أسكتلندا خاصرة هشة تهدّد وحدة المملكة المتحدة

الانتخابات وسيلة الانفصاليين لفرض استفتاء ثان على تقرير المصير.
الاثنين 2021/04/05
بريكست يعيد زخم الانفصال

شكّل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) محركا لإعادة الزخم إلى قضية الاستقلال في أسكتلندا، والتي بدا أنها انتهت مع فشل استفتاء تقرير المصير في العام 2014، ما يضع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمام تحدي الحفاظ على وحدة المملكة.

أدنبره – يعول الانفصاليون في أسكتلندا على الانتخابات المحلية التي ستجرى في مايو المقبل، إذ أن فوزهم فيها يفتح الباب أمام ممارسة ضغوط أكبر على الحكومة المركزية في لندن لقبول إجراء استفتاء ثان على تقرير المصير، في وقت أجج انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) النعرات الانفصالية.

وأظهر أحدث استطلاع للرأي أن الأحزاب القومية يمكن أن تفوز بـ”أغلبية ساحقة” مؤيدة للاستقلال في الانتخابات التي ستجرى في مايو المقبل.

ومن المتوقع أن يفوز الحزب القومي الأسكتلندي الذي تتزعمه رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن بـ65 مقعدا في الانتخابات التي ستجرى في السادس من مايو المقبل مما يعطي الحزب أغلبية ساحقة.

ويشير استطلاع للرأي إلى أن حزب الخضر الأسكتلندي المؤيد للاستقلال يمكن أن يحصل على ثمانية مقاعد، بينما حزب “ألبا” الذي يتزعمه الزعيم الأسكتلندي السابق أليكس سالموند ربما يحصل على ستة مقاعد.

وهذا من شأنه أن يعطي للأحزاب المؤيدة للاستقلال 79 من أصل 129 مقعدا في برلمان أدنبره ويشكل ما يسمى بـ”الأغلبية المطلقة” التي يقول سالموند إنها لازمة لزيادة الضغط على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للموافقة على إجراء استفتاء ثان بشأن الاستقلال.

وقانونيا لا تمتلك حكومة أسكتلندا الحق في تنظيم استفتاء على الانفصال دون موافقة الحكومة البريطانية، فيما يرفض جونسون إجراء استفتاء ثان.

وأجرت أسكتلندا في يونيو عام 2014 استفتاءً لتقرير المصير رعته بريطانيا، بيد أن الأسكتلنديين اختاروا البقاء داخل المملكة المتحدة بنسبة 55 في المئة مقابل تأييد 45 في المئة فقط لمساعي الانفصال.

الانفصاليون في أسكتلندا سيستثمرون فوزهم في الانتخابات لإجبار جونسون على قبول استفتاء ثان لتقرير المصير

لكن هذا التصويت كان قد أجري قبل أن تشرع بريطانيا في تنظيم استفتاءٍ حول الانفصال عن الاتحاد الأوروبي والذي صوّت خلاله البريطانيون لصالح الخروج من التكتل الأوروبي بنسبة مئوية كانت أقل من 52 في المئة.

وخلال هذا التصويت كانت نتائج أسكتلندا مغايرة لذلك، حيث رغب 62 في المئة من الأسكتلنديين في البقاء داخل الاتحاد الأوروبي مقابل رفض 38 في المئة منهم وفضلوا خيار الانفصال عن التكتل الأكبر في القارة العجوز.

ويعتقد مراقبون أن مؤيدي الاستقلال في أسكتلندا سيبحثون عن سبل أخرى للانفصال عن المملكة المتحدة حال فوزهم في انتخابات 2021 التي يراهنون عليها لإجبار الحكومة البريطانية على تنظيم استفتاء ثان لتقرير المصير.

ومن بين الخيارات المطروحة الذهاب إلى المحكمة لإلغاء شرط الحصول على إذن لإجراء الاستفتاء بموجب القانون الخاص بأسكتلندا. وأما الخيار الآخر فيتمثل في إجراء الاستفتاء رغما عن الحكومة المركزية وإعلان الانفصال من جانب واحد في حال التصويت لصالح الاستقلال.

لكن الخيار الثاني قد يمهد الطريق لحدوث توتر مع الحكومة المركزية على غرار التوتر الذي حصل عقب إعلان إقليم كتالونيا الاستقلال من جانب واحد، كما يهدد بفقدان تأييد الاتحاد الأوروبي كما حصل مع إقليم كتالونيا.

وتخوض ستورجن حملة تعبئة غير مسبوقة في أسكتلندا من أجل حشد الرأي العام للالتفاف حول فكرة الانفصال مستغلة نزعة قومية أسكتلندية انتعشت بفعل انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.

وتشير أستاذة السياسة الإقليمية في جامعة أدنبره نيكولا ماك إيون إلى أن “الحزب الوطني الأسكتلندي يأمل في أنه كلما كان أداؤه الانتخابي أقوى سيكون صعباً على رئيس الوزراء البريطاني مواصلة الرفض”.

Thumbnail

ومع ذلك لا توجد مؤشرات على الإطلاق على أن زعيم المحافظين بوريس جونسون سيستسلم للمطلب الأسكتلندي في نهاية المطاف. فإذا استقلت أسكتلندا فهي ستدخل الاتحاد الأوروبي وتتخلى عن الجنيه الإسترليني وستقيم حدوداً أكثر صرامة مع بريطانيا للحفاظ على وحدة السوق الأوروبية الموحدة.

ويرى متابعون أن أسكتلندا ستكون الخاسر الأكبر في صورة الانفصال خاصة وأن إمكانية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي تصطدم بمعوقات كثيرة.

ويشير هؤلاء إلى عدد سكان أسكتلندا القليل ومواردها المحدودة إضافة إلى أن بريطانيا هي السوق الأكبر للبضائع والعمالة الأسكتلندية، كما أن تأسيس دولة قوية بعملة جديدة يستغرق سنوات طوال لن تكون بريطانيا فيها داعماً لأسكتلندا.

ولن تتنازل بريطانيا في حال الانفصال عن حصة مرضية من نفط الشمال، وسيكون ترسيم الحدود قاسياً ومؤثراً في حق الأسكتلنديين، ما يعيق انضمامهم للاتحاد الأوربي.

ويطرح خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي تساؤلات حول قدرتها على الحفاظ على وحدتها، فيما عزز بريكست الرغبات المحلية بالاستقلال في كل من أسكتلندا وأيرلندا الشمالية .

ويرى نائب مدير مركز “يوروبيان ريفورم” للدراسات جون سبرينغفورد أنه “بالنسبة إلى سؤال ما إذا كان بريكست سيؤدي إلى نهاية المملكة المتحدة، فالأمر ممكن بالتأكيد، وربما هو النتيجة الأكثر ترجيحا”.

5