أساتذة كلية الفنون الجميلة بدمشق يجتمعون لأول مرة في معرض جماعي

دمشق- عاد المركز الوطني السوري للفنون البصرية لممارسة نشاطه مع عودة إدارته لكلية الفنون الجميلة، من خلال افتتاح معرض فني اليوم لأعمال أساتذة الكلية منذ تأسيسها عام 1960 وصولا إلى الوقت الحالي.
يضم المعرض المستمر حتى السابع والعشرين من فبراير الجاري أكثر من 120 عملا فنيا لـ78 فنانا وفنانة، تنوعت تجاربهم بين مدارس وأساليب وتقنيات فنية وموضوعات متعددة في فنون التصوير والحفر والنحت والتصميم الغرافيكي، ضمن مشهد فني بانورامي عكس مراحل مرت بها الحركة التشكيلية السورية والأجيال التي شهدتها كلية الفنون الجميلة.
وعن فكرة المعرض قال عميد الكلية الدكتور فؤاد دحدوح “أردنا أن يكون المعرض درسا تعليميا لطلابنا، وبذات الوقت نافذة سورية نطل من خلالها على العالم، لأن للعمل الفني أثره الكبير على مجتمعات العالم المتحضر”، وأضاف أن العمل في المركز سيتركز في المرحلة القادمة على الاستفادة المثلى من إمكاناته، بما يخدم الطلاب والفنانين السوريين.

من جهته أوضح منسق المعرض الدكتور عبدالناصر ونوس أن فكرة إقامة هذه الفعالية كانت هاجسا قديما لدى أساتذة الكلية لتقديم رؤية بانورامية تضم أعمال كل الأسماء التي تركت بصماتها وتأثيرها على طلاب الكلية، عبر مسيرتها، وكذلك تركت بصمتها على الحركة الفنية السورية عموما، وخاصة بعد عودة المركز لممارسة دوره الحقيقي الذي شوه منذ افتتاحه عام 2015 خلال حكم النظام السابق.
ولفت ونوس إلى أن الأعمال المعروضة من مقتنيات وزارة الثقافة إضافة إلى مقتنيات الصالات الخاصة، وأعمال أرسلها أصحابها من الخارج مثل الفنانين فارس قره بيت وبطرس المعري.
من جانبه قال الدكتور إحسان عنتابي المشارك في المعرض “جئت للمعرض رغم مرضي لأشاهد أعمال زملائي ممن رحلوا عن عالمنا لأتذكرهم، ولأستعيد فهرسا كاملا للمراحل التي مرت بها الكلية والحركة الفنية في سوريا”، ورأى أن الانفتاح الفكري والثقافي المترافق مع انتصار الثورة يدعم الرؤية المستقبلية لبلدنا، وأن الفن جزء أساسي من حركة الحياة وتطور الإنسان.
أما الدكتور محمد غنوم فلفت إلى أن أهمية المعرض تكمن في احتضانه كل أجيال أساتذة الكلية منذ التأسيس ممن وضعوا اللبنات الأولى للفن الأكاديمي في سوريا، وكرسوا حرية التعبير كنهج لهم ولطلابهم، إضافة إلى أن المعرض يفتح صفحة جديدة في مسار الحركة الفنية السورية، ضمن الحراك الثوري المنتصر لتؤدي رسالتها الثقافية والإنسانية والوطنية.
وعبّر الدكتور سائد سلوم عن تفاؤله بالمستقبل، بما يخص أداء كلية الفنون الجميلة والفن التشكيلي السوري عموما، مع عودتهما لممارسة دورهما الثقافي والحضاري الرائد في سوريا وعلى مستوى العالم بعد سقوط النظام البائد، داعيا محبي الفن إلى المجيء إلى دمشق لمشاهدة المعرض.

من جانبه أكد الناقد سعد القاسم أن عرض أعمال الرواد المؤسسين لكلية الفنون هو فرصة كبيرة أمام الطلاب والفنانين ومحبي الفن لمشاهدتها بشكل مباشر، وهذا يعيد العلاقة الإبداعية بين الأستاذ والطالب، والتي كانت مكرسة في بدايات عمل الكلية واختفت بعدها لتصبح علاقة تدريسية فقط.
وأشار إلى أن كلية الفنون الجميلة لا تملك متحفا ولا مقتنيات حاليا، رغم تراكم أعمال الأساتذة والطلاب لديها لسنوات، جراء تفريط بعض الإدارات السابقة بهذه الأعمال، وتقديمها كهدايا لمسؤولين ومتنفذين لا يعرفون قيمتها الحقيقية.
وتمنى الفنان والخطاط منير الشعراني أن تستمر هذه المعارض النوعية في المركز، وأن تعود كلية الفنون لتخريج فنانين حقيقيين، وليس كما كان يحصل في السنوات الأخيرة.
ووجدت الفنانة التشكيلية يمام غنوم أن المعرض قدم فرصة نادرة لمشاهدة أعمال مؤسسي كلية الفنون وأساتذتها عبر سنوات عملها الطويلة، مما يساهم في تعزيز الثقافة الفنية والبصرية، والحوارات والنقاشات بين الفنانين والطلاب.
بدورها قالت الفنانة الشابة جودي شخاشيرو، وهي خريجة الكلية عام 2022، إنها جاءت لمشاهدة أعمال أساتذتها والتعرف على طرق تفكيرهم وتجاربهم، وهذا لم يكن متاحا في السابق على حد تعبيرها.
أما الفنانة الشابة مريم الفوال، وهي أيضا خريجة عام 2022، فشعرت بالغرابة لكونها تشاهد لأول مرة أعمال أساتذتها، ومن سبقوهم في التدريس بالكلية، بعد أن اعتادت أن يشاهد الأساتذة أعمال الطلاب، واعتبرت أنه من المفيد للطلاب والفنانين التعرف على تجارب رواد الفن السوري ومؤسسي كلية الفنون الجميلة.
من جانبه علق الأديب والناقد التشكيلي أديب مخزوم على الفعالية قائلا “معرض أساتذة كلية الفنون الجميلة في دمشق يشكل تظاهرة فنية وتوثيقية غير مسبوقة لأعضاء الهيئة التدريسية في كل المراحل، ومنذ تأسيس كلية الفنون، والأهم أنه يأتي في مرحلة مصيرية دفعت البعض إلى القول إن النشاط الفني والثقافي متوقف وخاصة في المراكز الثقافية في دمشق، لأن هناك أولويات، متجاهلين، أن الفن هو الحياة، ولا حياة بلا فن وهو ضرورة حياتية وليس مظهرا من مظاهر الترف الثقافي.”
والمركز الوطني للفنون البصرية الذي يقع مقره في العاصمة السورية دمشق، صنف عند تأسيسه في العام 2015 كأكبر وأحدث مركز تخصصي في الشرق الأوسط، تعرض فيه الأعمال الفنية السورية الحديثة من نحت وحفر وتصوير زيتي وتصوير فوتوغرافي وفن البصريات.
يقع المركز في جامعة دمشق، كلية الفنون الجميلة، ويضم صالات عرض بالإضافة إلى قاعة ورشات عمل في الطابق السفلي من الصالة حيث يقام فيها مختلف أنواع الورشات الفنية ومسرح يتسع لنحو ألف زائر.