أسر تتحدى الأعراف وتسجل بناتها في نادي سباحة مختلط في غزة

عائلات فلسطينية ترسل بناتها لتعلم السباحة في نادي مختلط في قطاع غزة المحافظ، وبلغت نسبة الفتيات في الفريق 30 بالمئة.
الثلاثاء 2018/10/23
الحلم لا يعترف بالحدود الاجتماعية

غزة (فلسطين) – على شاطئ بحر بيت لاهيا في شمال غزة، تتلقى نحو خمس عشرة فتاة دروس السباحة على أمل المشاركة في بطولات عالمية، متحديات الظروف القاسية وتلوّث البحر، جنبا إلى جنب مع الذكور، في مشهد غير مألوف في القطاع.

ترتدي الفتيات قمصانا حمراء وسراويل سوداء، ويتدرّبن جبنا إلى جنب مع الذكور على حركات رياضية قبل السباحة في البحر، غير عابئات بالتلوّث الذي يغمر شواطئ غزة.

وهذا النادي هو الأول الذي يستقبل الإناث في قطاع غزّة المحافظ، وتتراوح أعمار مرتاديه بين 11 و16 سنة.

ينادي المدرّب أمجد طنطيش فريقه لإعطاء التعليمات، فيما تمرّ على مقربة من الشاطئ باخرة متّجهة للرسوّ في ميناء زيكيم الإسرائيلي الواقع على بعد كيلومتر واحد.

ويحاول هذا الفريق أن يشقّ طريقه رغم الصعوبات الكثيرة التي تعترضه وأبرزها التلوث ونقص الوسائل.

ويقول المدرّب “لدينا العديد من الفرص للمشاركة في مخيمات تدريب خارجية وفي مسابقات عربية لكن السفر يظل عائقا أساسيا”.

ومنذ أكثر من عقد تفرض إسرائيل حصارا مشددا برا وبحرا وجوا على قطاع غزة الفقير. وتفتح مصر منذ أشهر معبر رفح أمام الحالات الإنسانية والطارئة فقط، وقبل ذلك كان هذا المنفذ الوحيد مغلقا بشكل شبه تام طيلة سنوات. وقد ساهم هذا الحصار، وما نتج عنه من ضعف في البنى التحتية، في التسبب في تلوّث كبير في شواطئ بحر غزة الذي تلقى فيه يوميا، وفقا للأمم المتحدة، 100 مليون لتر من مياه الصرف الصحّي من دون معالجة.

وفي بعض المناطق الأكثر تلوّثاً تبدو مياه البحر ذات لون داكن. إضافة إلى ذلك، ووفقا للمدرّب، يفتقر الفريق التابع لنادي السباحة لأبسط المعدات مثل النظارات والزعانف، والمسابح المؤهلة وأي شكل من الدعم.

لكن ذلك كلّه لا يثنيه عن السعي إلى تحقيق طموحات كبرى، منها المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 2020.

ويقول عبدالرحمن البالغ 16 عاما، وهو أحد أعضاء الفريق، “أريد أن أصبح بطل سباحة، مع أننا نواجه صعوبات في التمرين بسبب عدم وجود مسابح وملابس خاصة وأدوات للتدريب”.

وتمرّ رانية (32 عاما) مع زوجها على الشاطئ، وتشاهد تدريب السباحة المختلط فتبدي دهشتها وإعجابها قائلة “في غزة بنات وأولاد يتعلمون معا السباحة؟”، بدا لها أن المشهد غريب في القطاع. وتضيف “جميل أن يكون لفتياتنا هذا الطموح”.

يروى المدرّب البالغ 42 عاما أن تأسيس فريق من الفتيان والفتيات لم يكن أمرا مقبولا في البداية. ويقول “لقد واجهنا متاعب ومصاعب كبيرة في البداية.. لكن الأمر بات الآن أكثر قبولا”. ويضيف “هناك عائلات ترسل بناتها لتعلّم السباحة معنا، وقد بلغت نسبة الفتيات في الفريق 30 بالمئة”.

وتنهي رقيّة البالغة 14 عاما تدريباتها مع الفريق، وتبدو الحماسة كبيرة على وجهها، وتقول “أريد أن أصبح سبّاحة ومنقذة لأشارك في مسابقات أولمبية عالمية”. وبدأت رقية السباحة قبل ثلاث سنوات وانضمت في الآونة الأخيرة للفريق بتشجيع من أهلها. وتقول “نحن نتدرّب في البحر، لكن نريد مسابح كبيرة مخصّصة للتدريب الأولمبي لكي نتمكن من النجاح”.

ويحاول الفريق المختلط في نادي السباحة في غزة التقدّم في تدريباته والوصول إلى اكتساب المؤهلات التي تمكنه من المشاركة في المسابقات العالمية.

كما يطمح مدرب الفريق والمتدربون إناثا وذكورا في رياضة السباحة إلى تحقيق أحلامهم في هذه الرياضة والخروج من حالة العزلة التي يعيشونها. وبالرغم من العراقيل والصعوبات ونقص الموارد وغياب وسائل التدريب، إلا أن تعلّقهم بأحلامهم جعلهم يتمسّكون بها بعزيمة وإصرار.

ويتجاوز تكوين النادي والفريق الأهداف الشخصية للرياضيين القائمين عليه والمتدربين فيه وطموحاتهم الرياضية إلى كونه حمل طابعا يميّزه ويجعله استثناء في قطاع غزة، حيث قبلت الأسر تسجيل بناتها في ناد مختلط حيث يمارسن شغفهنّ وهوايتهنّ جنبا إلى جنب مع أقرانهم من الذكور، وتحدّت هذه الأسر وبناتها الثقافة الاجتماعية السائدة في المجتمع الذي يرفض غالبية أفراده هذا الاختلاط، خصوصا في رياضة مثل السباحة.

21