أسعار الأرز تكسر حاجز الذروة منذ 15 عاما

لندن– كسرت أسعار الأرز في الأسواق العالمية حاجز الذروة الذي بلغته قبل 15 عاما بسبب التغير المناخي والقيود التي تفرضها الهند أكبر منتج ومورد على مستوى العالم.
ويتنامى قلق أسواق الغذاء العالمية من اتساع فجوة فقدان الأرز، الأمر الذي قد يتسبب في عودة اضطراب الإمدادات، بينما تحاول الحكومات تأمين غذاء المستهلكين، فيما العالم مازال يراقب ما ستؤول إليه المفاوضات بشأن استئناف اتفاقية البحر الأسود.
وارتفعت الأسعار على خلفية تزايد القلق من أن تؤدي زيادة الطلب وتأثير ظاهرة النينيو المناخية إلى نقص شديد في معروض هذه الحبوب التي تعتبر غذاء أساسياً للمليارات من البشر في مختلف أنحاء آسيا وأفريقيا.
وقفزت أسعار الأرز الأبيض التايلاندي بنسبة 2.5 في المئة الأربعاء الماضي مقارنة بالأسبوع الماضي إلى نحو 650 دولارا للطن، وفقا لجمعية مصدري الأرز التايلاندي.
وبذلك يكون سعر هذا الأرز المعياري في قارة آسيا قد سجل أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2008.
مسار الشحن البديل قد يقلص إمدادات الأرز الهندي طويل الحبة ويرفع سعر البسمتي بنحو 20 في المئة
وآخر مرة حلقت فيها الأسعار إلى تلك النقطة كانت في أوائل أغسطس الماضي، مع تعرض محصول تايلاند لمخاطر الطقس الجاف، وبداية فرض الهند قيودا شاملة على تصدير الأرز، وهي أكبر دولة مصدرة لهذه الحبوب.
وبعد تراجعها في معظم شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين، تسارعت وتيرة الزيادة في الأسعار خلال شهر نوفمبر الماضي.
ويقول المختصون إنه قد يترتب على ذلك استمرار ارتفاع مستوى تضخم أسعار الغذاء في الأشهر المقبلة، لاسيما في الدول التي تعتمد على الأرز مثل الفلبين.
وهدد ظهور النينيو خلال العام الجاري بتدمير العديد من المناطق الزراعية الرئيسية في جميع أنحاء آسيا، فقد حذرت تايلاند بالفعل من حصول جفاف في أوائل عام 2024.
وتُنتج آسيا وحدها ما يقرب من 90 في المئة من المحاصيل الشرهة في استهلاك المياه، كما تستهلك دولها النسبة ذاتها من الإمدادات العالمية. وعلى الرغم من محاولة الدول الأخرى الأكثر زراعة للأرز طمأنة المستهلكين بأن الإمدادات وفيرة، فإن جهودها لم تقدّم الكثير لتهدئة الأسواق.
ويشعر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالقلق من تسارع معدل التضخم في أسعار الغذاء قبل الانتخابات العامة التي ستُجرى في العام المقبل.
ولا تزال أسعار الأرز تواصل الارتفاع رغم القيود الصارمة على التصدير وزيادة المحصول ووفرة مخزون البلاد من هذه الحبوب، وفقا لوزارة الصناعات الغذائية.
وارتفعت أسعار هذه السلعة الأساسية بنحو 12 في المئة سنويا على مدى العامين الماضيين، وقد طالب المسؤولون مضاربي الأرز بتخفيض أسعار التجزئة.
وقال مصدر مطلع لرويترز الخميس إن “صادرات الهند قد تنخفض بنحو أربعة إلى خمسة مليارات دولار هذا العام بسبب القيود التي تفرضها على تجارة القمح والأرز والسكر”.
650
دولارا سعر طن الأرز التايلاندي المعياري، بارتفاع 2.5 في المئة عن الأسبوع الماضي
وأوضح أن صادرات الهند من الأرز البسمتي قد تتأثر هي الأخرى إذا استمرت التحديات الناجمة عن الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي في البحر الأحمر.
وأشار إلى أن نيودلهي ربما تدرس طريقا بديلا حول أفريقيا لشحنات الأرز البسمتي، الأمر الذي قد يرفع الأسعار بنحو 15 إلى 20 في المئة. وقال إن “مسار الملاحة البديل قد يؤثر أيضا على صادرات الهند من الأرز طويل الحبة إلى مصر وأوروبا”.
وعلق راجيش أجاروال المسؤول في وزارة التجارة بالقول إن “الهند تتوقع مع ذلك أن يعوض نمو صادرات سلع زراعية أخرى العجز في بعض الصادرات هذا العام”. وأضاف في مؤتمر صحفي “إذا استثنينا السلع الزراعية التي تخضع صادراتها لقيود مثل القمح والأرز، فإن الصادرات ستنمو بنسبة تتجاوز الأربعة في المئة”.
وتابع “لذلك، على الرغم من عجز نواجهه بنحو أربعة إلى خمسة مليارات دولار بسبب القيود المفروضة على السكر والقمح والأرز، من المفترض أن نكون قادرين على الوصول إلى مستويات صادرات العام الماضي”.
وتظهر بيانات من الهيئة الحكومية لتنمية صادرات المنتجات الزراعية والأغذية المصنعة في الهند أن صادرات اللحوم ومنتجات الألبان ومستحضرات الحبوب والفواكه والخضروات ارتفعت بين أبريل ونوفمبر من العام الجاري.
وفي علامة أخرى على زيادة الطلب على الأرز التايلاندي قال رئيس وزراء تايلاند سريتا تافيسين هذا الأسبوع إن “إندونيسيا تعتزم شراء مليوني طن من بلاده في نهاية العام المقبل”.
يأتي ذلك وسط توقعات بأن تؤدي ظاهرة النينيو، التي تتسبب في جفاف وحرق المحاصيل في آسيا، إلى تخفيض إنتاج تايلاند من الأرز بنحو 6 في المئة خلال موسم 2023 – 2024.
وتتعارض الزيادة في أسعار الأرز خلال العام الجاري بشكل صارخ مع أداء المحاصيل الأساسية الأخرى، مثل القمح والذرة.
وزادت أسعار الأرز الأبيض التايلاندي بنسبة 36 في المئة العام الماضي، فيما انخفضت عقود القمح الآجلة في شيكاغو بنسبة 20 في المئة، وهي تتجه إلى تسجيل أول تراجع سنوي لها في سبعة أعوام.
كما فقدت عقود الذرة الآجلة نحو 30 في المئة من قيمتها خلال العام الجاري، بحسب المعطيات المتوفرة عن نشاط سوق الذرة.