أسعار الاستهلاك في الجزائر عند ذروة ربع قرن

الجزائر تتوقع نموا في عوائد النفط والغاز إلا أنها تواجه معضلة معقدة لتأمين الغذاء.
الأربعاء 2022/11/23
عوائد الطاقة في الاتجاه السليم.. لكنها لا تكفي

الجزائر - رصد صندوق النقد الدولي تسارعا في وتيرة ارتفاع التضخم في السوق الجزائرية الذي بات "مصدر قلق كبير"، متأثرا بانعكاسات ما يحصل في العالم على الرغم من بروز تحسن في نمو الاقتصاد مدفوعا بانتعاش أسعار الطاقة.

ولاحظت بعثة الصندوق في اختتام مشاورات المادة الرابعة مع السلطات الجزائرية أن متوسط أسعار الاستهلاك بلغ خلال الأشهر الأخيرة 9.4 في المئة على أساس سنوي وهو مستوى لم يسجل على مدار 25 عاما.

وتنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي.

ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد.

وفي حين تتوقع الجزائر نموا في عوائد النفط والغاز، إلا أنها تواجه معضلة معقدة لتأمين الغذاء تتمثل في مشكلة استيراد التضخم نتيجة التهاب الأسواق العالمية في ظل الأزمة المستمرة في شرق أوروبا والذي ينذر باستهلاك دولارات النفط التي يجنيها البلد.

صندوق النقد الدولي: الاعتماد على عوائد الطاقة والإنفاق العام يشكلان خطرا
صندوق النقد الدولي: الاعتماد على عوائد الطاقة والإنفاق العام يشكلان خطرا

وشكّل ملف الحبوب صداعا مزمنا للحكومات المتعاقبة طيلة سنوات من خلال إنتاج محلي لا يسد الطلب لأكثر من 40 مليون نسمة، هم تعداد سكان البلاد، وارتفاع كبير ومتواتر في فاتورة الاستيراد.

ومع أن سعر البرميل الذي يحوم حاليا حول 80 دولارا بعدما تجاوز مع اندلاع الحرب في أوكرانيا 130 دولارا يمنح بارقة أمل للسلطات لمعالجة الاختلالات المالية، إلا أن الوفرة المتوقعة في الإيرادات قد تؤدي إلى تحويل جزء كبير منها لتوفير السلع الأساسية.

وما تزال التوترات بين روسيا وأوكرانيا تلقي بظلال سلبية على الأسواق العالمية، حيث تسجل أسعار السلع الرئيسة بقيادة النفط والغاز والقمح ارتفاعات متتالية، في وقت شهد الاقتصاد العالمي موجة تضخم اعتبارا من مارس الماضي هو الأعلى منذ عقود.

وتنتج الجزائر العضو في منظمة أوبك مليون برميل يوميا من النفط الخام، لكن اقتصادها يعاني من تبعية مفرطة لعائدات الطاقة التي تمثل قرابة 90 في المئة من إيرادات البلاد من النقد الأجنبي.

وقالت بعثة الصندوق في بيان مساء الاثنين الماضي إن "آفاق الاقتصاد الجزائري تحسنت على المدى القريب بشكل ملحوظ، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي".

وأوضحت أن "ارتفاع أسعار الطاقة يساعد على تعزيز تعافي الاقتصاد الجزائري بعد صدمة الوباء، وقد أدت الإيرادات الاستثنائية للمحروقات إلى تخفيف الضغوط عن الحساب الجاري لميزان المدفوعات والمالية العامة".

وتتوقع البعثة أن يسجل رصيد الحساب الجاري هذا العام أول فائض له منذ العام 2013 بعدما ارتفعت الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة إلى 53.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة مع 46.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

أما الصادرات غير النفطية للبلاد فبلغت بنهاية سبتمبر الماضي 5 مليارات دولار وتتوقع السلطات بلوغها سبعة مليارات بنهاية هذا العام، في رقم تاريخي غير مسبوق منذ استقلال البلاد عام 1962.

وتوقعت المؤسسة المانحة أن يستمر تعافي الاقتصاد الجزائري من صدمة الوباء، مع تسارع نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع غير النفطي إلى 3.2 في المئة في 2022، مقارنة مع 2.1 في المئة في 2021.

ومع ذلك ترى بعثة الصندوق أن استمرار الاعتماد الكبير على إيرادات الطاقة، والزيادة الكبيرة في الإنفاق العام المتوقع لعام 2023، يؤديان إلى مخاطر ملحوظة على المالية العامة وسط تقلب أسعار المواد الأولية.

وتوقع وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب في وقت سابق هذا العام نمو إنتاج بلاده من النفط والغاز بنحو 3 في المئة على أساس سنوي مع زيادة الإيرادات بواقع 45 في المئة لتصل إلى نحو 50 مليار دولار.

11