أسعار النفط في منحى هبوطي جراء صدمة التعريفات وسياسة أوبك+

الانخفاض الكبير في أسعار النفط بنسبة فاقت 6 في المئة خلال أسبوع، يُعد أول بوادر تسونامي التعريفات الجمركية الأميركية.
الثلاثاء 2025/04/08
وتراجعت الأسعار بشكل حاد

لندن- قلصت أسعار النفط خسائرها قليلا بعد أن تراجع الخام الأميركي إلى ما دون 60 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أبريل 2021، لكنها تظل ترزح تحت ضغوط الخوف من إمكانية أن تؤدي الحرب التجارية المتصاعدة إلى ركود عالمي يُضعف الطلب على الطاقة.

والاثنين انخفض سعر برميل برنت بنسبة 3.87 في المئة إلى 63.2 دولار، وهو أدنى مستوى له في السنوات الأربع الأخيرة، بينما اقترب خام غرب تكساس الوسيط من 60 دولارا.

وتراجعت الأسعار بشكل حاد في أول يوم تداول من الأسبوع مع تجديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطابه الصارم بشأن الرسوم وإعلان تحالف أوبك+ عن خطط لزيادة الإنتاج في مايو المقبل وتخفيض السعودية سعر خامها بأكبر قدر في أكثر من عامين.

رياض النزال: التوترات ضربت الأسواق رغم استثناء النفط من الرسوم
رياض النزال: التوترات ضربت الأسواق رغم استثناء النفط من الرسوم

ويعزو محللون هذا الهبوط إلى سياسة ترامب التجارية وسياسة أوبك+، والتي أثارت قلقا واسعا من تباطؤ اقتصادي قد يطال الولايات المتحدة والعالم، وبالتالي يؤدي إلى تراجع في الطلب على النفط، رغم أن الخام لم يكن من السلع المشمولة مباشرةً بتلك الرسوم.

وإذا ظلت الأسعار قريبة من 60 دولارا للبرميل لفترة طويلة فمن المرجح أن يُبطئ مُصنّعو النفط الصخري الأميركيون عمليات الحفر، وسيضطرون إلى إعادة تقييم مستويات إنفاقهم لبقية 2025 وفي 2026، وفق توقعات صحيفة وول ستريت جورنال، الأحد.

وأشارت وكالة بلومبيرغ إلى تخفيض شركة أرامكو السعودية سعر خامها العربي الخفيف لأكبر المشترين في آسيا بأكثر من المتوقع لشهر مايو، بعد مرور أيام قليلة على إعلان أوبك+ عن زيادة كبيرة مفاجئة في الإنتاج.

ووفق وثيقة تسعير الأحد، التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، فقد خفّضت أرامكو أسعار بيع الخام العربي الخفيف لزبائنها في آسيا، بمقدار 2.3 دولار إلى 1.02 دولار فوق مؤشر أسعار دبي/سلطنة عمان.

وقال الخبير النفطي رياض النزال في تصريح لبلومبيرغ الشرق إن “الانخفاض الكبير في أسعار النفط بنسبة فاقت 6 في المئة خلال أسبوع، يُعد أول بوادر تسونامي التعريفات الجمركية الأميركية،” مضيفا أن “التوترات ضربت الأسواق، رغم استثناء النفط من الرسوم.”

وأشار إلى أن السوق تواجه حاليا ضغوطاً مزدوجة تتمثل في ضعف الطلب العالمي بسبب تباطؤ الاقتصاد، وزيادة المعروض، في ظل ارتفاع مخزونات الخام الأميركية، وإعلان أوبك+ خطط رفع الإنتاج خلال الفترة المقبلة.

وأضاف “كل هذه المعطيات تجعل من غير المرجح أن يتجاوز سعر البرميل 75 دولارا حتى نهاية هذا العام، وهو مستوى يقل عن التوقعات في موازنات معظم الدول النفطية.”

وشهدت أسعار النفط هذا التراجع بعدما أعلنت الصين عزمها فرض رسوم بنسبة 34 في المئة على جميع السلع الأميركية، ردا على قرارات مماثلة أصدرها ترامب ضدها. ومن المقرر أن تدخل الرسوم الصينية حيز التنفيذ الخميس المقبل.

وتعد مستويات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب ونطاق تأثيرها هي الأعلى والأكبر منذ أكثر من قرن، وقد أدت إلى هبوط حاد في أسواق المال العالمية.

58

دولاراً للبرميل لخام برنت، و55 دولاراً لخام غرب تكساس الوسيط التوقعات للمتوسط السنوي للعام 2026

وقالت فاندانا هاري مؤسسة شركة فاندا إنسايتس في سنغافورة لبلومبيرغ “بدأت الأسواق الأسبوع وهي لا تزال في حالة ذعر.” وأضافت “لا أحد يجرؤ على تحديد قاع السوق والوقوف في وجه موجة البيع العارمة.”

ومع استمرار حالة عدم اليقين، ستبقى أسواق النفط عرضة لتقلبات حادة خلال الأشهر المقبلة، في ظل صراع بين قوى العرض والطلب، وتوازن هشّ بين قرارات السياسة التجارية في واشنطن وتوجهات الإنتاج في أوبك+.

ويراقب المستثمرون عن كثب ما إذا كانت هذه العوامل ستبقي الأسعار تحت الضغط أو تُشعل موجة صعود جديدة مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية. ولم يستبعد النزال أن تؤدي تطورات جيوسياسية إلى قلب المشهد في عالم النفط بالنظر إلى التوترات الجيوسياسية من الشرق إلى الغرب.

وأوضح أن “التهديدات الأميركية المتكررة تجاه إيران، والغارات ضد جماعة الحوثي في اليمن، فضلاً عن احتمال فرض قيود إضافية على صادرات روسيا وفنزويلا، قد تفرز توترات تدفع الأسعار إلى الصعود مجددا.”

وخفض بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس توقعاته لسعر خام برنت حتى شهر ديسمبر، بمقدار 4 دولارات للبرميل ليصل إلى 62 دولارا، في ثاني مراجعة نزولية لتوقعاته خلال أقل من أسبوع.

وكتب محللون من بينهم دان سترويڤن في مذكرة بتاريخ 6 أبريل “نقوم بخفض توقعاتنا لأسعار النفط مجددا، بعد أن أخذنا في الحسبان تخفيضات توقعات الناتج المحلي الإجمالي التي أعلن عنها اقتصاديونا خلال الأيام الماضية، بما في ذلك تباطؤ الاقتصاد الأميركي.” كما تم تخفيض التوقعات لسعر خام غرب تكساس الوسيط لشهر ديسمبر بمقدار 4 دولارات أيضاً، ليصل إلى 58 دولارا للبرميل.

أما التوقعات للمتوسط السنوي في عام 2026 فقد أصبحت الآن 58 دولاراً للبرميل لخام برنت، و55 دولاراً لخام غرب تكساس الوسيط، أي أقل بمقدار 4 إلى 5 دولارات من الأسعار الآجلة المسجلة عند إغلاق الجمعة الماضي، بحسب ما أشار إليه المحللون.

10