أسعار القمح تقاوم وفرة المعروض العالمي وقوة الدولار

لندن - تتجه أسعار القمح في الأسواق العالمية نحو أطول سلسلة تراجع لها منذ أكثر من خمسة أشهر، في ظل توقعات بوفرة المعروض خلال الموسم الحالي وقوة سعر صرف الدولار رغم سياسة خفض الفائدة الأميركية.
وتشير تقديرات وزارة الزراعة الأميركية إلى أن الإنتاج العالمي للقمح سيصل إلى مستوى قياسي في موسم 2024 – 2025، إذ من المرجح أن تنتج أستراليا محصولا وفيرا، وتحقق بعض مناطق أميركا الجنوبية، وخاصة الأرجنتين، حجم محصول أفضل من المتوقع.
وفي الولايات المتحدة تراجع إنتاج القمح الأحمر الشتوي الصلب، الذي يُستخدم في صنع دقيق الخبز ويُعد الأكثر زراعة في أكبر اقتصاد في العالم.
ومع ذلك أشار جاك سكوفيل، سمسار الحبوب في مجموعة برايس فيوتشرز، في تصريح لوكالة بلومبيرغ إلى أن المزارعين زرعوا المحاصيل الشتوية في ظل ظروف جيدة.
وقال “لقد شهدت أستراليا كميات كبيرة من الأمطار التي أثرت على جودة القمح، لكنها مازالت تمتلك محصولًا ضخمًا للتصدير في الأسواق العالمية.”
ويرى خبراء أن قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) بتخفيض أسعار الفائدة عدة مرات كان من بين الاحتمالات التي دعمت قوة العملة الأميركية، الأمر الذي ساهم في كبح أسعار القمح.
وتظهر المؤشرات أن العقود المستقبلية للقمح في بورصة شيكاغو تراجعت الخميس الماضي، وذلك لليوم السادس على التوالي، في أطول سلسلة خسائر منذ أواخر شهر يونيو الماضي. كما يتجه سعر القمح إلى تسجيل ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي.
وسجل عقد القمح القياسي انخفاضا بواقع 15 في المئة للطن الواحد منذ بداية العام الحالي، نتيجة المخاوف من فائض الإمدادات العالمية في عام 2025.
وانخفضت العقود الآجلة للقمح تسليم مارس المقبل بنسبة 1.7 في المئة لتصل إلى 5.33 دولار للبوشل الذي يعادل 27.2 كيلوغرام.
وخفض المجلس الدولي للحبوب أواخر نوفمبر توقعاته لإنتاج القمح العالمي في الموسم الحالي جزئياً بمقدار مليوني طن، ليصل إلى 796 مليون طن، بسبب تراجع التوقعات في الاتحاد الأوروبي.
15
في المئة نسبة انخفاض أسعار الطن من القمح منذ بداية العام الحالي، وفق المؤشرات
ومع ذلك، ربما يكون الزخم الهبوطي محدودا بسبب تراجع حجم المحصول في روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، وتقليص موسكو صادراتها من هذه المادة منذ الصيف الماضي.
وخفضت شركة الاستشارات سوف إيكون الأسبوع الجاري توقعاتها لإنتاج روسيا خلال العام الحالي إلى أدنى مستوى منذ 2021. وأعلنت الحكومة الروسية الجمعة أنها حددت حصة تصدير القمح للنصف الثاني من موسم التصدير 2024 – 2025 عند 10.6 مليون طن.
ويمثل هذا الرقم انخفاضا عن حصتها البالغة 11 مليون طن التي أعلن عنها في أواخر الشهر الماضي الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وهو اتحاد تجاري يضم روسيا وأربع دول أخرى من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة.
وخفضت روسيا حصة التصدير بنسبة 62 في المئة من 29 مليون طن في الموسم الماضي، وذلك في إطار إجراءات تحسين العرض المحلي ومكافحة التضخم الذي يبلغ حاليا 9.2 في المئة.
وقالت الحكومة في بيان “اتُخذ القرار مع مراعاة التوازن المتوقع بين إنتاج محاصيل الحبوب واستهلاكها في السوق المحلية.”
وتوقع محللون خفض الحصة في ضوء ارتفاع وتيرة الصادرات في الأشهر القليلة الماضية وحصد محصول أسوأ من المتوقع بسبب سوء الأحوال الجوية في معظم المناطق المنتجة للقمح في روسيا.
وتسمح روسيا بتصدير الحبوب دون حصص من يوليو إلى يناير، وهو النصف الأول من موسم التصدير، ثم تطبق الحصص على نحو 260 متعاملا محليا، مسموح لهم ببيع الحبوب للخارج من 15 فبراير إلى 30 يونيو من كل عام.
وفي خضم ذلك يراقب المحللون تأثيرات ظروف الطقس القاسية على إنتاج القمح في كبرى الدول المصدرة، ما قد يخفض المخزونات التي كان من المتوقع بالفعل أن تصل إلى أدنى مستوياتها في تسع سنوات، بينما تغذي ارتفاعا مفاجئا في الأسعار في الأسواق العالمية.
ويضغط الجفاف، الذي يصيب الموردين من روسيا إلى الأرجنتين، على إنتاج الغذاء، ما يجعله ضعيفا، حيث أشعلت الهجمات الروسية الأخيرة على سفن الحبوب في البحر الأسود المخاوف بشأن الحرب التي تحد من الإمدادات.
وبينما خسرت الأرجنتين وأستراليا، وهما أكبر مصدرين في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، عدة ملايين من أطنان القمح بسبب الجفاف والصقيع، أثر نقص الرطوبة على زراعات محاصيل عام 2025 في روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة.