض أن تتجه إلى قناة السويس، لكنها توقفت قبالة ساحل عمان الأحد الماضي.

وقبل ذلك بيوم توقفت السفينة الركيات التي كانت عائدة إلى قطر في البحر الأحمر. ويتعين على السفن التي تتجنب قناة السويس المصرية أن تدور حول القارة الأفريقية من خلال طريق رأس الرجاء الصالح.

وكانت قطر أحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم من بين عدد قليل من موردي الغاز الذين واصلوا في الفترة الماضية استخدام البحر الأحمر لإرسال الوقود إلى أوروبا.

ويعد البلد الخليجي أكبر مورد للغاز إلى أوروبا بعد الولايات المتحدة، وشكلت شحناتها نحو 13 في المئة من استهلاك أوروبا الغربية في العام الماضي.

عدنان داناني: الطلب في أوروبا أقل من مستويات ما قبل حرب غزة
عدنان داناني: الطلب في أوروبا أقل من مستويات ما قبل حرب غزة

وأكد مصدر مطلع لرويترز الاثنين أن شركة قطر للطاقة، أحد أكبر مصدري الغاز المسال في العالم، “توقفت عن إرسال ناقلات عبر البحر الأحمر رغم استمرار الإنتاج”.

وقال إنها “فترة توقف للحصول على المشورة الأمنية، إذا ظل المرور عبر البحر الأحمر غير آمن فسنمر عبر رأس الرجاء الصالح”، في إشارة إلى المسار الأطول بكثير في الطرف الجنوبي لأفريقيا. وأضاف المصدر “الأمر لا يتعلق بوقف الإنتاج”.

ويمكن للطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، والذي اختارته العديد من شركات الشحن، أن يضيف حوالي تسعة أيام إلى الرحلة التي تستغرق عادة 18 يوما إلى أوروبا.

وشحنت الدوحة أكثر من 75 مليون طن من الغاز في العام الماضي، وفقا لبيانات بورصات لندن. ومن ذلك، ذهب 14 مليون طن إلى المشترين في أوروبا، و56.4 مليون طن إلى آسيا.

وشكلت صادرات الدولة الخليجية من الوقود الأحفوري عموما نحو 13 في المئة من استهلاك غرب أوروبا العام الماضي. وفي حين غيرت العديد من نقلات الغاز مسارها منذ الشهر الماضي، واصلت سفن أخرى الإبحار عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

واضطرت العديد من الشركات إلى تأخير عمليات الإنتاج بسبب وصول الشحنات التي تحتاجها في عمليات التصنيع، في الوقت الذي تشعر فيه الصين أيضا بالقلق إزاء العواقب المترتبة على مصالحها التجارية الرئيسية على طول قناة السويس.

وانخفضت أسعار الغاز الفورية في آسيا إلى أدنى مستوى في سبعة أشهر عند 10.1 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية الجمعة الماضي، مدعومة بمستويات تخزين جيدة في كل من أوروبا وشمال شرق آسيا.

وحتى بعد أن أوقفت الدوحة مؤقتا عبور ناقلات غازها البحر الأحمر، فقد تراجعت الأسعار في الأسواق الأوروبية مع استمرار وفرة مخزونات المنطقة. وتراجعت العقود المستقبلية التي يُنظر لها كمعيار رئيسي للمنطقة بنحو 3.5 في المئة الاثنين بعدما أغلقت على ارتفاع الجمعة.

وانخفضت العقود الآجلة لأقرب شهر استحقاق في هولندا، التي يُنظر لها كمعيار رئيسي لسوق الغاز الأوروبية، بنسبة 1.5 في المئة إلى 31.5 يورو لكل ميغاواط في الساعة.

وفي حين أصبحت التقلبات من سمات السوق، إلا أن المتعاملين يعولون على استقرار وضع إمدادات الغاز الطبيعي نسبيا في القارة هذا الشتاء بعد تخزين كميات قياسية منه العام الماضي. ولا يزال الطلب الصناعي على الوقود ضعيفا.

وقال عدنان داناني، المحلل في شركة رويال بنك أوف كندا أوروبا المحدودة، في مذكرة بحثية “لا يزال الطلب على الغاز في أوروبا أقل بكثير من مستويات ما قبل الصراع في 2023″، في إشارة إلى الحرب في غزة. وأضاف “كان أيضا في معظم العام أقل من مستويات 2022، والتي كانت منخفضة بالفعل”، وفق وكالة بلومبرغ.

ومن المتوقع أن تكون درجات الحرارة في مستوى التجمد في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، أكبر أسواق الطاقة في المنطقة، هذا الأسبوع، مما يعزز الطلب على الغاز للتدفئة وتوليد الطاقة.

◙ 1.5 في المئة تراجع العقود الآجلة في مؤشر هولندا لتبلغ 31.5 يورو لكل ميغاواط في الساعة

ومع ذلك، فإن الاستهلاك الصناعي المنخفض، ومستويات التخزين المرتفعة، وتدفقات الغاز الطبيعي المسال القوية إلى شمال غرب أوروبا، كلها عوامل قد تقيد ارتفاع الأسعار مستقبلا.

وأصبحت أنظمة الطاقة في بلدان أوروبا تعتمد بشدة على سلاسل التوريد العالمية، وعلى الأحداث التي قد تبعد الآلاف من الكيلومترات عن الأسواق المحلية للقارة. وعلى عكس الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب، فإن الطبيعة العالمية لتجارة الغاز الطبيعي المسال تعني أن البائعين يمكنهم الحصول عليه من موردين مختلفين وعبر طرق متعددة.

في هذه الأثناء، استقرت أسعار النفط الاثنين بعد أن ارتفعت واحدا في المئة الجمعة الماضي بفعل مخاوف من أن الحرب في الشرق الأوسط قد تعطل الإمدادات.

ويأتي ثبات أسعار الخام مع موازنة المستثمرين لمخاطر الضربات الجوية التي تشنها واشنطن وحلفاؤها ضد الحوثيين والتي يمكن أن تؤدي إلى إشعال صراع أوسع وتعطيل تدفقات النفط الخام من الشرق الأوسط، مع تراجع أساسيات السوق.

وجرى تداول خام برنت بالقرب من 78 دولارا للبرميل، وكان خام غرب تكساس الوسيط قريبا من 73 دولارا حتى بعد أن تابعت الولايات المتحدة الضربات الأولية ضد أهداف في اليمن بهجوم جديد على منشأة رادار.

وارتفع برنت بأكثر من 4 في المئة عند نقطة واحدة الجمعة الماضي، إلا أنه أنهى الجلسة بمكاسب متواضعة نسبيا بنسبة 1.1 في المئة. وتأثرت أسواق النفط العالمية بالوضع في الشرق الأوسط منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في مطلع أكتوبر الماضي.

11